يكفي الأمة ضياع هُويتها

الإيمانُ بالله ، والصبرُ على الابتلاء ، وعدمُ السقوطِ في دوامةِ الجزعِ واليأسِ عند نزولِ المصائب ، والابتهاجُ بمشاعرِ الرِّضا والتفاؤلِ ، والتوكُّلُ الصحيحُ على الله سبحانه وتعالى هي علاماتُ الفلاحِ للمؤمنين . فالدنيا دارُ عملٍ وابتلاء ، يقول سبحانه :   }تبارك الذي بيده الملكُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير (1) الذي خلق الموتَ والحياةَ ليبلُوَكم أيُّكم أحسنُ عملا وهو العزيزُ الغفور (2) { الملك . إنَّ نورَ الإيمان بالله يَهَبُ المؤمنَ وعيًا يتعاملُ من خلاله مع حالات الابتلاء ، ويجسِّدُ طاقةَ الصَّبرِ حتى تكونَ عبادةً ... عبادةً لها ثوابٌ جزيلٌ ، ولها عاقبةٌ محمودةٌ في تربيةِ النفسِ ، والسُّمُوِّ بالروحِ ، وفي تقويم السلوك ، فلا يضيقُ الصَّدرُ من المكاره ، ولا تتأذَّى الروحُ من وطأةِ القلقِ ، ولا ينحرفُ السلوكُ من أثرِ انفعالاتٍ غاشمةٍ تجتاحُ النفسَ ، ، فيخرج الإنسانُ ــ بعدَ أن تردَّى ــ من ظلِّ العبوديةِ للهِ إلى تبارِ الحسرةِ على ما فرَّطَ في جنبِ الله . حيثُ فقدَ الأمنَ الذي يرافقُ مسيرةَ المؤمنِ الصَّابرِ الناجح في اختبار الابتلاءِ . والناجح في حُسْنِ اقتفاءِ سيرةِ النبيِّ r ، ونالَ وِسامَ الأسوةِ الحسنةِ في حياته الدنيويةِ . بل زادَه هذا الابتلاءُ إيمانا على إيمانِه ، وتسليما مباركا لحكمِ ربِّه في قضائه وقدرِه .

إنَّ الابتلاءَ ــ في حقيقةِ الأمرِ ــ هو مركبُ السُّمُوِّ بالنفسِ ، والتَّعالي بها على مطامعِ الحياةِ الدنيا ، ويكفي المؤمنُ المُبتَلَى كرامةً وشرفًا أنَّ اللهَ يحبُّه ، وفي نصوصِ شريعتِنا الإسلاميةِ الغرَّاء أنَّ اللهَ إذا أحبَّ عبدا ابتلاه ، فإذا نجحَ العبدُ المُبتَلَى نالَ رحمةَ اللهِ تبارك وتعالى } ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين (155) الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون (156) أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون (157) { البقرة . وفي نصوصِ شريعتنا المحمَّديةِ أنَّ الابتلاء يكفِّرُ الذنوبَ ويحطُّ الخطايا ، ويملأ صدرَ المؤمنِ المُبتَلَى هدى ونورا يقول النبيُّ r : ( ما من مسلمٍ يصيبُه أذى شوكةٍ فما فوقَها إلا حـطَّ اللهُ له بها من خطاياه ،كما تحطُّ الشجرةُ ورقَها ) رواه النسائي .والمؤمنُ يحوِّلُ الابتلاءَ إلى عمليةِ صبرٍ فيها أدواتُها البارعةُ للنجاح من قدرةٍ وإرادةٍ ويقينٍ بالله . ويرتدي به ثوبَ الاستسلام لأمرِ الله ، فلا ثوبَ للمؤمنِ غيرُه ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) . فبشرى لهذا المؤمنِ الذي فاز بحبِّ اللهِ ومغفرتِه .

