تعتبر "المجلس العسكري" جزءًا من التوجه المدني، مبادرة طلاس.. لا رفض ولا اتفاق
جاءت مبادرة العميد المنشق مناف طلاس، مؤخرًا، حول مرحلة انتقالية في سوريا، لتفتح باب التساؤلات حيالها في الوقت الذي يعود به الملف السوري إلى الواجهة السياسية مجددًا عبر أكثر من بوابة، على مستوى دولي وعربي، لإعادة إنعاش محاولات الحل السياسي بموجب قرار مجلس الأمن “2254” المركون على الرفّ، رغم “تغنّي” كل الأطراف المعنية بالقرار.
المبادرة تأتي حاملة على عاتقها عناوين عريضة، كـ”المحافظة على السلم الأهلي”، و”حماية الاستقرار”، و”جمع السلاح غير المنضبط”، و”توفير منصة وطنية للعمل المشترك”، في ظل وجود أجسام وهيئات سياسية معارضة على الأرض، ومنظمات مجتمع مدني موزعة بين الداخل والخارج.
تناقش عنب بلدي في هذا الملف مدى قابلية هذه المبادرة للتطبيق في ضوء المتغيرات السياسية الراهنة، وموقف المعارضة السورية السياسية منها، كما تتيح لـ”المجلس العسكري” و”الحكومة السورية المؤقتة” تقديم وجهتي نظرهما حول المبادرة، وجدوى إعادة إنتاج طروحات سياسية ومبادرات لا تلغي ما هو موجود أصلًا.
المبادرة والتوقيت
طرح العميد المنشق مناف طلاس، في 9 من حزيران الحالي، مبادرة سياسية تتلخص بمرحلة انتقالية في سوريا، تشمل جمع السلاح والمحافظة على السلم الأهلي، بغية الوصول إلى حل سياسي، معتبرًا مشروع “المجلس العسكري” جزءًا من التوجه المدني الديمقراطي.
وفي حديث إلى صحيفة “القدس العربي“، كشف طلاس عن ترتيب آلية العمل الخاص به للمرحلة المقبلة وفق الإمكانات الدولية، موضحًا أن هدف “المجلس العسكري” يتجلى بجمع السلاح غير المنضبط، وحصره بيد المؤسسة “العسكرية الوطنية”، والحفاظ على السلم الأهلي، وحماية الاستقرار في المرحلة المقبلة.
ومن أهداف “المجلس” أيضًا، الإسهام في توفير البيئة الآمنة لمرحلة التعافي، للوصول إلى حل سياسي، وعملية سياسية ذات مصداقية، وفق قرارات الأمم المتحدة وتطلعات الشعب السوري، حسب قوله.
طلاس يرى في “المجلس العسكري” جزءًا من الحراك السوري العام بكل تجمعاته، وأنه ليس بديلًا عن هذه التجمعات، بل يعمل وسيعمل مع التجمعات المدنية والسياسية والاقتصادية السورية وفق الأهداف الوطنية المشتركة، وإيقاف نزيف الدم السوري، وتوفير منصة وطنية للعمل المشترك، للوصول إلى الحل السياسي العام في سوريا.
كما تحدث عن دعم سياسي خارجي موجود دائمًا لـ”المجلس” من ناحية تقبل المشروع والحاجة إليه، باعتبار أنه لا بد منه في مسار المرحلة الانتقالية، معتبرًا أن ظروف عمله وبرامجه بقيت سرية خلال السنوات الماضية بسبب طبيعتها، وفق قوله.
طرح مناف طلاس الذي ركّز على إعادة ترتيب آلية العمل، والحديث عن “استراتيجية نضالية جديدة”، وإطلاق “حركة التحرر الوطني”، جاء في ظل متغيرات وتحركات سياسية نشطة يشهدها الملف السوري مؤخرًا، على مستوى اللقاءات والمباحثات، إلى جانب حالة “تقبّل” عربي لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، عبّرت عن نفسها بوضوح بعد الزلزال الذي حصل في 6 من شباط الماضي.
المعارضة في جنيف
قبل أقل من أسبوع على مبادرة طلاس، أنهت المعارضة السورية اجتماعها في جنيف، الذي أقيم على مدار ثلاثة أيام (من 2 حتى 4 من حزيران الحالي)، وضم جميع مكوّنات “هيئة التفاوض” منذ عام 2019، والتقت المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، ثم ممثلي عدة دول فاعلة بالملف السوري.
