مصر والمساعدات الأمريكية: لا جديد تحت الشمس

تولى السناتور الديمقراطي كريس مورفي، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية مع الشرق الأدنى وجنوب آسيا وآسيا الوسطى في مجلس الشيوخ الأمريكي، توجيه رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي تحث على حجب 320 مليون دولار من القيمة الإجمالية للمساعدات العسكرية السنوية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى مصر، وذلك بهدف الضغط على النظام المصري لوقف انتهاكات حقوق الإنسان. وقد شارك في التوقيع على الرسالة 10 من أعضاء مجلس الشيوخ، 9 منهم ينتمون إلى الحزب الديمقراطي بالإضافة إلى السناتور البارز المستقل بيرني ساندرز.

الرسالة تسرد سلسلة من الانتهاكات على أصعدة الحريات العامة وحقوق الإنسان، أحدثها عهداً المضايقات المنتظمة واعتقال البعض من أقارب وأنصار مواطن مصري أعلن العزم على ترشيح نفسه منافساً للرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقررة ربيع العام المقبل 2024، وإجبار المنظمات غير الحكومية على الانضواء تحت قانون متشدد يحظر أي نشاط له صفة سياسية. كذلك أشارت الرسالة إلى ارتكاب النظام المزيد من أعمال القتل خارج القضاء، والاختفاء القسري، وممارسة التعذيب، وفرض قيود قاسية على حريات التعبير والتجمع، وهذا كله موثق في التقرير الأحدث عن أوضاع حقوق الإنسان والذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية ذاتها.

وكانت 23 منظمة حقوقية مصرية ودولية، بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، قد دعت بدورها إلى حجب مبلغ مماثل، وأوضحت أن الحكومة المصرية لم توقف حملاتها القمعية، ولم تلتزم بما تعهدت به حول تحسين أوضاع حقوق الإنسان، والحوار الوطني الذي أطلقته في أيلول/ سبتمبر 2021 لم يسفر عن إصلاح ذي مغزى. وعلى غرار رسالة أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أشارت المنظمات الحقوقية إلى أن ترويج النظام لأخبار الإفراج عن 1000 معتقل سياسي قابله في الفترة ذاتها اعتقال 4968 آخرين طبقاً لمعلومات نشطاء محليين.

ومنذ 36 سنة تواصل الولايات المتحدة تقديم مساعدات عسكرية سنوية إلى مصر بقيمة 1,3 مليار دولار، تبررها الإدارات المختلفة بالأهمية الجيو – سياسية للعلاقات بين واشنطن والقاهرة، خاصة لجهة إدامة حال السلام بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الدور المصري في علاقات الاحتلال مع السلطة الوطنية الفلسطينية، والتوسط مع المقاومة في غزّة عند الحاجة إلى وقف إطلاق النار ومفاوضات التهدئة. لكن بعض الأصوات داخل صفوف الحزب الديمقراطي في الكونغرس ارتفعت مؤخراً لتطالب بأن تكون حصة من تلك المساعدات مشروطة بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وقد حدث بالفعل أن حُجب مبلغ 130 مليون دولار العام الماضي، ولكن لأن الإجراء لم يأت بنتائج ملموسة فقد أوصت رسالة أعضاء مجلس الشيوخ بحجب مبلغ أكبر هذه السنة.

صحيح بالطبع أن الكثير من النفاق ومعايير الكيل بمكيالين هي الناظمة لسياسة المساعدات الخارجية الأمريكية، والمثال الإسرائيلي هو الأبرز والصارخ، إلا أن الانتهاكات التي تُساق ضد نظام السيسي ليست وجيهة ومنهجية فقط، بل هي تسير من سيئ إلى أسوأ، ويستوي أن تُحجب حفنة ملايين هنا أو يصدر تقرير اتهامي هناك. لا جديد تحت الشمس يستحق التنويه.

وسوم: العدد 1043