الأسد يعرض على بوتين ما تبقى من سوريا
بـ40 اتفاقية ودعوة لتوسيع الوجود العسكري الروسي
كشفت زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأخيرة إلى موسكو، عن احتمال عقد اتفاقيات سورية- روسية مقبلة، قد تفضي إلى سيطرة أكبر للروس في سوريا على مختلف القطاعات، أبرزها العسكري والاقتصادي.
وفي زيارة هي الأولى منذ عام 2011، من حيث الاستقبال الرسمي ومعاملة الأسد كـ”رئيس شرعي”، أمضى الأسد نحو يومين ونصف في موسكو منتصف آذار الحالي، برفقة وفد وزاري كبير، نوقشت خلالها عديد من القضايا بين الطرفين، وأعلن الأسد عن جزء منها، في لقاءات صحفية أجراها مع وسائل إعلامية روسية من هناك.
توسيع الوجود العسكري الروسي في سوريا، إلى جانب التخطيط لـ40 مشروعًا استثماريًا في مختلف القطاعات، وفق إعلان الأسد، كانا أبرز ملامح الاتفاقيات المقبلة التي ستتلو الزيارة.
تناقش عنب بلدي في هذا الملف، رغبة روسيا بتنفيذ هذه الاتفاقيات في سوريا، ومكاسب الطرفين في حال إتمامها، وسط انخراط أكثر من دولة في الصراع كإيران وأمريكا، اللتين قد تهدد هذه الاتفاقيات مصالحهما وتتعارض مع رغباتهما.
كما تسلّط الضوء على شرعية هذه الاتفاقيات وفق القانون الدولي، وأثرها على المدى الطويل بالنسبة لسوريا.
الأسد يشرعن وجود موسكو مدى الحياة
بذريعة محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، دخلت روسيا إلى سوريا في 30 من أيلول 2015، بطلب رسمي من النظام السوري، لتعيد له السيطرة على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية، كانت المعارضة السورية قد سيطرت عليها خلال السنوات الأربع الأولى للثورة السورية.
حصدت موسكو خلال سبع سنوات من وجودها في سوريا مكاسب عديدة لجهة الهيمنة العسكرية، أو السيطرة الاقتصادية على قطاعات بارزة في سوريا، بعقود استثمارية تصل إلى 49 عامًا.
لم يكتفِ الأسد بشرعنة وجود روسيا الحالي، إنما صرح في لقاء مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 16 من آذار الحالي، أن وجود القواعد العسكرية الروسية لا يجب أن يرتبط بمكافحة الإرهاب، مضيفًا أن “توسيع الوجود الروسي في سوريا شيء جيد، وقد يكون ضروريًا في المستقبل”.
أثار تصريح الأسد هذا مخاوف وتوقعات بشأن طبيعة التمدد الجديد، وأهدافه، ومدى رغبة روسيا بزيادة وجودها في ظل انشغالها بصراعها مع دول الغرب جراء غزوها لأوكرانيا.
“حيلة دبلوماسية”
لا يعتقد المحلل الروسي والباحث غير المقيم في برنامج سوريا بمعهد “الشرق الأوسط” أنطون مارداسوف، أن حديث الأسد حول توسيع الوجود الروسي في سوريا يجب أن يؤخذ بالمعنى الحرفي، لأنه كان من الواضح أن الأسد يحاول قول ما أراد بوتين سماعه، كالنازية مثلًا التي تحدث عنها بإسهاب.
ويرى مارداسوف، في حديث إلى عنب بلدي، أن هذا قد يعتبر “حيلة دبلوماسية”، وليس إعلانًا حقيقيًا عن خطط التوسع الروسية، لأن موسكو ليست مهتمة بتوسيع وجودها، لعدم امتلاكها القوة أو الوسائل للقيام بذلك، وهو ما يفهمه الأسد جيدًا، بحسب رأيه.
وتابع مارداسوف أنه ربما كان هدف الحديث تلميحًا متعمدًا من الأسد إلى أن روسيا في ظل الحرب مع أوكرانيا وزيادة المواجهة مع حلف “الناتو”، بحاجة إلى زيادة قواعدها في سوريا أكثر من الأسد نفسه وفق المنطق التالي، “بما أن سوريا أيضًا ساحة مواجهة بين سوريا وحلف (شمال الأطلسي)، يمكن لدمشق الاعتماد على بعض المكافآت من حيث إمدادها بالسلاح أو أي شيء آخر”.