وطالب البيان الختامي للاجتماع بإصلاح الأخطاء السياسية للمعارضة، و”إعادة النظر في الممارسة السياسية، والإحجام عن ممارسة التدمير الذاتي، واستخلاص الدروس من الأخطاء لإصلاح البيت السياسي”، مع التمسك بقرار مجلس الأمن “2254”.
اجتماع “هيئة التفاوض” سبقه إعلان الكيانات العائدة لها إرسال ممثليها أو مشاركتهم بالاجتماع، ومنها “منصة موسكو”، التي أعلن رئيسها، قدري جميل، عودته للمشاركة بالاجتماعات بعد انقطاع لأكثر من ثلاث سنوات ونصف.
وتبع الاجتماع، في 7 من حزيران الحالي، تصريح لرئيس “هيئة التفاوض”، بدر جاموس، لوكالة “سبوتنيك” الروسية، أعلن فيه جاهزية المعارضة السورية للتفاوض بشكل مباشر مع النظام السوري في كل الملفات.
وبيّن جاموس حينها، أن “الهيئة” على قناعة بأن الحل السياسي هو الأساس، وأن القرار الأممي “2254” المتعلق بوقف إطلاق النار والتسوية السياسية هو البوصلة.
“مدنية” في باريس
في 5 و6 من حزيران الحالي، أُطلقت مبادرة “مدنية” للمجتمع المدني السوري بمعهد “العالم العربي” في باريس، بعد عامين من التخطيط، والتقى خلالها ممثلون عن أكثر من 150 منظمة مدنية تنشط في داخل سوريا وفي الدول المجاورة والمهجر.
وتعرف مبادرة “مدنية” عن نفسها بأنها “جهة مستقلة عن أي نفوذ سياسي أو أجنبي، تهدف إلى حماية الفضاء المدني السوري وتعزيز فاعليته في منصات صنع القرار”.
وبحسب بيان صادر عن الموقع الرسمي للمبادرة، فإن “مدنية” تهدف إلى “تعزيز الفاعلية السياسية للفضاء المدني السوري، وتعمل على حشد الفاعلين المدنيين السورين داخل سوريا وفي دول الجوار والشتات حول مجموعة من القيم المبنية على الحقوق، للانتظام ضمن فضاء مدني موحد”.
وحول مدى وجود ارتباط بين انعقاد “مدنية” ومبادرة طلاس، التي اعتبرت “المجلس العسكري” جزءًا من الحراك الثوري العام، أوضحت مسؤولة قسم التواصل لدى المبادرة، رانيا علي، أن التركيز الأساسي لـ”مدنية” هو الفضاء المدني السوري، مع التأكيد على الدور الريادي للفاعلين المدنيين السوريين بما يتماشى مع القرار “2254”.
وقالت مسؤولة التواصل في مبادرة “مدنية”، إنهم “غير منخرطين بأي شكل من الأشكال بالتنسيق أو المشاركة أو الاتصال مع أي مبادرة غير مدنية ناشئة حديثًا”.
وتابعت رانيا علي، “لكننا نأمل بشدة أن تعمل جميع المساعي الجارية والمقبلة لدعم الحل السياسي في سوريا وفق القرار (2254)، بما يعزز مشاركة الفاعلين المدنيين السوريين في صياغة مستقبل سوريا، ويحترم حقوق الإنسان، والسعي لتحقيق الاستقرار المستدام”.
تقارب عربي مع النظام
كسر الزلزال، الذي ضرب مدنًا سورية في 6 من شباط الماضي، حالة الجمود السياسي في الملف السوري، فاتحًا الباب أمام دول عربية عدة سارعت لفتح قنوات اتصال عالية المستوى مع النظام السوري، فبعد زيارات وزارية عربية جاءت لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية، شارك النظام السوري في لقاءات سياسية عربية، منها لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن والنظام بجدة، في 15 من نيسان الماضي.
كما شارك وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، في لقاء عمّان التشاوري الذي ضم وزراء خارجية العراق والأردن والسعودية ومصر، وصولًا إلى مشاركة الأسد في القمة العربية التي انعقدت بجدة، في 19 من أيار الماضي، وتطبيع السعودية علاقاتها رسميًا مع النظام السوري.
