من كرامات الحداثة العربية (إحياء الموتى واغتيال الأحياء)
يحتل الإبداع قضية محورية في أعمال الحداثيين العرب المعاصرين، حتى إنهم يعتبرون أنفسهم المبدعين الوحيدين في هذا العصر العربي الذي جف فيه نبع الإبداع، ومن أهم ما تفتق عنه إبداع هؤلاء الحداثيين إحياءهم رموز الزندقة والإلحاد المنكرين لكل رب ودين، مقابل اغتيال كبار المجد العربي الإسلامي .
(أ) إحياء رموز الزندقة : لقد عمل الحداثيون العرب طويلاً ومازالوا ينبشون قبور التاريخ لإخراج كل معادٍ للتراث العربي الإسلامي، ممن جاهروا بالزندقة وإنكار النبوات والمعجزات.. وللأسف أن نجد على رأس هؤلاء (المبدعين!) زمرة من الأدباء؛ نذكر منهم : "طه حسين" الذي يعد أول من تطاول على القرآن الكريم وعلى مقام النبوة كما نذكر بعد قليل، ومنهم كذلك الكاتب المصري "يوسف زيدان" الذي يعد نسخة أكثر ظلاماً من طه حسين، ومنهم أيضاً الشاعر السوري "أدونيس" .. وغيره من أدعياء الأدب .. فيا ضيعة الأدب في هذا العصر قليل الأدب (؟!)
وحتى لا أطيل أكتفي بأمثلة مما عمله هؤلاء الحداثيون لإحياء ذكرى الهالكين من الزنادقة والملحدين ..
- أدونيس : الباحث عن الشهرة بأي ثمن، لا يمل الحديث عن مؤسسي الزندقة في التاريخ العربي، من أمثال "ابن المقفع" و "ابن الراوندي" و "ابن الصياد" و "أبو نواس" يقول أدونيس في تعظيم واحد من أدباء الزندقة : "كان ابن المقفع من أوائل الذين وقفوا من الدين موقفاً عقلياً فانتقد الدين بعامة، وخص الإسلام فانتقد القرآن وما فيه من عقائد"(الثابت والمتحول) ويتابع أدونيس في تعظيم زنادقة آخرين فيقول : "وصل هذا الموقف العقلي إلى أوجه عند ابن الراوندي، وجابر بن حيان، ومحمد بن زكريا الرازي" .. ومن المعلوم أن هؤلاء قد عملوا طوال حياتهم على نقد الشريعة الإسلامية وإنكار المعجزات والنبوات وإعجاز القرآن .. ولا يكتفي أدونيس بتعظيم الزندقة والزنادقة، بل نراه يشوه التاريخ العربي كله لصالح الزندقة فيزعم أن كبار شعراء العربية، كانوا "لادينيّين" ويضرب على هذا مثلاً بالشاعر أبي نواس الذي يعده من أعظم شعراء العربية (؟!)
- طه حسين : الذي خلعوا عليه لقب "عميد الأدب العربي" زوراً وبهتاناً، كرس حياته وأدبه لتعظيم الزنادقة وعلى رأسهم زنديق المعرة "أبو العلاء المعري" الذي خصص له طه حسين ثلاثة من كتبه (صوت أبي العلاء، مع أبي العلاء في سجنه، تجديد ذكرى أبي العلاء) !
(ب) اغتيال كبار المجد العربي الإسلامي : والذين أقدموا على هذه الجريمة النكراء كثيرون، نذكر منهم :
1- طه حسين : وهو من أوائل الذين خططوا لهذه الجريمة، وقد بدأ باغتيال كبيرين من كبار المجد الإسلامي هما نبي الله إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام، ففي كتابه سيء السمعة "في الشعر الجاهلي" أنكر طه حسين وجود هذين النبيين العظيمين اللذين ورد ذكرهما في (الإسلام واليهودية والمسيحية) معتبراً الحديث عنهما أسطورة قائلاً : " للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً، ولكن وروود هذين الإسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخي" ولم يكتف طه حسين بالتطاول على هذين النبيين العظيمين، بل تابع تطاوله حتى وصل إلى القرآن الكريم فحاول اغتياله كذلك، فقد نقل عنه أنه طلب قلماً أحمر لكي يصحح ما في القرآن من أخطاء ! ولم يسلم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من هلوسات طه حسين، فهو فيقول في كتابه "الشيخان" معلقاً على حديث استسقاء عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنهما الذي رواه البخاري، فيقول طه حسين : هذا تكلف مصدره التملق لبني العباس أثناء حكمهم (؟!)