من جهته، يرى الخبير بالشؤون الروسية الدكتور محمود الحمزة، أن طرح الأسد في هذا السياق نوع من المتاجرة، ومحاولة تقديم سوريا كلاعب ذي دور كبير في التوازنات الدولية، معتبرًا أن روسيا الآن ليست بصدد توسيع قواعدها العسكرية في سوريا، لانهماكها بملف أوكرانيا المعقد، وما رافقه من عقوبات غربية أغرقتها بمشكلات اقتصادية ضخمة.
بدوره، يعتقد الباحث في مجال الاقتصاد السياسي والإدارة المحلية بمركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أيمن الدسوقي، أن الأسد يريد بهذا العرض دفع روسيا لمزيد من الانخراط العسكري في سوريا، وتوظيف ذلك في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وموازنة إيران، عبر توفير مزيد من الحماية الروسية له.
وقد يجد الأسد بمنح قواعد عسكرية لروسيا أقل ضررًا من منحها فرصًا اقتصادية حصرية، وربما يريد الأسد بهذا التصريح إرسال رسالة للغرب وللولايات المتحدة، مفادها أن “عدم انفتاحكم عليّ يدفعني للارتماء أكثر في الحضن الروسي”، بحسب الدسوقي.
مصلحة روسية بحتة
بالمقابل، قال الخبير العسكري الروسي إيغور كوروتشينكو، إن تصريح الأسد يتفق تمامًا مع المصالح العسكرية والجيوسياسية الروسية في المنطقة والعالم، مضيفًا أن الوجود العسكري في سوريا يضمن لروسيا مراقبة البحر الأبيض المتوسط، وكذلك الجناح الجنوبي لحلف “الناتو”، وذلك لـ”التصدي للتهديدات التي تستهدف أمن روسيا”، وفق ما نقله موقع “روسيا اليوم” عن الخبير.
واعتبر كوروتشينكو، وهو رئيس تحرير مجلة “الدفاع الوطني” الروسية، أن بلاده بحاجة إلى مزيد من القواعد العسكرية في سوريا، إذ تحتاج في طرطوس إلى قاعدة بحرية كاملة، وليس مجرد نقطة لوجستية، مع توفير غطاء دفاع جوي لكلتا القاعدتين (“حميميم” و”طرطوس”)، بالإضافة إلى حل المسائل القانونية والبنية التحتية اللازمة التي تضمن وجود روسيا في المنطقة لمدة 50 عامًا على الأقل مع تمديد تلقائي.
وخلال سبع سنوات من وجودها عسكريًا، تسببت روسيا بمقتل 6950 مدنيًا، بينهم 2048 طفلًا، وفق ما وثقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في 15 من آذار الحالي.
وتتكتم موسكو على أعداد قواتها العسكرية وتحركاتها وخسائرها في سوريا، بما ينسجم مع العقيدة العسكرية الروسية.
المال حاضر أيضًا..
اتفاقيات حبيسة الورق
خلال زيارة الأسد والوفد المرافق، اجتمع وزراء اللجان المشتركة من الجانبين السوري والروسي، وأعلن الأسد أن نتيجة هذه الاجتماعات انتهت بالتخطيط لتوقيع اتفاقيات خلال الأسابيع المقبلة، تشمل 40 مشروعًا استثماريًا في سوريا سيتسلمها الروس بمجالات الطاقة من كهرباء ونفط، والنقل، والإسكان، والصناعة، بالإضافة إلى مجالات أخرى لم يسمِّها، قال إن مشاريعها محددة بدقة.
لم يعلن الأسد قيمة المبالغ التي تم اعتمادها ضمن الاتفاقيات الاقتصادية المذكورة، مبررًا غياب المعلومات في هذه الجزئية، بأن أهداف الاتفاقيات كانت فكرة المحادثات وليس الأرقام حاليًا، إذ ترك تحديد المبلغ لكل مشروع ولكل شركة على حدة، وسيقيّم كل منها بشكل منفصل لاحقًا.