المجلس “هيئة مؤقتة”
يعرّف “المجلس العسكري” السوري عن نفسه على أنه “هيئة وظيفية” مؤقتة بمهمة محددة ضمن إطار زمني محدود، وهي خلق بيئة آمنة ومحايدة كشرط لا غنى عنه لانتقال سياسي ناجح، وهكذا يستمد ضرورته من قرار مجلس الأمن “2254”، وأنه مؤسسة محايدة سياسيًا تهدف إلى استعادة الحد الأدنى من الاستقرار والأمن للسماح بإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية.
الإعلان عن وجود “المجلس العسكري” جرى رسميًا وفق بيان صدر في كانون الثاني 2021، وأعلن 1600 ضابط منشق و600 صف ضابط دعمهم لـ”المجلس” واستعدادهم للعمل تحت رايته.
وذكر “المجلس” أنه وبسبب خلفية الضباط القياديين فيه (كانوا يشغلون مناصب عليا دون تحيز عقائدي أو ديني سابقًا) وعلاقاتهم بأعضاء الجهاز الأمني للنظام، فإن هذه الهيئة لديها إمكانات قوية لطمأنة جميع الطوائف السورية، وأن تكون بمنزلة أداة لبناء الجسور مع جهاز الأمن التابع للحكومة والجماعات الأخرى على الأرض، بالإضافة إلى القدرة على تحقيق ما بدا مستحيلًا مع الشخصيات السياسية لتأسيس هيئة حاكمة انتقالية.
الحديث عن مجلس عسكري يقوده العميد مناف طلاس ظهر منذ تموز 2012، بأنباء متفرقة لا مصدر رسمي لها، مع ما سُمّي تسريبات لقوائم ضمت أسماء لحكومة جديدة تمثّل السلطة الانتقالية في سوريا، قوبلت بالنفي حينها.
وبات الحديث على العلن، منذ شباط 2021، بعد أن نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية مقالًا للصحفي السوري المعارض ياسر بدوي، يدعو إلى تشكيل مجلس عسكري “بالتوافق بين الأطراف الفاعلة في سوريا، على رأسها روسيا”.
وفي 9 من شباط في العام نفسه، ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أن موسكو تلقت عروضًا من معارضين سوريين، تدعو إلى تشكيل مجلس عسكري مشترك بين قوات النظام وفصائل مسلحة معارضة ومنشقين، ما تبعه ردود فعل بين مؤيد ومعارض.
ماذا يقول “المجلس”؟
يقابَل أي حديث عن “المجلس العسكري السوري” الذي يقوده العميد مناف طلاس، بشكوك واتهامات بكونه وهمًا وغير موجود، وأن مبادرة المرحلة الانتقالية وضبط السلاح التي يطلقها غير قابلة للتطبيق، خاصة مع تكرار الطرح خلال السنوات الماضية.
العميد الركن المجاز فايز عمرو، قيادي في “المجلس العسكري السوري”، أوضح لعنب بلدي، أن لـ”المجلس” نشاطاته السرية خاصة مع الوضع الأمني في سوريا، وبسبب الترتيبات الخاصة ذات الطابع الأمني والعسكري، بالتنسيق بين لجانه وأعضائه ومجموعاته في جميع المناطق السورية.
ولا يمكن الحديث عن رقم دقيق لأعضاء “المجلس”، لكنه المظلة الأوسع لتجمع الضباط المنشقين بين كل التكتلات العسكرية، ويسعى ليكون المظلة الرئيسة لكل الضباط المنشقين الذين تصل أعدادهم إلى أكثر من خمسة آلاف ضابط، انضموا إلى “المجلس العسكري” ويشاركون في نشاطاته حسب إمكاناتهم، وضمن حدود العمل الحالي.
وهناك ضباط من مناطق النظام على اتصال مع “المجلس” ضمن ظروفهم الأمنية، يجمعهم موقف موحد لاستعادة الدور الوطني للمؤسسة العسكرية السورية، وإعادتها لتكون مؤسسة الشعب لا السلطة.
