لا خلاص للإسرائيليين في صراعهم مع الفلسطينيين إلا بزوال دولتهم
لم يتوقف صراع الإسرائيليين مع الفلسطينيين منذ أن بنوا في الوطن الفلسطيني مستوطنتهم الأولى بتاح تكفا في 1882، وليس يفوتنا تزامنها مع الاحتلال البريطاني لمصر في ذلك الحين حتى وإن كان بناة تلك المستوطنة من يهود روسيا وأوكرانيا ، فالحركة الصهيونية ذات الطابع العالمي استهدفت حشد من تستطيع حشدهم من يهود العالم لاستنبات مشروعها الاستيطاني في فلسطين . وتباينت صور صراعها مع الفلسطينيين وضوحا وغموضا ، وهدوءا وشدة ، واتخذت بعد قرار تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947 مستوى عسكريا انتهى إلى ذروته بعد إعلان دولتها رسميا في 14 مايو 1948 ؛ وانساب البعد العربي في تلك الذروة إلى البعد الفلسطيني في الصراع بتدخل جيوش عدة دول عربية فيه . وتصاعد البعد العربي بظهور التيار القومي الناصري واستقطابه عددا من الدول العربية للتوحد في التصدي لإسرائيل بصفتها خطرا على كل العرب ، وليس على الفلسطينيين وحدهم . وتراجع ذلك البعد في مستواه الرسمي مرحلة تلو مرحلة إلى أن ألفى الفلسطينيون أنفسهم وحيدين في الصراع ، وقيض الله _ عز قدره _ أن تظهر قوة إسلامية في إيران تقف صادقة العزم في جبهتهم ، وبتأثير هذه القوة ظهر حزب الله متصديا لعدوان إسرائيل على لبنان ، ومناصرا للفلسطينيين ، ومؤمنا إيمانا يقينيا أن إسرائيل عدو كل العرب والمسلمين ، وأنهم ملزمون كلهم بمقاومتها إلا أن واقع وجود الفلسطينيين والإسرائيليين في أرض واحدة فرض خصوصية للبعد الفلسطيني في الصراع . الفلسطينيون في مناطقهم الثلاث يتعرضون يوميا لعنف الإسرائيليين وشرورهم اغتيالا واعتقالا وهدم منازل ومؤسسات واستيلاء على الأرض متصل الوتيرة ، وألزمهم هذا التعرض بمقاومته بكل ما يقدرون عليه من الوسائل . وأخفقت كل جولات إسرائيل القتالية وحروبها في غزة والضفة والقدس في إضعاف هذه المقاومة . وكل إخفاق يفجر صنوفا جديدة متصاعدة من عنفها ضدهم ، ومن إصدار القوانين في الداخل المحتل لعزل فلسطينييه عن التفاعل الوطني والإنساني مع أشقائهم في الضفة والقدس وغزة . ترى هذا التفاعل منكرا وخيانة للمواطنة الإسرائيلية التي أجبرهم واقعهم على قبولها ، وتريدهم أن يكونوا يهودا هوىً وهوية في الحين الذي تطلب فيه من كل يهود العالم الولاء لها على اختلاف أعراقهم وجنسياتهم الوطنية ، وتمنحهم الجنسية الإسرائيلية تطبيقا لما تسميه قانون العودة ، وتتعامى عن حقيقة أن كل أسرة في الداخل المحتل لها أقارب في الضفة والقدس وغزة ، وأن الفلسطينيين شعب واحد ، وهالها تفاعل فلسطينيي الداخل وطنيا مع إخوانهم في هذه المناطق في معركة سيف القدس في مايو 2021، فاستغولت عليهم ، وشكلت قوة خاصة لمواجهتهم قوامها 10 كتائب ، واليقين قاطع في أن أجهزتها الأمنية هي المحرك الحقيقي للارتفاع الجنوني في جرائم القتل بينهم ، ومن شواهد هذا اليقين أنه ، الارتفاع ، حدث في وتيرة متلاحقة الزيادة منذ تلك المعركة تجاوزت مائة ضحية في هذا العام الذي مازال في منتصفه . وهي لا تتعلم شيئا من خيبات حروبها وجولاتها القتالية وعنفها مع الفلسطينيين في حل معضلة وجودها ، وتوالي تشبثها بوهمها أن القوة ستأتي بالحل ، والقوة في رؤيتها الفاسدة الضالة هي القوة العسكرية ، وما دامت هي الأقوى عسكريا في صراعها معهم فهي المنتصرة في النهاية . وتعمى تماما عن رؤية فاعلية القوة البشرية الفلسطينية التي تعترف بتفوقها عددا على قوتها البشرية التي تتنامى بالمهاجرين المجلوبين بينما تتنامى القوة البشرية الفلسطينية ذاتيا . ولا تقلق من حقيقة أن تطبيعها مع الدول العربية والإسلامية لا يحل صراعها مع الفلسطينيين ، وإن آلمهم وأحزنهم وأشعرهم بالاغتراب القومي . وتنهض بين الإسرائيليين في وقت وآخر دعوات للخلاص من دوامة الوضع الحالي التي لا تتوقف عن الدوران بذات المواصفات وذات النتائج التي لا تناسب الطرفين . وآخر ما قرأناه من تلك الدعوات دعوة آفي دبوش أحد مؤسسي حركة " أرض للجميع " ، والمدير التنفيذي لجمعية " حاخامات من أجل حقوق الإنسان " . دعا في مقال صحيفة " يديعوت أحرونوت " إلى كونفدرالية تجمع الإسرائيليين والفلسطينيين وتغنيهم عن حل الدولتين أوحل الدولة الواحدة .
وسوم: العدد 1037