مقارنة بين ماقدمه الايوبيون والعثمانيون لحلب وبين ما قدمه المحتلون الجدد
مقارنة بين ماقدمه الايوبيون والعثمانيون لحلب من السبلان والقساطل المائية
وبين ما قدمه المحتلون الجدد من عائلة اسد من مياه بالقنينة وبسعر لا يطاله الا منتسبي عصاباتهم.
بالامس حدثتكم عن احدث مشروع لضخ مياه الشرب النقية لمدينة حلب في العهد الديموقراطي وهو رابع مشروع مائي عالمياً يتم تعقيمه بالاوزون . واليوم احدثكم عما قدمه الايوبيون والعثمانيون من مشاريع مائية قبل ذلك التاريخ بقرون عديدة ،
اعزائي القراء ..
احاول ان أبتعد عن السياسة قليلاً لطرح مواضيع أخرى ذات فائدة ، ولكن عندما أتكلم عن المقارنة بين الماضي والزمن الحالي فلابد أن تكون السياسة في صلب الحديث.
ففي فترة مبكرة من تاريخ حلب لم تكن شبكات المياه قد وصلت البيوت ولكن كان هناك عمل متواصل لاننكره للايوبيين وللعثمانيين ثم لحكومة فيصل وكذلك الحكومات الديموقراطية بعد الاستقلال عن فرنسا جميع تلك العهود تركت بصمات ايجابية على حلب مما وضع سوريا على خارطة التقدم. بعكس مافعله المحتلون الجدد من العصابات الأسدية واسيادهم من تدمير المدن والبنية التحتية ل ٨٠٪ من سوريا .
وقد اخترت موضوع هام يتعلق بتأسيس مياه السبل والقساطل في مدينة حلب ، فهذه المدينة وانطلاقا من عدد سكانها الكبير منذ القدم ومساحتها الواسعة كان لأحياء مدينة حلب الرئيسية سبل في كل حارة وبجانب الجوامع والاسواق ،وقساطل عامة عديدة أمنت للمدينة الماء الصحي الغزير. وعندما بدأت مياه ينابيع حيلان تصل إلى المدينة عبر شبكة من الأقنية أمر السلطان غازي والي حلب وهو الابن الثالث للملك الناصر صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب، الذي ولي شمال سوريا ببناء أحواض كبيرة بسبلان وقساطل في الأحياء. وقد شيد أول حوض مع سبيله داخل باب الأربعين تحت التكية التي قام ببنائها قرب الخندق الروماني. وكان طول الحوض حوالي ٢٠ متراً وينتهي كل من طرفيه الشرقي والغربي بقبة وله قناتان . ثم مد الغازي القناة حتى باب النصر حيث شيد ايضاً حوضاً بطول ٤ امتار ويحتوي على ثلاثة أنابيب. وكان ماء هذا القسطل يجري حتى حي بحسيتا حيث شيد سبيلين اخرين . وبعد ذلك أمر الغازي بمد الفرع الرئيسي للقناة من باب الأربعين حتى الشارع الذي ينتهي قرب مدرسة العصرونية وجامع الحيات ومنها فرع يستمر في سيره نحو السويقة وفرع آخر نحو المدينة وما حولها. وهذا الفرع الأخير كان يتجه إلى حي البلاط "ولا زلت اذكر وانا صغير بيت جدي في حي البلاط التاريخي حيث بئر البيت كان متصلاً عبر قناة تمر تحت كل ابار الحارة والواصلة من قناة حيلان ". وكان فيه سبيل على الجهة المقابلة لشارع الملك الظاهر وبداية شارع دار الديلم ثم يمتد نحو شارع البازار. وكان فرع من هذه القناة يتجه إلى نهاية شارع بني الزهرة وسوق الطيور حيث يوجد قسطل آخر ثم إلى جب أسد الله ومن هنا إلى باب الجنان وجامع القصر حيث بني في كل حي قسطل خاص به .