وبحسب العميد فايز عمرو، فإن نشاطات “المجلس” في المرحلة الحالية، وبالظروف الداخلية والخارجية للملف السوري، تتمثل في الاجتماعات التنظيمية وورشات العمل المتعلقة بتخصصات “المجلس”، سواء في التعاطي مع استحقاقات المرحلة الانتقالية وآليات ضمان وحماية هذه المرحلة، أو ما يتعلق بضبط السلاح والفوضى في هذه المرحلة لمصلحة التحضيرات الخاصة بالعملية السياسية، أو الورشات التخصصية في إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى التعاطي مع التهديدات العابرة للحدود وغيرها من مشكلات كل مرحلة، وتُنظم هذه النشاطات تحت إشراف اللجان التخصصية.
ومن النشاطات أيضًا، الاجتماعات الداخلية والدولية مع الشركاء السوريين والدوليين والمجتمع المدني وغيرهم، وآخرها اللقاء التشاوري الأول الذي عُقد على منصة “زوم”، في 20 من حزيران الحالي، بمشاركة 150 شخصية عسكرية ومدنية وسياسية، ودار فيه نقاش حول أفضل الآليات للعمل بمشروع “حركة التحرر الوطني السوري” التي أعلن “المجلس” مؤخرًا إطلاقها، ودور التجمعات والقوى والأحزاب السورية في الحركة.
اللقاءات والدعم الخارجي
حول لقاءات أعضاء “المجلس العسكري” مع شخصيات من الخارج، ووجود دعم خارجي وقبول داخلي، علل العميد فايز عمرو غياب أي مخرجات بعد تلك اللقاءات بحماية أعضاء “المجلس” من تهديدات النظام، وأي أطراف أخرى ترى في أي مشروع انضباط في المنطقة تهديدًا لها، ولذا يجري العمل وفق آلية عمل متدرجة تراعي الظرف السوري وتطورات الملف، كما أن “المجلس” لا يقدم نفسه كمسؤول عن الحل السياسي في سوريا في أي اجتماع، بل هو جزء من أدوات العمل في الملف السوري لتحقيق تقدم، وضمن اختصاصه فقط، وحين تنتهي المشاورات الخاصة بهذه البرامج سيجري الإفصاح عنها بكل شفافية، على حد قوله.
وعلى مستوى التمثيل الداخلي، أوضح العميد فايز عمرو أن تمثيل “المجلس” حاليًا يتناسب مع المرحلة، ومن يتحدث باسمه معروف في الداخل، وله تصريحات كثيرة على وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية منذ سنوات، كما أن عددًا من ممثلي “المجلس” في الداخل معروفون أيضًا، ومن لا تُعلن أسماؤهم، فلأسباب أمنية، لا سيما في مناطق سيطرة النظام، مبينًا أن للمرحلة المقبلة تحركات تتناسب معها أيضًا، وسيكون العمل على مستوى المكاتب ولجان التنسيق الدولية والسورية، بعد اكتمال التحضيرات الخاصة بالمشروع العام لـ”المجلس” (حركة التحرر الوطني السوري).
“من خلال مراقبة المشهد الكامل والأحداث التي مرت خلال السنوات الماضية، والنتائج التي أدى إليها الدعم والتدخل الخارجي مع كل الأطراف السورية، وجدنا أن العلاقة مع الخارج يجب أن تكون حذرة ومدروسة”، أضاف العميد فايز عمرو.
المشكلة في آلية الدعم
لا يمكن اعتبار أي علاقة مع جهة خارجية علاقة ارتهان لإرادة الخارج، ولا يمكن في أي نشاط يتعلق بالدول والعلاقات الدولية والداخلية إهمال الحديث عن داعمين وشركاء دوليين ومحليين، وفق القيادي في “المجلس العسكري السوري” العميد فايز عمرو.
واعتبر أن المشكلة تتجلى في آلية الدعم المرتبطة بالتبعية وليس بالمشاريع المشتركة، فـ”المجلس” يعتمد العمل وفق آلية وطنية تضمن الاستقلال في العلاقات مع الشركاء والحلفاء، وبناء علاقة مصالح أساسها تطلعات الشعب السوري، وليس التبعية لأي مشروع آخر داخلي أو خارجي، وهنا يكون الشريك الدولي والمحلي في هذه البرامج جزءًا من هذا التوجه، وليس معاكسًا له.