استغرق العمل على تنسيق هذه الاتفاقيات سنوات وليس أشهرًا، وفق الأسد، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول جدّيتها، في ظل إعلانات متكررة عن رغبة روسية بالاستثمار في سوريا، إلى جانب مكاسب الطرفين في حال تحقيقها.
رغبة تصطدم بمعوقات
سبق أن أعلنت روسيا نيتها الاستثمار بشكل واسع في سوريا، إلا أنها في الواقع لم تشارك إلا في المشاريع التي كان الاتحاد السوفييتي مشاركًا فيها من قبل، بحسب ما يراه المحلل الروسي أنطون مارادسوف.
وقال مارادسوف، إنه ليس من المربح للشركات الروسية أن تستثمر في سوريا، لأن فترة الحصول على واردات من هذه المشاريع غير واضحة، ووسط عقوبات غربية مفروضة على سوريا، من غير المرجح أن يرغب أي مستثمر في العمل بخسارة مادية لمدة 10- 15 سنة.
من جهته، يرى الباحث أيمن الدسوقي أنه عند مناقشة مسألة توسيع الوجود الروسي في سوريا، هناك ثلاث نقاط يجب طرحها، تتمثل بامتلاك الرغبة والأدوات، بالإضافة إلى القطاع الذي ترغب روسيا بتعزيز وجودها فيه، فضلًا عن القيود القائمة التي تحد من توسعها.
بالتالي، قد تكون هناك رغبة روسية بتوسيع وجودها في سوريا، لكن ليس بالضرورة امتلاكها الموارد اللازمة لتحقيق ذلك حاليًا، بحسب الدسوقي.
وحول القطاع الذي تهتم به روسيا، يعتقد الباحث أنها مهتمة أكثر بالتوسع في الاقتصاد السوري، عبر الاستحواذ على فرص استثمارية ومكاسب حصرية لها، بدلًا من الانخراط في مسائل يترتب عليها دفع تكاليف بالجغرافيا السورية.
وبالنسبة للقيود، تعد مسألة العقوبات على النظام السوري، ومنظومة الفساد المستشرية في البيروقراطية السورية، والحرب الدائرة في أوكرانيا، ووجود أكثر من فاعل إقليمي ودولي في الجغرافيا السورية، أبرز التحديات القائمة أمام رغبة الروس بتوسيع نفوذهم في سوريا، وفق الدسوقي.
حجز موقع لا أكثر
نشطت بعض الشركات الروسية في سوريا بقطاع الاستثمار منذ عشرات السنين، إلا أنه تصاعد بعد 2015، حين وقعت روسيا مع النظام عدة اتفاقيات، أتاحت لها السيطرة على مرفأ “طرطوس”، واستخراج الفوسفات والتنقيب عن النفط والغاز، وإنشاء صوامع للقمح، ومشاريع في مختلف القطاعات، بعضها لم يرَ النور حتى الآن.
يُدار الاقتصاد الروسي بشكل كامل من أجل تمويل آلة الحرب في أوكرانيا، وفي حين تبحث روسيا عن شركاء اقتصاديين لكسر الحصار الاقتصادي المفروض عليها، فهي تبحث عن دول ذات اقتصاد قوي يمكن أن تتشارك معها، كالصين وتركيا، وجمهوريات آسيا الوسطى، بحسب ما يراه سنان حتاحت، الباحث المشارك في مشروع “زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا” بمعهد الجامعة الأوروبية.
ولا تعتبر سوريا بالنسبة لروسيا هدفًا استثماريًا ناجحًا، وفق ما قاله الباحث حتاحت لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن موسكو لم تنجز حتى الاتفاقيات الاقتصادية القديمة، وإنما حصلت على عقودها، وحجزت موقعها فيها، لمنع تنازل النظام عن هذه المشاريع لمصلحة أطراف أخرى.
في المحصلة، لا تحمل هذه الاتفاقيات في حال البدء بإنجازها أي فائدة للاقتصادين السوري والروسي، لكون الشركات الروسية المملوكة لرجال أعمال أوليغارشيين مقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هي التي حصلت على العقود، فهي تعود بالفائدة عليهم، وتدخل ضمن سياسات المحسوبية أكثر من كونها ضمن سياسات الدول، وفق حتاحت.
