احذروا الانغماس فى قصة الماسونية

كتبت وتحدثت مرارا عن الماسونية وأكدت أنها حركة خطيرة معادية للاسلام ولكل الأديان وللبشرية جمعاء . والحركة الماسونية حركة حقيقية لها وجود علنى فى بلاد الغرب ومقرات معروفة فى الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا وسائر بلاد غرب أوروبا واسرائيل وأقامت فروعا فى بلادنا العربية فى القرنين 19 و20 ولكن أظن أنها مغلقة الآن فى الوطن العربى وظهرت بديلا عنها جمعيات أخرى تحت اسم : الروتارى والليونز وغيرهما.

قلت سابقا إن جوهر هذه الحركة التى أسسها اليهود أنها من أهم أذرع اليهود للسيطرة على العالم وحكمه ، لأن اليهود قلة قليلة لا تتجاوز 1 % من البشرية ولايمكن تحقيق السيطرة على العالم بهذا العدد الضئيل الذى تراوح بين 13 و15 مليون نسمة . ولذلك تم تأسيس العديد من المنظمات لتجنيد ملايين المسيحيين والمسلمين وأفراد من سائر الملل والشعوب للعمل تحت قيادة اليهود لتحقيق أهدافهم . ليست الماسونية هى المنظمة الوحيدة التى تقوم بذلك ولكن يبدو أنها هى المنظمة الأساسية والمحورية بكل تفرعاتها لتحقيق هذه المهمة .

القول بسعى اليهود للسيطرة على العالم وحكمه لا تحتاج لكثير من البرهنة ، فالعقيدة اليهودية بصورتها الراهنة ومنذ قرون تقول بأن اليهود هم شعب الله المختار وهذا وارد فى النسخة الحالية من التوراة وفى التلمود ، ولذلك فإن الديانة اليهودية غير تبشيرية أى لا تسعى لنشر الدين اليهودى بين سائر الأمم ولكن تسعى لاستقطاب أكبر عدد ممكن من هذه الأمم لتعمل تحت لوائهم . كيف يمكن أن تؤمن بأنك شعب الله المختار وتترك أمرك فى يد الأغيار الذين تصفهم بالبهائم أو مخلوقات من الدرجة الثانية ، شعب الله المختار من الطبيعى ألا يصبح منبوذا بهذا العدد القليل بل يسعى هو لحكم العالم . والوسائل لتحقيق ذلك عديدة بالتموضع فى مفاصل الدول وبتولى المهن الأكثر حسما وخطورة ، كالبحث العلمى والتعمق فى العلوم الطبيعية ، والسيطرة على العقول من خلال التحكم فى الجامعات ودور النشر وشتى المؤسسات الثقافية والاعلامية خاصة فى الغرب الأقوى فى العالم .

ومن أهم وسائلهم لتحقيق هذه الأهداف محاربة القيم الدينية والأخلاقية ونشر الفسق والفساد فى الأرض بل ومحاربة الوطنية ، وهذان هما أهم رابطين لتماسك مجموعات البشر : الدين والوطن . الحرب على الدين والأخلاق تطورت من نشر الإباحية والدعارة وصناعة الجنس والخمور والقمار بحيث أصبحت بمئات المليارات ، حتى وصل بنا الحال إلى نشر الشذوذ الجنسى والتحول الجنسى بحيث حولوها إلى مبادىء انسانية عليا يحاربون من أجلها .

تروج الماسونية أنها مع الدين والأخلاق ومع الوحدة الانسانية ولذلك فإن المسلم عندما ينضم إلى الجمعية الماسونية يقسم على القرآن والمسيحى على الانجيل واليهودى على التوراة . ولكنها تقبل أى منتمين لأى أديان أخرى أو لادينيين ، أما العلاقات الداخلية فتقوم على الأخوة الانسانية ويعتمدون مصطلح الأخوية . وحتى هذا الكلام المعلن فهو هراء يمكن دحضه بسهولة . ولكننى أكتب هذا المقال بالذات لأدعو لعدم الإنغماس فى تتبع ترهات الماسونية والقصص التى يتم ترويجها فى المقالات والكتب والفيديوهات ، لأن الماسونية نفسها تستهدف أن ننشغل بهذه الأقاصيص التى تخلط بين الحقائق والأكاذيب ، بين الواقع والخيال ، وحتى تصيبنا الرهبة والاحساس بالغموض والخوف وعدم اليقين . وأن يتهم أحدنا الآخر بأنه ماسونى . وأن يكون عالم الماسونية عالم السحر والخيال والغموض والأشباح التى تطاردنا ولا نكاد نراها .