هذا منهجُ أهلِ الهدى ، وهو الدليلُ على صحةِ الإيمانِ ، والنُّضجِ في وضوحِ معنى الاستسلامِ لله فيما قضى وقدَّرَ . والإيمانُ الحقُّ يعيدُ طبيعةَ الفطرةِ إلى مسارِها الصحيح في حياة المؤمنِ ، مهما كانت المتغيراتُ ، فلا تجدُ النفسَ التي يغشاها القلق ، ولا فتورَ وَقدةِ الرضا بقضاءِ الله ، وإنما تجدُ النفسَ المطمئنةَ مع صدقِ التَّوجهِ الذي يؤكدُ على بشريةَ الانفعال وضبطِه ، كيلا يخرجَ عن حدودِ الأمر الإلهي ، لقد مات ابنُ رسولِ الله r إبراهيمُ عليه السلام فدمعت عينا ه ، وحزن قلبُه على فراق طفلِه ، وهذا من صحة الإيمان لتعليم الناسِ ، وهو من طبيعةِ الفطرة التي خلق اللهُ الناسًَ عليها . وهي تشكل خطابا إيجابيًّا لكل مسلم يعيشُ حالات الابتلاء المتنوعة ، وتشكل خطابا إيجابيا للأمة المسلمة وهي تواجه اليوم النوازل والنكبات من أعدائها . وتلك إشراقةٌ نورانيةٌ إيمانية تجدِّدُ العلاقةَ بين المسلم وربِّه ، وبين الأمةِ وخالقِها جلَّ وعلا . لتتخطَّى العثراتِ والعقبات المتمثلة بالإحباط والشعور بالعجز ، وامتداد الكآبة السلبيَّةِ على مجمل حياتِها .

وهنا لابدَّ للمسلمِ المُبتَلَى ، وللأمةِ المُبتلاةِ من استقبال تلك الإشراقة النورانية المتمثلة بالشوقِ إلى الله ، للبحثِ عن مواطن رضاه ، والقيام بواجباتِ العبودية الحقَّةِ ، لكيلا تبقى الأمةُ مسرفةً على نفسِها ، مستكبرةً ببعدِها عن دينها ، معرضةً عن خيرٍ يواتيها . فإن هي آبتْ إلى الله فسوف يكفِّرُ اللهُ عنها ذنوبَها ويرفع أثقالَها ، ويصلحُ بالَها ، ويجعل لها من أمرِها فرجا ومخرجا وفتحا مبينا . وهنا تأتي قيمُ الإيمانِ روافدَ لهذه الأوبةِ من إخلاصٍ لله ، وحضور واعٍ في الحياة ، ولتجافي الأمةُ المعاصي والآثام . وبذلك يصلح الأمرُ ، فصلاحُ دينِ الأمةِ هو عصمةُ الأمر كما جاء عن رسول الله r ، وبه تُستَعادُ نعمةَ الطمأنينةِ ، وبه تُبعدُ النقمُ والسَّخطُ ، وتكونُ العافيةُ . فبالتقوى تنشرحُ الصدورُ ، وتكتسبُ القلوبُ القوةَ ، ويكون امتدادُ الحياةِ للمسلمِ وللأمةِ المسلمةِ زيادةً في الخيرات بإذنِ الله .