لن تحقق الاتفاقيات الجديدة ولا التي سبقتها أي تغيير على الوضع الاقتصادي السوري، إذ لا يزال النظام بحاجة إلى استثمارات مالية هائلة، لن تقدمها روسيا في الوقت القريب.
بدوره، يعتقد الباحث أيمن الدسوقي أن المكاسب التي يمكن أن يجنيها الطرفان من هذه الاتفاقيات ليست كبيرة، في ظل العقوبات الغربية المفروضة على النظام، والحاجة إلى تمويل كبير لإعادة تنشيط الاقتصاد السوري.
على حساب مَن؟
في بلد تتعدد فيه الجيوش الأجنبية المسيطرة على مناطق مختلفة، وتتقاسم الدول ثرواته ومشاريعه الاستراتيجية، لا يملك الأسد وحده قرار زيادة وجود حليفه الروسي أو تسليمه مفاتيح المشاريع الاستثمارية الأكثر ربحًا، إذ من الممكن أن تصطدم هذه الخطط بمصالح الأطراف جميعها.
تحدٍّ للنفوذ الأمريكي
لا بد أن يفرض التوسع المرتقب لوجود القوات الروسية وقواعدها العسكرية في سوريا تحديًا جديدًا على إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وسياستها في الشرق الأوسط، بحسب تقرير نشرته شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية الأمريكية.
يرى خبراء في الأمن القومي الأمريكي أن الصين وروسيا باتتا تتفوقان على الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة التي أقامت واشنطن لنفسها فيها نفوذًا كبيرًا على مر التاريخ.
المحللة السياسية السابقة لدى وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية ريبيكا كوفلر، ترى أن تفوق بوتين بدأ في الشرق الأوسط منذ أيام الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما.
واعتبرت كوفلر أن بوتين خدع أوباما ونائبه (الرئيس الحالي جو بايدن) عبر السماح للروس بإخراج الأسلحة الكيماوية من سوريا، إذ اكتشف الروس في عام 2013 وجود انفراجة في ذلك، فاستغلوا الفرصة لزيادة نفوذهم العسكري هناك، كما حاولوا قلب الموازين لمصلحة روسيا في الشرق الأوسط، ثم صار بوتين يسعى لتشكيل تحالف مناهض للولايات المتحدة يتألف من روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وسوريا.
ترى كوفلر أن من المفيد لروسيا زيادة قواعدها في سوريا، ولهذا من المرجح أن يوافق بوتين على هذا العرض، وبما أن القوات الروسية والأمريكية تعمل في أماكن تتاخم بعضها في سوريا بالأصل، لذا فإن توسيع موطئ القدم الروسية في المنطقة سيمنح بوتين مزيدًا من النفوذ، وسيقدم للقوات الروسية مزيدًا من الفرص في جمع المعلومات الاستخبارية حول التكتيكات الحربية القتالية للجيش الأمريكي، وحول العتاد العسكري وغيرها من الأمور، فالروس يدرسون أساليب الحرب الأمريكية بشكل كامل، بحثًا عن مواطن ضعف، بهدف الخروج باستراتيجيات مضادة.
تنافس روسي- إيراني
على الرغم من التقارب بين روسيا وإيران حول الهدف الشامل المتمثل بدعم النظام السوري، فإن انخراط موسكو وطهران في سوريا يوضح فسيفساء معقدة من المصالح المتداخلة، والتشابك الإقليمي الأوسع، والمناهج المتنافسة لإعادة الإعمار بعد الحرب، إذ يسعى الطرفان لجني الفوائد السياسية والاقتصادية في سوريا.
وتتضمن رؤى روسيا وإيران حول مستقبل سوريا وجهات نظر متباينة من ناحية الإصلاح العسكري والاستثمار الاقتصادي، بحسب تقرير لمركز “الدراسات الاستراتيجية والدولية”.
