في التحليل السياسي الطائفي

العصبية للباطل بكل أشكاله، باطلة.

العصبية الباطلة للدين وللقوم وللطائفة

وللمذهب وللعشيرة وللمدينة وللفئة ..

كل أولئك من الشر النتن الذي يجب أن يتسامى الإنسان العاقل الرزين عنه.

وحتى لا أسبق فمن العصبية الذميمة للدين، أن يقضي القاضي حين يختصم عنده رجلان، هذا على دينه وذاك مخالف له في الدين، للذي على دينه، مهما كانت شواهد القضية وشهودها. أثبت هذا لئلا يعترضني معترض فيقول: إن العصبية للدين حق وخير لا شر فيه.

وفي مثل هذه العصبية نزل قوله تعالى: (وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) تعني لا تدافع عن تابع دينك أو مذهبك أو طائفتك أو ابن عشيرتك أو مدينتك إن كان ظالما أو خائنا، وللخيانة معان وتلبسات كثيرة.

رسالتي هذا الصباح

أن التحليل السياسي محاولة جادة لتبيين أسباب الحدث السياسي، وأبعاده، واستشراف مستقبله، وتداعياته..

وكل أولئك لا يمكن أن يكون بالبعد الطائفي منفردا، مهما يكن واقعه.

كثير من إذا قلتّ له: هذه طائفية!! يقول لك: لستُ الأول فيها، ولست أول من أوقد نارها، وطالما كنت ضحيتها، ومن حق الملسوع أن يخاف من الحبل يظنه أفعى، ومن احترق لسانه من الحساء، نفخ في الزبادي..!!

في معالجة الجذام والجرب وأمثالها؛ المهم كسر دائرة العدوى أكثر من البحث عن مسببها الأول.

في المعركة ضد الطائفية كن كمن قيل فيه: في اللهب ولا يحترق. مهمة الانقاذ من هذا الداء الوبيل صعبة وعسيرة..

اليوم الأعزاء الذين يقرؤون المشهد السوري في السويداء بعيون طائفية، وعقل طائفي، هم جزء من مشهدنا السوري الوبيل بكل أبعاده..

أنا أعلم أن هؤلاء لا تنقصهم الحجج، ولا الشواهد، ولا الذرائع، ولا بعض المستمسكات؛ ولكنهم تنقصه الرؤية المستشرفة المستخلصة المنقذة، التي تنقذ السفينة بكل من فيها. والذي يعلم أن الثقب في الموضع الخاص، يعني غرق السفينة كلها- صلى الله وسلم على معلم الناس الخير-

يتكئ أحدهم على أريكته؛ ويلقي الكلام على عواهنه:

(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا)

ويقول لك: ولو كنت في هذه الدنيا وحدك، وجب عليك أن تحمل السلاح وتقاتل، ولو كنت وحدك!!

من العصبية أن يدفع ابن الحارة القبلية عن نفسه شر ابن الحارة الشمالية: ويا خيل الله اركبي.

هذه العقلية النابذة المفرقة التي تسيطر عليها الأنا الفردية والفئوية بكل تراتبيتها؛ هي التي دمرت دولنا ومجتمعاتنا..

مع الأسف أنها ما زالت..

نعم ما زالت!!

اتقوا الله في عقولنا بل في عقولكم.!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1047