مسرحية اخرجها (انتوني بلينكن) أوصلت السلطة والاحتلال لتفاهمات هشة!
عندما فشلت مساعي انتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة في القدرة على اقناع حكومة الاحتلال خفض التوتر وتجميد شرعنة البؤر الاستيطانية ووقف كل الإجراءات أحادية الجانب من اجل استعادة الهدوء ورفض الفلسطينيين في ذات الوقت الخطة الأمنية الامريكية التي قدمها بلينكن بتدريب مئات العناصر الأمنية في الأردن لإعادة الانتشار في شمال الضفة لوقف تكوين كتائب مقاومة تواجه الاحتلال ومستوطنيه بالنار, لجاء بلينكن لإخراج مسرحية من فصل واحد بطلها الامارات العربية المتحدة للتنسيق مع البعثة الفلسطينية بالأمم المتحدة والتقدم بمشروع قرار للتصويت عليه في مجلس الامن يدين قرار (كابينت الحرب الإسرائيلي) تشريع 9 بؤر استيطانية بالضفة الغربية وتنفيذ خطة امنية ضد سكان القدس الشرقية اطلق عليها ( السور الواقي 2 ) بالإضافة لوقف كل الإجراءات أحادية الجانب واعتبار أي مشاريع استيطانية غير قانونية يجب ان تتوقف فورا ,لأنها باطلة حسب بنود القانون الدولي , هذا هو نص القرار الذي وزعته الامارات العربية لأعضاء ومجلس الامن وطلبت التصويت عليه قبل ان تعلن إدارة بايدن على لسان انتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية التوصل للتفاهمات مهمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تقضي بتعليق الفلسطينيين الإجراءات الخاصة بالاستيطان في مجلس الامن وتوقف اسرائيل مؤقتا شرعنه البؤر الاستيطانية في الصفة الغربية والاجراء التي تستهدف المواطنين الفلسطينيين وبيوتهم في القدس.
كانت الامارات قد أعلنت انها ستتقدم بمشروع القرار لمجلس الامن في 20 من فبراير وقررت الولايات المتحدة الامريكية بانها سوف تستخدم حق النقض الفيتو لأسقاط المشروع وقال (فيدانت باتيل) الناطق باسم الخارجية الامريكية في مؤتمر صحفي "ان الإدارة الامريكية تعارض طرح مشروع القرار الذي وزعته الامارات على أعضاء مجلس الامن والخاص بوقف الاستيطان وادعي ان ادارة البيت الأبيض مازالت تركز على دعم الشروط اللازمة لتعزيز افاق حل الدولتين والتفاوض عليه كسبيل وحيد لتحقيق نهاية مستدامة للصراع وسوف تستمر إدارة باين في التواصل مع جميع الأطراف بشان هذا" . لعل اهم الأسباب التي دفعت بلينكن للجوء لهذه المسرحية وتوظف المشروع الذي تنوي الامارات تقديمه للتصويت عليه في مجلس الامن سواء كان برضاها او غير رضاها كوسيلة للتوصل لتفاهمات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتي لو كانت هشة ,هو ان الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد الوصول امام العالم لفيتو جديد في قضية يدينها كل العالم وبالتالي تتفادي إدارة بايدن مزيدا من الانتقاد الدولي لعجزها عن التدخل الإيجابي في الصراع والضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي للتوقف عن كافة اجراءاتها أحادية الجانب في الأرض الفلسطينية المحتلة والتي من شانها ان تنهي أي إمكانية للتفاوض حول تطبيق حل الدولتين ,والسبب الاخر الذي دعا بلينكن لإخراج هذه المسرحية هي ادعاء تحقيق نجاح امريكي وتسجيل محاولة ناجحة لإعادة الاستقرار للمنطقة من خلال تخفيض التوتر ونزع فتيل تفجر انتفاضة فلسطينية باتت متوقعة قد تربك المشهد الدولي المنشغل في الحرب الروسية الأوكرانية , في ذات الوقت تقنع واشنطن العالم بانها نجحت في تجميد شرعنه البؤر الاستيطانية التي تم إقرارها في اجتماع الكابينت الإسرائيلي الأخير ,وتدعي انها حققت تهدئة مطلوبة بين الفلسطينيين والاحتلال حتي لو كانت هشة , ما يريده بلينكن هو ان يصل مستوي التوتر للدرجة التي تسمح للأمريكان بالحديث عن مزيد من خطط إعادة الاستقرار للمنطقة لكن دون ان تقدم واشنطن اي مبادرات سلام تفتح الباب لإعادة الطرفين لطاولة المفاوضات ما يسمح بتطبيق حل الدولتين .