ولكن مشروعه الأكثر أهمية وفائدة كان بناء صهريج كبير تحت الأرض حيث يمكن جمع المياه التي تصل إلى المدينة وتوزيعها بشكل عادل ومنظم عبر محطات توزيع عديدة. وكانت المياه تصل إلى الجامع الكبير وما يجاورها عبر أنبوب ممتد من هذا الصهريج وأنبوب آخر إلى باب العراق وما حوله وأنبوب ثالث إلى القاضية وما يجاورها ومنها إلى أحياء عديدة أخرى. وبنى السلطان قسطلاً على القناة تتجه إلى الجامع الكبير وأمام القصر العدلي وسوق الصاغة وقناة إلى حمام العفش حيث القسطل يوزع المياه عن طريق ثلاثة فروع:الواحد منهم يغذي نافورة الجامع الكبير والثاني يجتاز باحة الجامع الكبير المركزية ويؤمن مياه الوضوء وحاجات المصلين الأخرى بينما الفرع الثالث كان يتجه إلى باب قنسرين ومحيطه. ويستمر هذا الفرع الأخير ويصل إلى سوق العطارين العتيق ويتفرع قرب تقاطع الطرق إلى فرعين:الأول منهما يسير نحو سوق الحطب والثاني يصل إلى سوق العطارين. وكان هناك فرع من القناة يتجه من باب قنسرين إلى سوق الزجاجين ثم إلى حي أسد الدين حيث كان يوجد سبيل يصل إلى شارع المستشفى حيث القسطل فكان السكان يأخذون ما يلزمهم من الماء ليل- نهار من ثلاث حنفيات. أما القناة المتجهة إلى باب قنسرين حيث اقيم قسطل يوزع مياهه بثلاثة فروع:الأول كان يتجه إلى جامع سيف الدين طارق الواقع في بداية شارع المسلخ وينتهي بقسطل. والفرع الثاني يسير نحو باب قنسرين بينما الفرع الثالث يصل حتى جامع الجرن الأصفر حيث شيد سبيل. ويمتدح أبو المظفر محمد بن محمد الواسطي مشاريع الغازي المفيدة في مدينة حلب قائلاً:((بجره المياه إلى حلب حوّل أراضيها القاحلة إلى بساتين غنّاء وأعاد إحياء حقولها الموات عبر شبكة مياه مؤلفة من آلاف القنوات الفرعية .
معظم القساطل والسبلان القديمة في حلب تم ازالتها عدا بعض منها في الأحياء الشعبية التي لا تزال تسقي السكان كقسطل الحرامي وغيره. وفي العهد العثماني حصلت الأحياء الجديدة في حلب وحتى الأحياء الشعبية الفقيرة البعيدة على مياه عين التل بجهود حاكم سوريا جمال باشا في السنوات الأولى للحرب العالمية الأولى عبر أنابيب حديدية يصل قطرها إلى 30 سم وتُدفع المياه بمضخات هوائية في منطقة الميدان في البرك الكبيرة المبنية على نقطة تقاطع شارع ألكسندر ميللران والرمضانية ثم شيدت البركة الكبيرة الواقعة على الجهة الشمالية من القلعة وقرب الثكنة الكبيرة وهو أكبر صهريج بين جميع صهاريج الشرق الأوسط الحديثة.
اما نبع عين التل وينابيع حيلان التي توزع عبر أقنية تمتد إلى الأحياء والمنازل والسبلان والقساطل فهي مياه صحية ولكن مياه حلب التي تصل من عين التل هي الأجود والأخف للجهاز الهضمي. وقد لوحظ مخبرياً بعد فحص عينة في عام 1926 أخذت من مياه عين التل التي كانت تجري مدة 12 ساعة يومياً أن درجة حرارتها تصل إلى 18 درجة ولا رائحة أو لون أو طعم لها.
اما اكبر مشروع خدمي عصري تم انجازه في العهود الديموقراطية بعد الاستقلال ، فكان مشروع جر مياه الفرات لحلب والذي حدثتكم عنه في مقالة سابقة
وللعلم فقد كانت عملية التعقيم تتم بواسطة غاز الاوزون وكان من المشاريع المائية القليلة التي كانت تعقم بالاوزون .
ماذا عن اليوم؟
اسألوا اهل حلب عن مائهم وانارتهم وشوارعهم وخدماتهم ؟.
بل اسالوا المهجرين في خيامهم ؟.
وسوم: العدد 987