فيما يتعلق بالتواصل مع مؤسسات المعارضة السورية وأجسامها وكياناتها السياسية، أكد العميد فايز عمرو أن “المجلس” على اتصال مع جميع الأطراف السورية، ولا يستبعد من النقاشات الدول النافذة أيضًا، لكن آلية التواصل ليست واحدة مع الجميع، فهناك من يجري التواصل معه مباشرة، وبعضهم عبر شركاء سوريين أو دوليين، وهدف التواصل الإسهام في إنضاج أرضية مناسبة لمشروع وطني جامع مستقل يلبي تطلعات الشعب، مع الانفتاح على كل من يمد يده للمشروع من الأطراف السورية، والتركيز على الجوانب الإيجابية في الخلافات على بعض القضايا.
وحول الوقت المحتمل للإعلان عن تفاصيل المبادرة، قال العميد عمرو، “تنتظر المبادرة اكتمال المناقشات والتحضيرات الخاصة بالمشروع داخليًا ودوليًا، فالمشروع ليس منفصلًا عن التحولات الداخلية والخارجية، وعامل إبصاره النور والوقت المطلوب لذلك مرتبط باكتمال المناقشات، وبعدم إخراج مشروع غير متكامل يقود للفشل، كما حصل لبعض المشاريع الأخرى التي جرى التسرع في إعلان تفاصيلها، دون مراعاة التحضيرات الموسعة لها”.
ما رأي “الحكومة السورية المؤقتة”؟
في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، أوضح رئيس “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، موقف “الحكومة” من مبادرة طلاس، وما إذا كان هناك أي اتصال حولها مع مناف طلاس.
وقال مصطفى، إن “الحكومة السورية المؤقتة” ممثلة بوزارة الدفاع، عملت على تنظيم فصائل “الجيش الوطني” وهيكلته وتدريبه على أسس المهنية العسكرية، وضبط الممارسات وفقًا للمبادئ التي يفرضها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولذا جرى إصدار أوامر وتعاميم تدعو إلى ضرورة حصر السلاح بالثكنات العسكرية، وإخراج الوحدات العسكرية وجميع المظاهر المسلحة من مراكز المدن، وجرى تخطي أشواط في ذلك، كما أعيدت مؤخرًا هيكلة وتنظيم “الشرطة العسكرية” و”القضاء العسكري”.
“نضع في قائمة مسؤولياتنا كل ما يؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار في الشمال السوري، وتهيئة الظروف للحل السياسي الشامل، والوصول إلى ما أبعد من المرحلة الانتقالية”، أضاف رئيس “الحكومة المؤقتة”.
كما اعتبر مصطفى أن “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” يؤدي أدواره ومسؤولياته، ويمكن توحيد الجهود في إطاره، وهناك أيضًا “هيئة التفاوض” التي شملت منصات عديدة، وما يُنظر إليه على أنه أطياف معارضة من خارج “الائتلاف”، وبالتالي لا مبرر للاستمرار بنهج تقديم تشكيلات وأجسام جديدة في كل مرة، وفق تعبيره.
وردًا على سؤال حول إمكانية أو قابلية تطبيق مبادرة طلاس في الوقت الراهن، شدد مصطفى على أنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا إلا باتخاذ تدابير بناء الثقة في المجتمع، ما يتطلب إجراء إصلاح شامل وجذري للقطاع الأمني، وإعادة بناء “الجيش” الذي تحول إلى “عصابة قاتلة لمصلحة النظام بدلًا من حماية الشعب والدفاع عنه”.
رئيس “الحكومة المؤقتة” لفت أيضًا إلى ضرورة حل الأجهزة الأمنية الضالعة في ارتكاب جرائم وانتهاكات بحق السوريين، ونزع السلاح، وتسريح ما وصفها بـ”الميليشيات المسلحة الإجرامية” التي جندها النظام لممارسة القتل والإجرام، وإخراج الميليشيات الطائفية الأجنبية التي استقدمتها إيران وروسيا.
وقال مصطفى، “في الشمال الشرقي هناك ميليشيات مسلحة انفصالية لها أجنداتها الخاصة، ومشروعها الانفصالي الذي حملت السلاح لتحقيقه على حساب تضحيات الشعب، ما يجعل المهمة في غاية الصعوبة دون إرادة دولية، وهي غير متوفرة في الوقت الراهن”.
