نجوى حول الموقف من الجماعات والعمل الجماعي، وما يقابله من المنهجية الفردية
وكتب أحد الأحباب اليوم وجهة نظر حول موقف اختاره من العمل الجماعي، أو ما سماه الحماعات الإسلامية..
وتأملت فوجدت فيما كتب كلاما دقيقا، وتوجها سليما، وموقفا مبصرا.. ولكن وأتساءل: وماذا لو قلنا هذا قميص جميل، فلو تقمصناه جميعا، لما كان لنا معشر المسلمين تجمع أو جماعة؟؟!!
العمل الجماعي بكل آفاقها هو شرط لتحقيق الأهداف الجماعية. ونظرية "شمشون أو هركول أو عنترة" على شعبويتها سقطت منذ عهود طويلة. مع الأسف الكثير من سواد أمتنا ما يزال متعلقا بها، مؤمنا بنظرية "البطل" الذي ينتصر. المعتصم الذي يجيب الزبطرية، وصلاح الدين القائد المنتظر، وسيد الشهداء الذي يتصدى للحاكم الظالم. دون ان يكون وراءه من يمنعه ومن يحميه.
يروون ان من أسباب عزل عمر لخالد، رضي الله عن عمر وعن خالد، هو حرصه على إسقاط نظرية "البطل" الذي ينتصر. والذي بدأ بعض المسلمين يتداولها.
المزواجة بين الحفاظ على الألق الفردي السباق والمتميز، وتوظيف الجهد الجماعي المنتج، ليس بالأمر السهل.
كل الانحازات التاريخية الزمنية تحققت بأشكال من الجهد الجماعي.
أكثر ساسة العالم اليوم يخوضون معاركهم السياسية اعتمادا على، أو انطلاقا من قواعد جماهيرية حزبية، أو فئوية..
الأفراد يمكن ان يكونوا متميزين علماء او مفكرين، وكم كان في تاريخ الإسلام من فقهاء مجتهدين، مات فقههم تقريبا بموتهم، ونصفهم بأنهم: أئمة غير متبوعين.
لا يخفى على أحد عيوب رحلة العمرة في الحافلة الجماعية، حيث يكون في شركائنا في الحافلة، الكَلّ والعجوز وذو الضرر، ولكن الجماعة في الطريق المخوف، أكثر أمنا..
في الحديث الشريف حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سفر الرجل منفردا، فقال في حديث رواه أصحاب السنن:
الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب..
حديث رفع الحجر إلى مستقره في رداء يمسك بأطرافه أطراف العشيرة، يذكرنا بأهمية الجماعة..
حديث نقض صحيفة قريش القاطعة الظالمة
وكيف بدأ الأمر بين هشام بن عمرو وزهير بن أمية، وكل ذلك وزهير بن أمية يقول لهشام بن عمرو ابغنا ثالثا… ابغنا رابعا.. ابغنا خامسا..
في وصف الحكيم العربي لقيط بن يعمر الايادي يلح على معنى الاجتماع
يا ويح نفسي إن كانت أموركم
شتى، وأحكم أمر الناس فاجتمعا
أو قوله في وصف القائد المجرب: يكون متبوعا حينا ومتبِعا..
في فقه العربية، وسحرها وجمالها: اشتقت معنى المساعدة: من ضم الساعد إلى الساعد. "عمل جماعي" ومعنى المكاتفة أو التكاتف من التصاق "الكتف بالكتف" "عمل جماعي"
الضيق بالآخرين قويهم وضعيفهم، سابقهم ولاحقهم، جزء من فلسفة وحودية قائمة على قاعدة أن الآخر قيد على وجودكم، دائرة تحد من دائرة حريتك، حتى قال جان بول سارتر: جهنم هي الآخرون. وهذا أساس في محاولة الرأسمالية للحد من التكاثر البشري، على قاعدة أن كل مولود جديد شريك جديد في الشمس والهواء والماء.أساس ما أكتبه هنا هو الدفاع عن ضرورة التعاون العام في صيغة من صيغ التعاون، وليس دفاعا عن جماعة باسمها ووصفها.
كثير ما يتمدح وجهاء مجتمعنا بقولهم "لم أكن يوما جزء من حزب أو جماعة"
إعلان فخر أو إعلان ثلب! هذا دون أن ننسى كلفة العمل الجماعي، وضريبته، المؤسسة على قوله تعالى (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) وقوله (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ؟؟ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)
وتكلفته عندما يوجه إليك سؤال: هل انتميت في حياتك إلى حزب او تجمع ..؟؟!!!
نعم في العمل الجماعي فتنة وبغي وامتحان صبر، ومعاشرة أرواح..
أهلنا في حلب علمونا ان "على من يعاشر الأرواح أن لا يكون نواح"
وسوم: العدد 1030