لا يا إخوتي ... إنها سنة نبينا وليست غمزا ولا لمزا
وكان من سنته صلى الله عليه وسلم في التعليم أو التنبيه أو التذكير أو التحذير، أنه كان صلى الله عليه وسلم - كما تواردت في ذلك الروايات- إذا رأى أو سمع الخطأ أو الخطيئة من الفرد أو من الجماعة من الناس، صعد المنبر، وقال: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا... أو ما بال أقوام يقولون كذا وكذا.. أو لينتهين أقوام عن فعل كذا وكذا .. وهو يعلمهم ويثبتهم، ويتجنب ذكر أسمائهم، وتحديد أشخاصهم ؛ حياء منه صلى الله عليه وسلم، وكرما منه صلى الله عليه وسلم, وبرا منه صلى الله عليه وسلم، وإبقاء منه صلى الله عليه وسلم على حب في الله يجمعه مع هؤلاء الناس، واستبقاء منه صلى الله عليه وسلم لمكانة هؤلاء المسلمين أن تخدش أو تنال، فما كل من عثر وزلّ في حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشطب من الديوان...
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معلما ومذكرا ومثبتا على الحق، وليس منفرا يدّع الناس فيفرح إذا سقطوا!!
وحين تختلط على بعض الناس سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالغمز واللمز فلنعلم أن أمتنا قد أصابها شر كبير، وصارت إلى ما يجب أن يُحذر ويُخاف، واختُرقت في صميم الصميم من نواتها...وأصبحت الفضيلة التي يجب أن تُشكر في المكان الذي تُنكر (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ)
يكتب أحدهم الرأي، أو يدلي بدلوه في قضايا الدين أو الفكر أو السياسة أو الاجتماع، ويرى غيره في قوله مقالا استكمالا لنقص، أو تقويما لعوج، وقد زعمنا أننا توافقنا أننا جميعا خطاؤون، فيقوم مسلم آخر بتسديده أو تصويبه أو استدراك ما أحدث من ثغرة -إن كانت - دون أن يحتاج ونحن في فضاء عام، فيه من الناس أخلاط، أن يقول: قال فلان، أو كتب فلان، أو أصدر الفريق الفلاني، وإنما هي فكرة تلاقح فكرة، في الفضاء المفتوح، وقول ينزّل على فيعتركان اعتراك الحق والباطل، وأحيانا اعتراك الخطأ والصواب، وأحيانا يتنازعان على الأولى بالمقام من الأبعد عنه. دون أن يكون في الكلام شخصنةـ أو نيل من قائل، أو اتهام لفئة...فهل هذا غمز ولمز أو اتباع لسنة من كان يقول: ما بال أقوام؟؟؟
كان من أقسى الأمور التي مرت عليّ في دراستي لتاريخ الرجال في الإسلام: قول عالم جليل في عالم جليل: "يستتاب فلان " وكأن هذا من عرض الكلم الذي يقوله مسلم في أخيه، وكلاهما تؤخذ منه الأقوال!! أتراني لا أستطيع أن أثبت من القائل ومن المقول به، هل ترون أن إمساكي عن تسميتهما غمزا ولمزا؟!! أو أنها رغبة في سنة رسول الله،؟؟ يقول أحدهم ، وقد اشتريت تاريخه من مال قليل، حتى وصلت إلى ما قاله في علم من علماء الإسلام،من لقب مشين مهين، فقلت سبحان الله أما قرأ هذا (وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) وفهمتها هكذا حين ألمزك فإنما ألمز نفسي.، فكيف أفعل؟؟ وليتهم وعوا معناها وهم يعظون..
(بَغْيًا بَيْنَهُمْ) ...
ولقد تتبعت قوله تعالى (بَغْيًا بَيْنَهُمْ) فوجدتها قد وردت في ثلاث مواضع من كتاب الله، كلها تشير إلى أن هذا البغي إنما يسود خلقا بين فريق من الناس بعد أن ينالوا نصيبا من العلم أو من علم، فأي بلاغ في هذا، وأي بلاغ..؟؟
واختلف عالم كبير معدود في الأئمة مع عالم كبير مثله، على عوائد طباعة كتاب، بعد عشرة عمر بينهما عقود من الزمان، وبعد توافق على طريقة ومنهج، فصاروا إلى المحاكم، وألفوا في بعضهم الكتب..!! هذا غمز ولمز!! وكم من سائل سيسألني من هما؟؟ وآبى ، هذه سنة سيدنا المصطفي، أعلى القير والقطمير يشتجر مسلمان؟؟
وحين يرميني اليوم بعض الناس بالغمز واللمز، لأنني أتبع في طريقتي منهج رسول الله وسنته...وقد عاشرت جيلا من الناس خلا فيه آباؤهم وإخوانهم، فأمسك استبقاء لأديم ود جمعنا يوما، ووفاء لكأس شاي شربناها معا، ومثلي يفي بحق مثلها.، فإنهم ..عن حال من الرغبة عن العلم، لا أحب أن أعبر عن مثلها
كثيرون يقولون لي: أشهدْ بما علمت، فأقول لست في مقام قضاء، ويأبى علي خلقي أن أحكم على الناس بمبلغ علمي,,,!!
لا ...,يا إحوتي ليس ما أكتبه غمزا ولا لمزا وإنما هو سنة سيدي وسيدكم الحبيب...
وما كنت لأواجه أخا من أصغر إخواني عمرا، فأقدار كل إخواني أكبر،
بأنه يغمز ويلمز ، ولكل قوم هاد...
في روايات التاريخ: أن محمد بن أبي بكر الصديق، بعد أن تسور الدار على سيدنا عثمان فيمن فعل، أخذ بلحية سيدنا عثمان رضي الله عنه، وقال له: يا نعثل...
يقول المؤرخون: وإن سيدنا عثمان توجه إلى ابن أبي بكر فقال: يا ابن أخي لو رآك أبوك ...
نعم لو رآكم آباؤكم لكرهوا ما تأتون ...
وسوم: العدد 1009