وفي مقابل تلك الأطراف، هناك “الجيش الوطني” الذي يتألف بالأصل من ثوار مدنيين اضطروا لحمل السلاح دفاعًا عن أهلهم وأعراضهم، وضباط وجنود منشقين رفضوا التورط في قتل أبناء شعبهم، وليسوا هم المشكلة، بل الحل الذي يجب البناء عليه، وفق عبد الرحمن مصطفى.
لا تواصل مع مناف طلاس
حول ما إذا كان طرح مبادرة جديدة حاليًا مؤشرًا على ضعف الأجسام العسكرية الموجودة، يرى رئيس “الحكومة المؤقتة” أن فصائل “الجيش الوطني” عملت على اتباع وتطبيق نهج المهنية العسكرية، لتعزيز قدراتها نظريًا وعملياتيًا، واستطاعت تحقيق تطور نوعي بإمكانيات بسيطة وبجهود ذاتية ومساعدة تركية عبر الانتقال من الفصائلية إلى التنظيم ضمن إطار “الجيش الوطني”، وهي تؤدي دورًا مشرّفًا في التصدي لـ”إجرام قوات النظام والميليشيات الانفصالية وقوى الإرهاب”، ولذلك فالأجسام العسكرية قوية وفي طور البناء، وفق قوله.
إلى جانب ذلك، أكد مصطفى عدم وجود أي تواصل أو تنسيق مع العميد مناف طلاس أو غيره حول هذا الطرح، موضحًا أن مؤسسات المعارضة الرسمية، ومن منطلق حرصها على مصلحة الشعب والثورة، مستعدة للعمل مع جميع الجهات التي تسعى لإنهاء مأساة الشعب السوري بما يحقق تطلعاته ويحفظ كرامته، ضمن أطر الشرعية الدولية، وأن أبواب مؤسسات المعارضة مفتوحة وليست مغلقة.
وتعقيبًا على مسألة السلاح غير المنضبط، يرى مصطفى أن السلاح غير المنضبط هو الذي تم توجيهه لقتل الشعب عبر القصف بالطيران والمدفعية والصواريخ والبراميل المتفجرة، ما أدى إلى ارتكاب المجازر وتدمير الأحياء السكنية فوق رؤوس المدنيين، فهذا السلاح لا بد أن ينضبط ويتوقف عن ممارسة القتل والإجرام.
كما أن النظام ترك السلاح في يد ميليشياته كمكافأة لها على قتالها معه، ولذلك فإن مناطق النظام تعيش حاليًا أسوأ حالاتها من فوضى السلاح وانعدام تام للأمن، حيث تعيث فيها العصابات المسلحة فسادًا خارج نطاق القانون والقضاء، مبينًا أن فصائل “الجيش الوطني” نظمت الفيالق واتبعت الأنظمة والقوانين، ما حقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وفق رئيس “الحكومة المؤقتة”.
مناف طلاس.. ضيف الحديث عن حل
بزي مدني، وخطاب مكتوب وموجه للشعب السوري، أطل مناف طلاس في حزيران من عام 2012، ليعلن من العاصمة الفرنسية، باريس، انشقاقه عن قوات النظام السوري، بعدما كان عميدًا في تشكيلات “الحرس الجمهوري”، التي تمثّل “قوات النخبة” في “الجيش السوري”.
يعتبر مناف طلاس أحد أبرز المقربين من النظام، وواحدًا من أعمدة المؤسسة العسكرية حتى تاريخ انشقاقه، فهو ابن وزير الدفاع الأسبق، مصطفى طلاس، الذي توزعت مدة وزارته في حكم الأسدين، الأب والابن.
كما أسهم التقارب العمري بينه وبين بشار الأسد في تكريس صداقة بدأت منذ الطفولة بينهما، واستمرت نحو 12 عامًا من حكم بشار بعد وفاة أبيه.
مناف طلاس الذي ولد عام 1964 في مدينة الرستن لأسرة ذات باع طويل في السلك العسكري، لم يضع نفسه بعد الانشقاق تحت راية التشكيلات العسكرية الموجودة، ولم يشغل “منصبًا ثوريًا”، محافظًا في الوقت نفسه على حضور يعبر عن نفسه عند الحديث عن مرحلة الحل السياسي أو المرحلة الانتقالية أو التوصل لجسم عسكري يجمع ما فرّقته 12 عامًا من العمل العسكري المنفرد في مكان، وغير المنظم في مكان آخر.
وسوم: العدد 1040