لقد أُصيبت الأمةُ في هذا العصرِ بمصائبَ عظيمةٍ ، وابتلاءاتٍ قاسيةٍ ، وذلك بما كسبتْ أيدي أبنائها ، ولن يدفعَ هذه النوازلَ ويزيلَ هذه الابتلاءات إلا الهدايةُ والعودةُ إلى الله . قال تعالى : } ما أصاب من مصيبةٍ إلا بإذنِ اللهِ ومَن يؤمنْ باللهِ يهدِ قلبَه ، واللهُ بكلِّ شيءٍ عليم { 11/ التغابن . والأمةُ إذا نفضتْ مارانَ على قلوبِ أبنائها من دغلٍ وجفوةٍ لهذا الدين ، وأفاقت من غفلتها ، فإنَّ لها موعدًا مع فتحٍ مبينٍ من ربِّها . وسيكون فتحا عظيما يوازي عِظَمَ البلاءِ الذي حـلَّ بها . روى الترمذي وابنُ ماجة أنَّ رسول الله r قال : ( إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاء ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قوما ابتلاهم ، فمَن رضي فله الرضا ، ومَن سخطَ فله السُّخْطُ ) . فلا بدَّ أن تكون القلوبُ سليمةً خاشعةً لله ، حتى تنهضَ بأصحابِها إلى المكانةِ التي أعدَّها الله لها . أما القلوبُ القاسيةُ المظلمةُ المريضة ، بل قُلْ : الميتة فليس لها من سبيل إلا الشقاء ، وإذا أرادت النجاةَ والعافية فليس لها إلا ماجاء في كتاب الله ، وفي سُنَّةِ رسولِه r يقول الله تعالى : } يا أيها الناس قد جاءتكم موعظةٌ من ربكم وشفاء لِما في الصدور وهدى ورحمةٌ للمؤمنين (57) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون (58) { يونس . ويقول عزَّ وجلَّ : } وننزلُ من القرآن ماهو شِفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ، ولا يزيدُ الظالمين إلا خسارا { 82/ الإسراء . إنها موعظةٌ بليغةٌ لهذه الأمةِ ، موعظةٌ تعالجُ الفسادَ الذي استشرى في جسدِ الأمةِ المسلمةِ ، موعظةٌ تجلبُ لها العزةَ والكرامةَ ، في حياةٍ كريمةٍ مشرقةٍ بالمآثرِ والفضائلِ ، بل تحييها من جديد ، يقول المولى تبارك وتعالى : }أوَمَنْ كان ميْتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمَنْ مثله في الظلمات ليس بخارج منها . كذلك زُيِّن للكافرين ما كانوا يعملون { 122/ الأنعام .

فكما أن الفجرَ يخرجُ من ظلمةِ الليلِ ، فإنَّ الفرجَ ــ بموعودِ اللهِ ــ يأتي من مهجِ الشدائدِ . روى الإمام الطبري عن قتادة رضي اللهُ عنه ، أن أعرابيا جاء إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين أجدبت الأرضُ وقحط المطر وقنط الناس . فقال عمر رضي الله عنه : إذن أُمطرتم . وتلا قولَ الله تعالى : } وهو الذي ينزل الغيثَ من بعد ماقنطوا وينشر رحمتَه { 28/الشورى . وكأن انبلاج الأمر يتحقق ــ بمشيئة الله ــ عند بلوغ الشدة قِمَّتَها ، ويأخذُ الحالُ بالناسِ إلى حافة اليأسِ ، يقول تعالى : } حتى إذا استيأس الرسلُ وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرُنا ... { 110/يوسف . وشدائد الابتلاء تُمحِّصُ الفردَ المسلم ، والأمةَ المسلمة إذا رُزقَ الفرد المسلم والأمةُ المسلمةُ القدرة على المصابرة ، وقد تطول أو تقصر مدةُ الصبرِ ، ولكنها لاتعدم مناهجَ التربية الإيمانية الحقة ، حيث يعود المسلمُ إلى ذاته ليصلح ما فسد من عقيدة أو سلوك ، ويعمل على مضاعفة مآثره بالأعمال الصالحات ، ويتأسى بمَنْ سبقوه من أهل الإيمان والصبر في الحق ، الذين نجحوا ــ بتوفيق الله ــ في اختبارات الابتلاء كما أنه يعمل على مجاهدة نفسه ، دفعا لوساوس الشيطان وتلبيسه ، وردًّا لرغبات النفس الأمارة بالسوء ، وفي الحديث الشريف : ( ومَن يتقِ الشرَّ يوقه ) . وهذه المجاهدة أو المجالدة تربي الرجال ، وتحيي في نفوسهم العزائم ، حتى ليجدَ مَنْ يجالسُهم ما لا يجده عند غيرهم من المؤانسةِ والانشراح والاستقرار النفسي ، وإضاءات الأمل الوريف رغم الغمم الحالكة التي تخيم على الناس .