ووفق التقرير، تتنافس موسكو وطهران على عقود بقطاعات الطاقة والفوسفات والزراعة والعقارات في سوريا، وتزايدت حدة التنافس بسبب عدم وجود آلية شاملة لتنسيق الاستثمار بينهما، وفي النتيجة، حصلت روسيا على عقود في قطاعات الفوسفات والنفط والغاز على حساب المصالح التجارية الإيرانية.
الأطراف “راضون”
الكاتب والباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور، قال إنه في مجال توقيع الاتفاقيات الاقتصادية أو العسكرية بين الروس أو الإيرانيين مع النظام السوري، المهم هو تطبيق الاتفاقيات على أرض الواقع.
ويرى قدور، في حديث إلى عنب بلدي، أن النظام السوري وقّع جملة من الاتفاقيات مع الطرفين الروسي والإيراني، فيما يبدو أنه إرضاء للطرفين، بمقدار النفوذ الذي يتمتع به كل منهما، مشيرًا إلى أن التنافس الروسي- الإيراني في سوريا يبقى ضمن التوتر “المضبوط”.
من جهته، يرى الأكاديمي محمود الحمزة أن الاتفاقيات الروسية مع النظام لن تكون على حساب أي طرف من الأطراف الأجنبية في سوريا، لأن إيران ليست مهتمة بالمكاسب الاقتصادية، بقدر ما هي مهتمة بالمكاسب السياسية والعسكرية والاجتماعية والدينية، وتحقيق أهدافها في المنطقة من ناحية “الإمبراطورية الفارسية” التي تسعى لها.
أقلها 25 عامًا.. هل تبقى برحيل الأسد؟
قبل التدخل العسكري، وقّعت حكومة النظام، عام 2013، اتفاقية مع شركة “سيوز نفتا غاز” الروسية للحفر والتنقيب عن النفط والغاز قبالة الساحل السوري، وفق عقد لمدة 25 عامًا.
وفي نيسان 2018، صدّق بشار الأسد على العقد الموقع بين “المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية” السورية، و”ستروي ترانس غاز” الروسية، لاستخراج الفوسفات من مناجم “الشرقية” في تدمر وسط سوريا، لمدة 50 عامًا.
وبعد الهيمنة على فوسفات تدمر، وقّعت الشركة الروسية نفسها (ستروي ترانس غاز)، في تشرين الثاني 2018، مع “الشركة العامة للأسمدة” في حمص (أكبر مجمع صناعي كيماوي في سوريا ينتج عبر معامله الثلاثة الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية، ويؤمّن حاجة القطاع الزراعي بشكل كامل)، عقدًا لاستثمار الشركة ومعاملها الثلاثة لـ40 عامًا قابلة للتمديد.
في 25 من نيسان 2019، أعلن وزير النقل في حكومة النظام السوري، علي حمود، أن العقد مع شركة “ستروي ترانس غاز”، لمدة 49 عامًا، بشأن مرفأ “طرطوس” هو عقد استثمار لا استئجار.
وبالنظر إلى مدة عقود الاستثمار الموقعة حتى الآن، تثار التساؤلات حول قانونية هذه الاتفاقيات، ومصيرها في حال تغيير النظام الذي سلّم هذه المشاريع وفق مصالحه.
الدكتور في القانون العام، والباحث في مركز “الحوار السوري” أحمد قربي، قال لعنب بلدي، إن النظام السوري هو السلطة الشرعية الممثلة للدولة السورية، المعترف بها رسميًا في الأمم المتحدة، وبالتالي فهو يملك الحق وفق القوانين بإبرام المعاهدات والاتفاقيات، وهذه الاتفاقيات من الناحية القانونية صحيحة.
ولا ترتبط الاتفاقيات في هذا السياق بالنظام بعينه، ويمكن لاحقًا في حال الرغبة فسخ الاتفاقية أو الانسحاب منها، لكن ذلك ستقابله تبعات قانونية، وفق قربي.
ويرى قربي أن الاتفاقيات على المدى الطويل ستخلّف آثارًا سياسية واقتصادية وأمنية، كما أنها على أقل تقدير ستحرم الدولة السورية مستقبلًا من التحكم بثرواتها ومواردها الطبيعية والصناعية.
وسوم: العدد 1026