2- يوسف زيدان : دأب طويلاً على الغمز من مقام الصحابي الجليل "عمرو بن العاص" رضي الله عنه، فاتهمه مراراً بأنه أجبر المسيحيين على بيع أولادهم من أجل دفع الجزية، وهي فرية كبيرة تنسب إلى بعض النصارى المتعصبين، الذين يحشون عقول أطفالهم يوم الأحد بهذه الفرية وأمثالها، وهم بهذا ينكرون فضل الفتح الإسلامي لمصر الذي كان خلاصاً وبشارة وتحريراً للمسيحية، من عصور القهر والظلام التي سبقت الفتح لمصر بقيادة عمرو بن العاص، لكن زيدان ينكر كل فضل للفتح العربي على مصر ويكيل أسوأ الاتهامات على فاتحها الكبير عمرو بن العاص، ويتهمه بالنصب والاحتيال ويصوره في صورة زعيم عصابة فيقول في حوار تلفزيوني مع الإعلامي عمرو أديب : "عمرو بن العاص جه فتح الإسكندرية مرتين، وعمل معسكر اسمه الفسطاط، وقعدوا فيه يطلعوا بالخيول وياخدوا فلوس من الناس ...» (؟!)
كما أن زيدان يضيق ذرعاً بأدعياء التنوير والحداثة الذين يعظمون الفقيه الأندلسي "ابن رشد" فينصحهم زيدان باتخاذ الزنديق "ابن سينا" بدلاً من ابن رشد ..
ولم يكتف زيدان بكل محاولات الاغتيال تلك، بل واصل حقده وجهالته حتى حاول اغتيال بطل من أكابر أبطال العروبة والإسلام هو "صلاح الدين الأيوبي" محرر القدس من الصليبيين، فقد ساهم زيدان بنصيب وافر في الحملة المنظمة التي شنها الصهاينة لاغتيال صلاح الدين في عقول المسلمين، وبعد عرض روايات ملفقة عن سيرة صلاح الدين زيدان وصفه زيدان بأنه "أحقر الشخصيات في التاريخ الإنساني" (؟!)
وهكذا يبدو جلياً أن زيدان قد انتسب نهائياً لفرقة الاغتيال، فهو اليوم جزء من "المشروع الإبراهيمي" الذي يجري تنفيذه حالياً في الإمارات العربية وهو المشروع الذي لا يستهدف اغتيال رموز المجد العربي الإسلامي، وإنما يستهدف اغتيال الإسلام نفسه، بإذابته ضمن شوربة الأديان الأخرى التي تطبخ اليوم هناك على نار من حجارة جهنم، فقد ساهم زيدان في هذا المشروع بطرح كتابه "اللاهوت العربي" الذي حاول فيه الجمع بين الأديان الثلاثة (الإسلام واليهودية والمسيحية) بل نجد في الكتاب تلميحات عديدة تنسب كل هذه الأديان إلى مصادر وثنية قديمة(؟!)
3- عدنان إبراهيم : المتزلف للغرب باغتيال رموز الإسلام الكبار؛ فلم يسلم من لسانه أحد من الكبار؛ فقد خصص سلسلة طويلة لاغتيال مقام الصحابي الجليل "معاوية بن أبي سفيان" وقد اجتهد عدنان في تلك السلسلة على نقل كل الروايات التي تستهدف اغتيال معاوية، دون تمحيص لهذه الروايات التي ثبت أن معظمها ضعيف أو موضوع أو لا أصل له ! ومن الصحابة الذين استهدف عدنان إبراهيم اغتيالهم الصحابي الجليل "أبو هريرة" رضي الله عنه، و "الشيخان" البخاري ومسلم، بل وصل عدنان إبراهيم إلى محاولة اغتيال أم المؤمنين "عائشة" رضي الله عنها، فقد ردد عدنان إبراهيم عنها كل ما رواه المجوس والزنادقة وأعداء الإسلام، دونما محاولة من عدنان لتمحيص هذه الروايات (؟!)
4- محمد حبش : هو باحث سوري، من تلاميذ مفتي سوريا الأسبق "أحمد كفتارو" الذي خدم الأنظمة العلمانية زهاء نصف قرن، يعمل حبش حالياً ضمن مشروع "الدين الإبراهيمي" الذي ذكرناه آنفاً، وهو المشروع الذي يستهدف اغتيال الإسلام نفسه (؟!)
وبعد .. فإننا نسأل الحداثيين أدعياء الإبداع : ما الذي يكسبه الإبداع من هذه الجريمة المزدوجة التي ترتكبونها بإحياء الموتى، واغتيال الأحياء ؟!
وسوم: العدد 996