نصحت سابقا بعدم الانشغال بهذه القصص المليئة بالخرافات والخزعبلات والتى تحولنا إلى مقاتلة أعداء وهميين وغير ملموسين بشكل محدد . ، بالضبط كقصة محاربة دون كيشوت لطواحين الهواء . ولكن مع ملاحظة أن الماسونية هى كيان حقيقى . ولكن لأنها تنظيم سرى وعريق فى السرية وخبير بها فلا يمكن لنا أن نفهم كل تحركاته ومواقفه . إنها الجناح السرى – الظل – للحركة الصهيونية اليهودية وللنظام الغربى . وبالتالى من الصحيح والمنطقى أن نواجه ونحلل ونقاوم الأصل العلنى : التحالف الأنجلوسكسونى اليهودى العالمى ، وهو التحالف الأمريكى الصهيونى . فهذا هو الأصل العلنى والواضح والمنصوص عليه فى القرآن الكريم ،

المائدة 82 – لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين

أشركوا

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ المائدة 51

وقد شرحت فى دراساتى أن المقصود هنا النصارى المحاربين وليس النصارى المقيمون فى الدولة الاسلامية وقلت إن التحالف اليهودى البروتستانتى الأمريكى هو تجسيد لهذه الآية المعجزة لأن اليهود والنصارى كانوا يعادون بعضهم بشدة فى الماضى كما هو وارد فى آية أخرى

﴿ وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡءٖ

البقرة 113

وقد شرحت أن هذا التحالف انتهازى ومنافق بين بروتستانت أمريكا واليهود . ولكنه يمثل القوة الأكبر فى العالم اليوم .

هذا هو التحالف الأصلى الذى نواجهه التحالف الأمريكى اليهودى وليس الماسونية بعد تسميتها بالمنظومة لدرء خطر الحذف من اليوتيوب !

يقول الأستاذ خالد عيسى فى قناة إلقاء ضوء على اليوتيوب أن المنظومة الماسونية فوق أمريكا واسرائيل .

الحلف الصهيونى الأمريكى هو الذى يحتل أراضينا ويقتلنا وينهب ثرواتنا ونتركه ونتحدث عن عدو وهمى اسمه الماسونية ، وهل توجد خدمة أكثر من ذلك للمعتدين ، بأن نكف الحديث عنهم لنتحدث عن أشباح نحاول الإمساك بها من خلال تتبع بعض الرموز هنا وهناك . هل معقول أن مواقع وقنوات تتخصص فى مهاجمة الماسونية ولا تتحدث عما يحدث على أرض فلسطين المحتلة ولا عن جرائم أمريكا كل يوم فى العالم وتهاجم روسيا وسوريا والصين ، بل وتبشر بأن اليهود هم الذين سيحررون اسطنبول ، لأن ذلك ورد فى مسلم فى حديث ضعيف . وهل لا تزال اسطنبول تحتاج إلى تحرير من البيزنطيين ؟

وهذه المواقع تتعامل مع أسفار التوراة بمنتهى الاحترام وتقول إن بعض هذه الأسفار موجهة للمسلمين لأنها تبشر بالمهدى المنتظر والذى تسميه القائم .

وهذا يذكرنا بقصة السيدة مايا صبحى المختفية ، وقد لفتت انتباهى وكنت أرى أنها تقول بعض الحقائق المقنعة ولكنها لا تكمل حديثها بصورة منطقية متكاملة ، فأصبح حديثها أقرب إلى التشويش منه إلى التنوير . وقد حاولت الاتصال بها من خلال صفحتها على الفيس عندما كانت تظهر ، ولكنها لم ترد بطبيعة الحال .

أحاديث مايا صبحى المتقطعة تشير إلى شىء حقيقى وهو الرابطة بين الماسونية والأعمال الشريرة السرية للولايات المتحدة . وتم إسكاتها وإختفاؤها .

إن الحديث فى كل هذه الأمور يتعين أن يتم فى إطار ثقافى وبعيدا عن السياسة ، ولكن أيضا فى صيغة توضيح عميق ومقنع لموضوع معين ، كغاز الكميتريل أو مشروع هارب أو غير ذلك . أما الطريقة المخابراتية بنشر معلومات مبتورة فى إطار رسائل حرب مخابراتية فهى لاتفيد فى محاربة الماسونية ولا محاربة الحلف الصهيونى الأمريكى .

نحن فى بلادنا العربية خاضعين للهيمنة الأمريكية الصهيونية وواجب كل الوطنيين والقوميين والاسلاميين التركيز على محاربة هذا النفوذ وطرده . العدو واضح تماما وملموس جدا ولا تشغلوا الناس بأعمال سرية للأشباح الماسونية . العدو هو الكيان الصهيونى وحكومة الولايات المتحدة وكل من ينضم إليهما من بلدان الغرب .

حاشية :

يغذى هذا الميل للانغماس فى أحاديث الماسونية الأحاديث الضعيفة والموضوعة عن أحداث آخر الزمان وكثير منها منقول حرفيا من التوراة وكتب اليهود وهذا ما يحتاج إلى حديث خاص لأن كثيرا من الدعاة شغلوا الناس بهذه الموضوعات ، شغلوهم عن تحديات مميتة للمسلمين على أرض الواقع .

وسوم: العدد 1038