سيتفكك ولن يقدر على إيران.. الجيش الإسرائيلي على بؤرة الاستهداف

حين تحسم المعركة على الشرطة لمصلحة مجرم إرهاب مدان وعصبة الصيصان التي ترافقه، ينتقل الانتباه إلى مؤسسات الدولة التالية في القائمة. لن يسقط القارئ عن كرسيه إذا أخبرته بأن المحكمة العليا والنيابة العامة هما الهدف الأول، لكنه قد يتفاجأ لمعرفة أن وزير العدل المرشح يريف لفين هو الشخصية الأكثر تضليلاً في الحكومة الوافدة. لن يخزن لفين الوقود كي يشعل الطرقات، ولن يهدم البسطات في سوق الخليل. فهو رجل أديب تشتعل فيه النار: بطريقته، ليس أقل راديكالية من حلف زعران سموتريتش وبن غفير. هو يقتاد نتنياهو إلى الحد الأقصى.

الهدف الثاني هو “الشاباك”؛ على بؤرة الاستهداف أيضاً أعماله بإحباط الإرهاب اليهودي، وكذا أعمال إحباط الإرهاب العربي. تركيبة الكابينت والصلاحيات التي أعطيت لبن غفير في الاتفاق الائتلافي تشكك في مكانته الحالية بتحديد القرارات في الحكومة فيما يتعلق بالسياسة المتبعة في “المناطق” [الضفة الغربية] واستمرار تعاونه مع الأجهزة الفلسطينية. سيمارس ضغطاً لتغيير قانون “الشاباك” بطريقة تفرض على الجهاز إدارة تحقيقات جنائية في الوسط العربي. وسيطالب الوزراء الجدد بسياسة جديدة تجاه منفذي الإرهاب العرب. سيكون أحد المطالب الأولى فرض أحكام الإعدام. إذا ما ادعى رئيس “الشاباك” بأن هذا غير مجدٍ وضار فسينبذ كيساري خائن.

الهدف الثالث هو الجيش الإسرائيلي. سيتسلم هرتسي هليفي مهام منصب رئيس الأركان في فترة تحديات خاصة. يتحدث مقربون من نتنياهو بأنه يعود إلى رئاسة الوزراء بهدف واحد – تدمير المشروع النووي الإيراني مرة واحدة. ربما لن يكون ممكناً عمل ذلك؛ أو أن نتنياهو قاصداً. الدرس من التجربة السابقة، في 2011، لا تبشر بالخير. مع حكومة كهذه لا نصل إلى طهران؛ وفي أقصى الأحوال نصل إلى “لاهاي”.

في هذه الأثناء، حفظ النظام في “المناطق” يمزق الجيش الإسرائيلي من الداخل. الحادثة التي جرت في نهاية الأسبوع والتي تبين جنديين من “جفعاتي” في مواجهة مع نشطاء يسار في الخليل، أحدهما أزعر، والآخر غبي، هي طرف الجبل الجليدي. والتصدي للسكان المدنيين في “المناطق”، عرباً ويهوداً، هو ضرر متواصل. خطاب وزراء الحكومة الجدد يفاقم المشكلة.

أفترض أن في فترة ولاية الحكومة الوافدة سيختار فيها ملزمو التجنيد الخدمة في 8200، وسلاح الجو، وسلاح البحرية، ووحدات خاصة. ولكن إذا كانت الخدمة في “جفعاتي” و”غولاني” و”ناحل” و”المدرعات” تعني أشهراً طويلة في فرض النظام في مستوطنة “يتسهار” وفي الخليل، ومطاردة لراشقي الحجارة في قلنديا – فسيتردى الاهتمام بالخدمة القتالية. فالمقاتلون الجيدون لن يسارعوا إلى التوقيع على الخدمة الدائمة. فكروا بغادي آيزنكوت، وبيني غانتس، وحتى بيوآف غالنت. هل كانوا سيوقعون على خدمة دائمة في جيش يمجد الحرب ضد المدنيين؟ هل كانوا سيتشاركون خيمة مع مقاتلي بن غفير؟

جيش الشعب اليوم هو جيش نصف الشعب. جيش مبني على سبعة مقاعد لسموتريتش، زائد سبعة مقاعد لبن غفير، لن يكون جيش الشعب ولن يكن جيشاً منتصراً. بل سيكون جيش بوتين.

كله حكي، هكذا يشدد أناس يفهمون في السياسة. في اللحظة التي يجلس فيها الوزراء الجدد على كراسيهم الجلدية، ستتردى شهيتهم. سيغرقون في مفاتن المنصب: تزلف الموظفين، وحجم الحاشيات، والاهتمام، والمال، والقوة، وقدرة الوصول إلى أسرار الدولة. انتبه إلى الأقوال المعتدلة التي تنم عن المقابلات الصحافية مع بن غفير. انتبه لما تقوله زوجته. تذكر ما قيل عن بيغن حين صعد إلى الحكم؛ ما قيل عن شارون؛ ما قيل عن بينيت ولبيد. كل المفزعات تبينت كمفزعات عابثة. في النهاية، كل حكومة تجثم أمام تحدياتها اليومية. نتنياهو يعرف هذا أفضل من الجميع: بهدوء تام، حين لا يكون شركاؤه الجدد في المحيط، يطلق رسائل مهدئة. ثمة محللون يهدئون الروع. وهو الآن بحاجة إلى المتطرفين كي يتخلص من محاكمته. بعد ذلك، سيلقي بهم وسيذهب إلى مكانه الطبيعي، إلى الوسط.

كان تنوع الآراء في الائتلافات السابقة ثابتاً: كان صعباً، وأحياناً متعذراً إقامة حكومة بمكانة طرف واحد. الاحترام للمملكة تغلب على النوازع الشخصية والسياسية. أما هذا الائتلاف فيستند إلى جمهور تربى على رفض الجمهور في الجانب الآخر، ومقت واحتقار المملكة. مجتمع منقسم يولد حكماً منقسماً. هكذا في الولايات المتحدة؛ هكذا هنا أيضاً. هذا ليس وقت الطمأنينة.

وسوم: العدد 1008