ماذا وراء المحادثات السرية بين واشنطن وحزب الله؟
ماذا وراء المحادثات السرية بين واشنطن وحزب الله؟
عزل السعودية والقضاء على انتفاضة السوري
محمد هيثم عياش
بعيد الاتفاق الذي جرى يوم الاحد من 14 تشرين ثان/نوفمبر في جنيف بين الدول المعنية بملف ايران النووي وايران ارتفعت نبرات خفية سرية تدعو واشنطن للحوار مع حزب الله ، فقد كان من شروط طهران الموافقة على مطالب الدول المعنية ايران بوقفها تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية أيضا حوار الغرب مع ما يُطلق عليه بـ / حزب الله / ومحوه من قائمة الإرهاب . فالاتحاد الاوروبي وضع الجناح العسكري فقط لهذا الحزب في لائحة الارهاب بينما ضمت واشنطن في لائحتها جناحه السياسي .
وقد سبق الاجتماع الذي تم بين الامريكيين وحزب الله لقاء بين دبلوماسيين بريطانيين وعناصر من الحزب اللبناني المذكور تمهيدات للقاء الذي تم بين الامريكيين وحزب الله في اوروبا جراء مطالبة لندن واشننطن بفتح صفحة جديدة مع حزب الله الذي يعتبر ذراع ايران العسكري بمنطقة الشرق الاوسط فلندن وواشنطن تعتقدان ان الحزب المذكور باستطاعته سحب دعمه لجماعة الجهاد الاسلامية التي تحارب الكيان الصهيوني حتى يصبح خطر تلك الجماعة التي تواجه الكيان الصهيوني ضعيفا وبالتالي قطع اي محور اسلامي بمنطقة الشرق الاوسط يصل مصر بسوريا فالإنقلاب العسكري الذي قاده العسكر ضد الرئيس المصري محمد مرسي مكتوب له الفشل وربما يستطيع الاسلاميون بمصر العودة الى الحكم بطريق آخر خلال الاسابيع والأشهر القليلة المقبلة الامر الذي يعني ان المحور الاسلامي الذي يقلق أمريكا وحاولت قطعه سوف يعود مرة أخرى باشد من الأولى ولن يتلقى الجهاد الاسلامي اي مساعدات تذكر من مصر وغيرها لموقفه المتخاذل أزاء الشعب السوري وسحب الحزب دعمه للجهاد الاسلامي ضرورة ملحة لأمن الكيان الصهيوني.
ويعتقد مراقبون سياسيون ان ينتج عن اللقاء الذي تم الاتفاق فيه على محو واشنطن حزب الله من لائحة الارهاب وضغط لندن على الاوروبيين حذف الحزب من لائحة الارهاب الخاصة بهم والسعي لدعم الحزب ماليا ومعنويا لإبقائه مؤثرا على السياسة بالشرق الاوسط وخاصة في لبنان . وبالرغم من الوساطة البريطانية بين الامريكيين والحزب المذكور ومحاولتها على الاوروبيين لمحو الحزب من لائحة الارهاب الا ان هناك دول بأوروبا تعارض ذلك فألمانيا مثلا ومعها فرنسا وهولندا ترى بالحزب حزب ارهابي يرتكب مع رئيس نظام سوريا بشار أسد جرائم ضد الانسانية ووراء عدم استقرار منطقة الشرق الاوسط وخاصة لبنان وبالتالي دعمه لجماعة الجهاد وحماس بمواجهتهما الكيان الصهيوني وتطالب منظمات سياسية القاء القبض على قادة الحزب المذكور مع بشار اسد وأزلاه وتقديمهم الى محكمة العدل الدولية كمجرمي حرب ، بينما يرى الكيان الصهيوني التقارب بين فأمريكا وحزب الله ايجابي وينظرون اليه بارتياح .
ويؤكد سياسيون ان الاجتماع الذي تم بين الامريكيين وحزب الله تتويجا للتقارب الامريكي الغربي مع ايران التي ترى مع حزب الله تخفيف العقوبات الاقتصادية عنها مقابل وقف طهران تخصيب اليورانيوم انتصار للسياسة الايرانية ، هو من أجل عزل السعودية وتركيا عن الصراع في سوريا ، فقطر التي كانت تعتبر من الدول الداعمة لانتفاضة الشعب السوري زمن حاكمها السابق حمد بن خليفة آل ثاني وتصول وتجول على المحافل الدولية من أجل سوريا عادت منذ اعتزال أميرها السابق السياسة واستلام نجله الشيخ تميم الى الظل من جديد وبقيت السعودية وحدها في خضم الصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط ولا سيما في سوريا فموقف السعودية الصامد تجاه قضية الشعب السوري وسعيها لإنهاء ماساته يقلق واشنطن التي لا تريد للسعودية استلام زعامة العالم الاسلامي ولا بد ان يكون هناك توازن بين القوى في منطقة الشرق الاوسط لابقاء العنف في سوريا مستمرا، أي ان التقارب الامريكي مع ايران وحزب الله جاء على حساب السعودية والشعب السوري ورسالة تهديد امريكية الى القيادة السعودية بحضور مؤتمر جنيف /2/ المقرر عقده يوم 22 كانون ثان/يناير عام 2014 المقبل بوجود ايران والا فان ايران ستصبح الدولة العظمى بمنطقة الشرق الاوسط . .