هنا جاء الحديث عن صفقة مقايضة بين الإسرائيليين والفلسطينيين بوساطة امريكية وهو ان يوقف الفلسطينيين الإجراءات الخاصة بالاستيطان في مجلس الامن من خلال الايعاز للأمارات بسحب مشروع القرار والاكتفاء ببيان غير ملزم من رئاسة المجلس لإسرائيل يعبر عن قلق المجلس من الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب ويطلب من دولة الاحتلال وقفها فوراً. لم يحدث هذا الا بعد ان توصل انتوني بلينكن مع أبو مازن ونتنياهو لتفاهمات محددة ولعدة شهور في الغالب , أي لما بعد رمضان تتعلق بتجميد المشروع وتعليق شرعنه البؤر الاستيطانية المزيد من خطط لبناء الاف الوحدات الاستيطانية في المناطق المصنفة (ج) ولا نعرف إذا ما كان هناك بنود سرية ام لا لكن اعتقد ان كل تفاهمات او اتفاقات من هذا القبيل يتضمنها بنود سرية غير معلنه تتكشف مع الوقت وتقدم للرئيس أبو مازن بضمانات شفوية لالتزام دولة الاحتلال بهذه التفاهمات. ساعتها أصدر مجلس الامن بيان بموافقة الولايات المتحدة الامريكية بإدانة قرار دولة الاحتلال شرعنة بؤر استيطانية وبناء وحدات استيطانية جديدة بالضفة الغربية وأعرب مجلس الامن أيضا عن قلقة إزاء ذلك ودعا الأطراف الى تجنب الإجراءات أحادية الجانب وعدم تغيير الوضع الراهن في المقدسات بالقدس.
مشروع القرار العربي لم يكن ذات فائدة كبيرة للفلسطينيين بالرغم من نص المشروع الذي كانت ستقدمه الامارات لمجلس الامن والتصويت عليه لإلزام دولة الاحتلال وقف الاستيطان هذا لو مررت الولايات المتحدة المشروع لان هذا القرار صدر قبل ستة سنوات تقريبا ديسمبر 2016 وهو قرار 2334 .كان الاولي ان تتقدم الامارات بمشروع قرار يلزم دولة الاحتلال بتطبيق قرار 2334 ويطالب بفرض عقوبات على دولة الاحتلال لعدم امتثالها لإرادة مجلس الامن واستمرارها في اللجوء لإجراءات احتلالية من شانها ان تهدد الامن والسلم والاستقرار الإقليمي , هنا كان بالمكان ان يتغير الحديث ولا نشكك ولو للحظة بان مشروع نص قرار الأمارات العربية كان مصطنع ,ولا نشك بالتالي في جدية هذا المسعي لا سيما ان الولايات المتحدة كانت قد صوتت مع القرار في عهد أوباما ولا تستطيع الان استخدام حق النقض الفيتو ضد الزام دولة الاحتلال تطبيق القرار , لكن لكون المشروع كان قد تكرر والحصول على قرار جديد من مجلس الامن سيضيف قرار جديد الي كومة القرارات المهملة والتي لم تنفذ جعلنا نعتقد ان هذه مسرحية اخرجها انتوني بلينكن وزير الخارجية الامريكية لصالح إدارة البيت الأبيض ليس اكثر.
وسوم: العدد 1020