هذه العلاقةُ الحميمةُ بين الابتلاء ، وبين ساعة الفرج المرتقبة ــ بإذن الله ــ تحيي فضيلة الصَّبرِ ، الصبر الجميل ، الصبر المحمود الذي يحظى صاحبُه بنورِ معيةِ الله ِ، ( إنَّ اللَّهَ مع الصَّابرين ) ، فيرقى ويسمو ، و وهجُ الابتلاء يزيدُه سُمُوا وقربا من الله ، ولعل الله سبحانه يحبُّ أن يرى عبادَه هؤلاء يتقلبون على جمر المكاره والشدائد ، وهم ثابتون على أصول إيمانهم ، وفسحة يقينهم ، فيضحك الله ــ جلَّ وعلا ــ لصبرهم . عم أبي رزين قال : قال رسولُ الله r :{(ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَره), قلت:يا رسول الله أَوَ يضحكُ الربُّ؟ قال : ( نعم ). قلت :لن نعدمَ ــ من ربٍّ يضحكُ ــ خيرأ } رواه ابنُ ماجة .

أليس في هذا نداءٌ لأبناءِ هذه الأمة المنكوبة ؟!

إنَّ المسلم العاقل يجيب : بلى . إنه نداء رخيٌّ نديٌّ حنون ... فالأمةُ بحاجة إلى السُمُو فوق الشدائد والمكائد ، وفوق الأهواء والشهوات . الأمة اليوم بحاجة ــ حقيقةً ــ إلى إضرام نيران الشوقِ إلى الله ، إلى طاعته والإقبال عليه ، وامتطاء مراكب الرضوان إلى فردوسِه الأعلى ، وهي بحاجة إلى العمل الدؤوب المتَقَبَل وقد أعذ ر ــ والله ــ مَن أنذر ، ونهانا عن هذه الجفوة المقيتة لديننا الإسلاميِّ الحنيف . و وعدنا وبشرنا بالفتح ، آنَ لأبناء الأمة أن يتخلَّوا عن حالة البلادة والاستهتار التي جمعتهم في ملاعب اللهو والمقت والضياع ، لينطلقوا بحالة راشدة تحت لواءِ خيريتِهم نحو المجد والسؤدُدِ ، وعندئذ لن يبالوا بالظلم الدولي ، فرعاية الله كافيةٌ لحمايتهم من الغزاة الجناة ، من أهل الكتاب وغيرهم من المشركين ، وما النصر إلا من عند الله ، وتلك سُنَّةُ اللهِ في خلقِه ، يقول تبارك وتعالى : } سنة الله التي قد خلتْ من قبلُ ، ولن تجد لسُنَّةِ الله تبديلا { 23/الفتح . إنَّ حُججَ غير المؤمنين بالإسلام من أبناء هذه الأمة قد انقطعت ، وظهر بطلانُ ماهم عليه ، وما نادوا إليه من بعد سقوط الخلافة الإسلامية إلى يوم الناس هذا ، فانكشف أمرُهم ، وباءت تجارتُهم بالبوار والخسران ،ألا فليتقوا اللهَ في أنفسِهم ، وفي أمتهم ، ثم في آخرتهم التي سيوفضون إليها ولن تطول الفترة . فلقد أعذرهم اللهُ ربُّهم وحسبُ ، فلا يغرَّنَّهم اتساعُ مساحات الاستدراج من حولهم ، فليس في الوجود من غالب غيرُ الله العزيز الحكيم ،وصدق الله القائل : } إنِ الحكمُ إلا لله ، أمر ألا تعبدوا إلا إياه ... { 40/ يوسف .ولا تخدعنَّهم مرابحُ تجارة الحضارة المادية المزيفة الوافدة من الغرب الفاسق ، أو من الشرق الملحد ،رغم تقدمها العلمي ، لأنها تحمل عواملَ وأسبابَ سقوطها معها : من فجور وسفور وإلحاد ، ومن احتقار لحقوق الإنسان ، ومن امتداد لأشكال الاستعمار المستحدث ، والأهم من كل ذلك حربُها على دينِ الله وأهله ... حربها على الإسلام بقوة وعناد ومكر وإصرار ، فلقد داست بقوتها المادية العاتية على أيدي أبنائها الفجار المستهترين كلَّ ما للإسلام من أركان وقيم ومقدسات ومآثر ، واجتاحت بهيمنتِها الاستعلائية مغاني فخار الأمة المسلمة ، وهي تحاول اليوم طمسَ الإرثِ النبوي الكريم ... ولكنْ هيهات !!!

