عاشوراء الفلسطينية وكربلاء العربية
تبدأ ١٤٤٤ عام على الهجرة النبوية ، ويمر الاول الى العاشر من محرم لهذا العام حيث الذكرى الاليمة لاستشهاد سبط رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، الامام الحسين احد سيدا شباب اهل الجنة (مع اخيه الحسن السيد الثاني) ، عليهما السلام .
وتمر عاشوراء هذا العام والنكبة الفلسطينية تزداد اتشاحا بالسواد وظلاما على ظلام ، حيث ابتعدت الامة العربية عن نصرة فلسطين ومقدساتها كما ابعدت قضية فلسطين ، قضية العرب المركزية ، عن ان تكون الموضوع العربي الاول والخبر الاعلامي الاول ، والراية العربية الاولى نحو التحرير ، وخفت (بضم الفاء وفتح التاء) نور الوهج عن اهتمام الامة الاسلامية بتحرير فلسطين ومقدساتها من دنس اليهود الغاصبين، ويتم التطبيع العربي مع اعداء الامة ، من يهود وعملاء، بهرولة الانظمة الفاسدة وتطبيق صفقات و ورش عمل تآمرية على فلسطين القضية والوطن والمقدسات .
لم يعد هناك اي اهتمام ولو شكلي او لفظي بقضية شعب تهجر وتم توزيعه قسرا على غالبية دول العالم ، وغاب الاهتمام الشعبي باي حدث او مصاب يصيب فلسطين وشعبها بالداخل او بالخارج، فكثير من الدول العربية عندها مصيبة تكفيها هم الانشغال بها ، ولدى شعبها بدل النكبة نكبات ، و العديد من الدولة الاسلامية لديها من الهموم ما لا تستطيع استيعابه او العمل من اجل التخفيف منه او التقليل من اعبائه، ولا ابار نفط ولا مناجم ذهب ولا خامات معادن واملاح صخرية ورملية وبرمائية وكنوز اخرى منظورة وغير منظورة تقي الدول العربية والاسلامية شر المستعمر الغازي لكل المعمورة .
وحده الفلسطيني مقيما كان او لاجئا يقارع العدو ويصارعه ويدافع عن عرضه وشرفه وكرامته ومقدساته وممتلكاته وحقوقه ، حتى وصلت الامور الى عنق الزجاجة حيث الانقلاب الأسود والانقسام المستمر الى الان هو سيد الموقف في غزة الجريحة المكلومة، وكأن مجزرة كربلاء تبعث من جديد في بيت المقدس واكناف بيت المقدس ، وكأن مأساة عاشوراء تتجدد بحق ابناء فلسطين من مقدسيين وغزيين وما بينهما ، مرابطين كانوا ام لاجئين .
لقد أعيد تقسيم العالم العربي وشرد سكان مخيمات وتجمعات من سكان مدنيين في بعض اقطارها ، الى العالم الغربي، ابعادا لهم عن الوسط العربي القريب من فلسطين، رغم ان لا تدخل لهم باي ربيع او خريف عربي . وافرنقعت رجالات العرب بين متجهم ينظر الى فلسطين كأنها عبء عليه ويريد ان يرتاح من همها المعنوي المتوجب عليه لزاما لنصرتها، قوميا ودينيا واخلاقيا وانسانيا ، وبين متسلم لزمام امورها رسميا وهو غاطس لاذنيه بالتأمر على تصفيتها وشطبها من معادلة صراع مع الصهاينة كي يكمل حياته الصاخبة بالاستجمام صهيونيا ، في دولة "اسرائيل" الشقيقة .
ويسوح ( من السياحة) ذلك المتخاذل ما بين جنان الشواطيء الممتدة من صخرة الناقورة شمالا الى ميناء ايلات جنوبا ، وينعم بما لذ وطاب من نفحات شيطانية أالت نفسه بعد ٧٤ عاما الا ان تعتبر ان لا وجود لفلسطين على خارطة دناسته النفسية لان حقارة تفكيره تجعله يستذكر اجداده من فراعنة وهامانات او من الحمولة الاخرى من الحاخامات من بني قريظة والنضير وقينقاع و خيبر ، متهيئين كما شاهدنا الكثير منهم رؤى العين يصرحون بتخيلاتهم الوهمية وادعاءاتهم الكاذبة المخبولة بوجود الهيكل الشيطاني المزعوم ربما امتدادا لصخور عاد وثمود وكهوفهم ، وصولا لقارون المدفون مع كنوزه تحت املاح البحر الميت ، ويحاولون جاهدين بث سموم عشقهم لسبايا مزعومة يأملون ان تكون لهم جاهلية اخرى كما كانت ايام جهل ابي جهل بخمارات ناديه وازلامه حيث كانوا يشربون كؤوس الذل والعار والهزيمة مع ابي لهب وأمية وبقية اترابهم من جواهل الجاهلية الأولى ، متساوقين بعمق مع غطرسات النمرود و تفاهات مسيلمة الكذاب وسجاح التغلبية.
أسود ظلام السجن في أب على ثوار العام ١٩٢٩ الذين اعدموا ظلما بقرار استعماري ظالم، واسودت شحابير الادخنة في حرائق المسجد الاقصى عام ١٩٦٩ ، بما اقترفت ايدي المتصهين الاسترالي، محاولا محو أثار صلاح الدين بالمسجد ، و اسودت ايضا طبقات ظلم الاحتلال الصهيوني في أب من العام ١٩٨٢ بعد ان دمر جزء ليس بصغير من قلعة الشقيف ليقول قادتهم الصهاينة المتعجرفين ، زعما منهم كما قالوها عند احتلال القدس عام ١٩٦٧ : (ها قد عدنا يا صلاح الدين) . وكأن المقصود من كل الغزوات والاغتيالات والاحتلالات والقتل والتدمير هو قتل الروح المعنوية التي كانت تضع الحسين بن علي ، عليهما السلام ، قدوة تضحية وشهادة وفداء عربية اسلامية .
ورغم قتل الانفس جسديا ، تلك الانفس التي هي كانت قد طلبت الشهادة من العزيز الجبار ولم تتردد ولم تتخاذل ولم تتراجع ، وبالتالي فان الروح المعنوية لم ولن يتم اغتيالها لا بعاشوراء المجيدة التي مست أال بيت رسول الله والامة الاسلامية جمعاء ، ولا بكربلاء العربية السعيدة بأن روت ترابها الدماء الطاهرة ، دماء أبي عبد الله الحسين واهله واصحابه الاطهار ، عليهم السلام اجمعين .
ولن تهزم قضية فلسطين ما دامت عاشوراء الفلسطينية مستمرة بملاحم البطولة من استشهاديين ومرابطين ومدافعين عن بيت المقدس واكناف بيت المقدس، ضد العدو الصهيوني المحتل الغازي ، فكل مدن فلسطين وقراها وبراريها هي مقدسة لانها ( الارض التي باركنا حولها)، ولن ينتصر لها الا من كان هو في قلبه وروحه منتصر، ولن يتخل(ى) عنها الا مهزوم منكسر ،متخاذل متقهقهر وخائن، وستبقى عاشوراء رمزا للتضحية والشهادة والفداء وستبقى كربلاء رمزا لارض بطولة عربية صارع فيها الباطل الحق فلم يهزمه لأن مناضلي كربلاء كان أمامهم احدى الحسنيين اما الشهادة او النصر،فكانت لهم الشهادة اكراما لهم من الله عز وجل لانهم اهل الشهامة والهناء، والسباقون بالتضحية والفداء.
وسوم: العدد 1043