صدى الزلزال بلغ عنان السماء ،
والحجارة تخضبها الدماء ،
وفي الجوار نار ،
وغمغمات وصرخات ،
ما من أحد إلا ذاهل " .
وعربياً وتركياً ، سيكتب شعر كثير عن مأساة البلدين ، أما الآن فعلى كل عربي ومسلم أن يغوث ضحايا الزلزالين في البلدين بما يستطيع خاصة سوريا التي قل مغيثوها موازنة بتركيا .
حدثان طبيعيان يقتلان الإنسان ويدمران العمران ، ذانك هما البركان والزلزال . الأول انفجارفي البر أو البحر يقذف الصهارة المعدنية الملتهبة حول الحفرة التي يحدثها ، فتصيب ما تصل إليه من الناس والعمران موتا وتخريبا ، والثاني هزة ترج الأرض في نطاق مساحة صغيرة أو كبيرة قد تبلغ ألف كيلومتر مثلما حدث في تركيا في الزلزالين اللذين ضرباها في الخامس من هذا الشهر . والشعر أسرع وسائل التعبير الأدبي عن الأحداث سارة أو مأساوية ، وأنتجت هذه السرعة شعرا عالميا كثيرا عبر به أصحابه عن آلامهم وأحزانهم لما تخلفه البراكين والزلازل من موت وخراب سواء في بلدانهم ، أو في بلدان أخرى تعاطفوا إنسانيا معها . وفي شعرنا قصائد قديمة وحديثة من هذا القبيل . ورأيت فيديو لشاعر سوري يرثي متفجعا أسرته التي لم يبقِ له الزلزال الأخير منها إلا طفلا . والقصيدة باكية مبكية ، وبديعة شعرية مضمونا وبيانا لغويا وفنيا . يقول متحسرا متحزنا : " تبكي الزوايا ، فكم ضمت لنا قصصا = وفي الفناء خطا لم يمحها هطل " ، ويصور مدى مأساة موت أسرته التي تخطت شعوره المكلوم إلى حجارة البيت ، فحنت لساكنيها الراحلين موتا : " حتى الحجارة قد حنت لساكنها = فكيف بالقلب إذا ضاقت به الحيل ؟! " ، ويقدم صورة من العهد الجميل الذي امحى : " غصن يمد على الجدران أذرعه = مرحبا بضيوف البيت إذ وصلوا " . ويتساءل محزونا يائسا من لقاء أسرته الحبيبة في الدنيا : " كيف اللقاء وقد شطت بنا السبل = وذرَفت من دم في ليلها المقل ؟! ويصرح بموته وإن كان حيا بعد أسرته : " أرواحنا رحلت في إثر من رحلوا " .
وفي 1908 ضرب مسينا جنوبي إيطاليا زلزال ، فتعاطف معها شاعر النيل حافظ إبراهيم ، وكتب في رثائها قصيدة من 59 بيتا ، وصف ما حل بها من موت وخراب ، وما في نفسه من حزن عليها ، يقول : " رب طفل قد ساخ في باطن الأرض = ينادي : أمي ، أبي ، أدركاني ! " و " فتاة هيفاء تشوى على الجمر = تعاني من حره ما تعاني " ، ويدعو لمسينا في ختام قصيدته بالسلام ، والعودة للحياة بمن عاش من أهلها : " وسلام عليك يوم تعودين = كما كنت جنة للطليان " . وفي قصيدته تذكير لمن قصروا في مواساة سوريا من العرب في زلزالها الكارثي . تعاطف الشاعر العربي إنسانيا مع الأباعد ، فكيف لا تتعاطفون يا عرب مع الأقارب ، مع الأهل والعشيرة ؟! ومن سخائف شعر الزلازل عربيا بيت مشهور للشاعر محمد بن عاصم قاله مادحا لكافور الإخشيدي بعد زلزال ضرب مصر : " ما زلزلت مصر من كيد أريد بها = لكنها رقصت من عدلكم طربا " . وانعطفت على مواقع إنجليزية وفرنسية بحثا عن قصائد من شعر الزلازل ، فوجدت في موقع إنجليزي قصيدة لشاعرة اسمها أكلاستا عن زلزال تركيا تختمها قائلة : " تركيا تبكي ونحن معها نبكي " ، وفي موقع فرنسي قصيدة للشاعر شارلي ليلوش ، يستهلها ب " حدث الزلزال ، فصحا الطفل ،