هاهو الابتلاء المشحون بالمصائب والويلات والنكبات يجمع كلَّ أعراق أبناء الأمة المسلمة على امتدادها الجغرافي في المعمورة ، لتجديد الهُويَّةِ الأصلية الأصيلة ، ألا إنها الإسلام ، الإسلام بمنهجيته في بناء شخصية الفرد المسلم ، وفي تقوية جوانب العزة والكرامة والتَّميُّز في الأمة المسلمة ، وفي إحياء القيم والآداب ، وفي فتح أبواب الآخرة الباقية على مافيها ، ولها من أشواق وأذواق ، أمام جميع الناس ليدخلوا في دين الله أفواجا ، حيثُ السعادة في الدنيا ، والبشرى عند الموت ، والجنة في ظلِّ الله يوم القيامة . وفي هذا دعوةٌ صادقة للخلق كلِّ الخلق من غير إكراه ولا تسلط ولا تدليس .

يكفي الأمة ضياع هُويتها ، وفقدان شخصيتها ، ونحول حضورها العالمي بعد هزائمها في جميع الميادين وعلى مختلف الجبهات ، ألم يَحِن الوقتُ لتخرجَ من هذا المخاض العسير الشديد ، وتمتطي سفنَ الصَّبرِ ، وتمخر إلى شواطئ إيمانها بالله ، وحبها لرسول الله r ، وكفاءتها العالية ، و رصيدها اللامحدود من المآثر ، و وسطيتها المحمودة ، وأهدافها الإنسانية النبيلة . ألا يكفي أبناء الأمة وهم يستمرئون غيابَ وعيِهم ، وبعثرة ما حباهم الله من عقل ومنهاج وقوة ، وكم نتمنَّى أن يكون هذا الاستمراء في غير هذا السبيل ، كخطأ غير متَعَمَّدٍ أو نسيان غير مقصود ... حيثُ لايؤاخذُ عليه أبناء الأمة ، وحينها تدركهم عنايةُ الله ، وتشفع لهم إنابتُهم إلى ربِّهم ، فيسدد خطاهم ، ويتم عليهم نعمته !!

آنَ للأُمَّةِ أن تدركَ مهمتها في الحياة ، وتخرج من عباءة الابتلاءات وهي مؤمنةٌ صابرة محتسبة ، لايصدُّها عن دينها ما لاقت من الأذى والظلم ، وحقَّ لها أن تعدَّ العدة الواجبة لحمل رسالة الإسلام من جديد إلى أمم الأرض الدانية والقاصية ، وأن تستبشر بوعدِ اللهِ لها ، و وعدِ رسوله الصَّادقِ الأمين r حين قال : ( إنَّ الله زوى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها ، وإنَّ أُمتي سيبلغُ ملكُها ما زُويَ لي منها ) رواه مسلم . ولن تستطيع كلُّ قوى الأرض الباغية يومئذ أن تردَّ هذا النور عن خلقِ اللهِ في أرضِه ، فأعداء الإنسانية مابرحوا يمكرون ويقاتلون ، ولكنَّ اللهَ خاذلُهم . يقول العزيز الحكيم : } ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ... { 217/البقرة .ولن يستطيعوا ــ بحول اللهِ ــ أن يردونا عن ديننا ، ولن يقدروا على منعنا من الخروج من ظلمات الابتلاء والاعتداء التي حاقت بنا ، ولن نحمل الحقدَ كما حملوه إلينا ، ولن نتمنَّى لغير المسلمين إلا الهداية ، وإن كنا ندعو الله ونردد دائما : اللهم اشدد وطأتك على أعداء الإسلام أينما وُجدوا ، واجعل عليهم كسنيِّ يوسف ، وهيئ للأمة المحمَّديَّةِ فرجا و مخرجا يا أرحم الراحمين .

وسوم: العدد 1035