ويرى سياسيون غربيون ان موافقة ايران وقفها تخصيب اليورانيوم خشية طهران من وقوعها بالعنف فالتدهور الاقتصادي الذي تعاني منه جراء العقوبات ساهم الى حد كبير ارتفاع نبرة ضجر الشعب الايراني من سياسة حكومتهم وإصرارها المضي بتخصيب اليورانيوم هذا الضجر ربما يؤدي الى انتقال ما يُطلق عليه بـ /الربيع العربي / الى عقر ايران ، كما ويعرب مراقبو التقارب الامريكي الغربي مع ايران عن أملهم إرغام طهران عميلها حزب الله بسحب ميليشياته من سوريا ووقفه دعم رئيس نظام سوريا بشار أسد بالرغم من وجود فرقا عسكرية ايرانية وروسية وميليشيات شيعية من الكويت والعراق والباكستان يقاتلون الشعب السوري الى جانب نظام أسد . ويرى سياسيون آخرون ان تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية عن ايران ولا سيما عودة الاوروبيين استيرادهم النفط والغاز من تلك الدولة سيساهم مساعدة طهران واشنطن القضاء على أي احتجاج للسياسة الامريكية قد تشتعل بمنطقة الشرق الاوسط وأفغانستان وتثبيت السياسة الامريكية بالمنطقة المذكورة اضافة الى سياسة إذلال شعوب المنطقة المذكورة . ويرى دبلوماسي ايراني ان تقارب بلاده مع واشنطن لا يعتبر فريدا من نوعه فهناك دول لها علاقاتها الوثيقة مع واشنطن فسوريا واليمن وافغانستان والعراق لها علاقات واتفاقيات امنية استراتيجية مع واشنطن وايران تريد من خلال تقاربها مع طهران ارسال رسالة للسعودية بأن ايران دولة قوية ويجب ان تبقى قوية ورسالة واضحة للكيان الصيهوني بأن ايران تستطيع ان تصبح مثل الكيان الصهيوني حليفا قويا لواشنطن بمنطقة الشرق الاوسط .
ويعتقد دبلوماسي غربي بأن التقارب الايراني الامريكي كان وراء زيارة وزيرا الخارجية التركي والإماراتي احمد داودأوغلو وعبد الله بن زأيد آل نهيان لانهاء الخلافات بينهما حول المسالة السورية وبالتالي فان ايران تسعى من خلال زيارة الى البحرين إبعاد الرياض عن المنامة التي تدعم بقوة العائلة المالكة بالبحرين واعلان الرئيس الايراني السابق هاشمي رفسنجاني رغبته بزيارة السعودية لتحسين طهران علاقاتها مع الرياض وان كل التحركات الدبلوماسية هذه تهدف من وراءها إخراج طهران من عزلتها وسحب دول الخليج بمقدمتها السعودية دعمها للشعب السوري ومحاولة لاقناع هذه الدول قبول بشار اسد كرئيس دولة لسوريا أي إعادة الشرعية له بعد ان سحبت دول منطقة الخليج العربي وتركيا وبعض الدول الاوروبية شرعية نظام سوريا مؤكدا ان المباحثات السرية التي جرت بين واشنطن وحزب الله أشارة ايجابية امريكية لطهران قبولها كدولة نووية شرط تعاونها مع الدول المعنية بملفها النووي وإشارة واضحة ايرانية لواشنطن استعدادها قبول ما يمليه الغرب عليها شرط محو عميلها اللبناني حزب الله من لائحة الارهاب والقضاء على انتفاضة الشعب السوري بالرغم من تصريحات رفسنجاني الاخيرة التي اشار فيها انه لا ينبغي لايران ان تتدخل بشئون الشعب السوري فاذا ما اراد السوريون القضاء على بشار اسد فليقضوا عليه ويمكن لواشنطن المساهمة بدعمها الاسلاميين المعتدلين والعلمانيين تشكيل حكومة في دمشق تحت رعاية واشنطن وطهران ومساهمة حزب الله مساعدة واشنطن بتمكين قدميها اكثر من ذي قبل بمنطقة الشرق الاوسط لضرب جميع الحركات الاسلامية التي يقودها اهل السنة والجماعة ضد السياسة الامريكية والايرانية على حد سواء وان المباحثات السرية التي جرت بين واشنطن وحزب الله جاءت من خلال ترحيب ومباركة الكيان الصهيوني ورغبة ملحة وبالتالي طموحات للقادة الحزب المذكور بالتقارب مع الامريكيين وانهاء العداوة بينهما اذ يرى قادة الحزب مع ملالي طهران ان التقارب الايراني الامريكي سيساهم بمساعدة طهران المد الشيعي بمنطقة الشرق الاوسط .
التقارب الامريكي مع ايران وعميلها حزب الله يتطلب من المعارضة السورية التي تسعى لانهاء ماساة شعبها وانهاء نظام الاستبداد وبناء سوريا حرة بالحقيقة وارساء حقوق الانسان والمجتمع المدني شحذ الهمم واليقظة لمواجهة المؤامرة الايرانية الأمريكية الروسية وبالتالي انتهاج سياسة المراوغة مع الامريكيين والروس والتقارب مع الدول الاسلامية التي تريد بحق نصرة الشعب السوري .