القُدسُ
د. حامد بن أحمد الرفاعي
حوارٌ في جنيف عام 2003م جرى في مؤتمرِ دوليِّ حولَ القُدسِ..أختارُ منه:
v بشأنِ ما قالَهُ الزميلُ ديفد:"أنَّ من حقِ إسرائيل أن تتخذَ القدسَ عاصمةٌ لها،أسوةً بالسعوديِّةِ التي تتخِذُ من مكة المكرمة عاصمةً لها"فإنه افتراءٌ مدحوضٌ بما يلي:
1. لم تُتخذْ مكة المكرمة قطُ عاصمةً لأي دولةٍ مسلمةٍ عبرَ التاريخِ.
2. والعهود السعوديُّة التزاماً بهذا العُرف الإسلاميِّ..لم تتخذْ مكة المكرمة عاصمةً لها..ومعروفٌ أن مدينةَ الرياضِ هي عاصمةُ السعوديِّةِ منذُ التأسيسِ ولا تزالُ.
v من الخطأ الفادحِ:اعتقادُ اليهودِ أنّهم شعبُ اللهِ المختارِ..وأن بقيَّةَ البشرِ من دونهم درجةٌ..نعم لقد خاطبهم القرآنِ الكريمِ بقولُهُ تعالى"وَأَنِّي فَضَلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ"ولكنْ علينا أنْ نفهمَ أنَّه تفضيلُ إيمانٍ لا تفضيل عرق أو قوم..والمفاضلة الإيمانية سنة الله في خلقه منَحها اللهُ تعالى لِكُلِّ المؤمنين في الأرضِ لقوله تعالى:"إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ"فليس بحالٍ تفضيلاً عرقيِّاً أو قوميِّاً.. والسؤال الذي يفرض ذاته من هم شعبُ اللهِ المختارِ..؟أهم اليهودُ أم لإسرائيليون..؟وهل اليهوديُّ البولنديُّ على سبيلِ المثالِ من نَسلِ يعقوب عليه السلامُ..؟!إنه لتناقُضِ المُضحكِ بين مَقُولَةِ:(شعبُ اللهِ المختارِ) وبين مَقُولَةِ:(أنَّ كُلِّ يهوديٍّ في العالمِ إسرائيليٌّ !).
v ومن الخطأ:أنْ يَعتقِدَ اليهودُ أنَّ اللهَ تعالى قد منحَهم أرضَ فلسطين..نعم لقد خاطب رسول الله موسى عليه السلام قومه المؤمنين من بني إسرائيل طالباً منهم أن يدخلوا فلسطين كما هو في قوله تعالى:"يا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِيْ كَتَبَ اللهُ لَكُمْ"ولكنْ ينبغي أن يَعلموا:أنَّ هذا التكريمُ جاءَ لكونِهم مُؤمنين أسوةً بتكريمِ كُلِّ المؤمنين الذين جُعِلت فلسطين الأرض المباركة ملاذاً لهم في كُلِّ زمان.
v ابتدعَ اليهودُ أخطرَ بِدعةٍ في التاريخِ البشريِّ..وهم يُقررون:"أنَّ حقَ العبادةِ في أرضِ فلسطين..يُعطي كُلَّ يهوديٍّ في العالمِ حقَ تملُكِ أرضِها"تصوروا لو أنِّ هذه القاعدةُ الحمقاء طُبّقت بشأن كُلِّ أهل مُقدساتِ الأديانِ في الأرض! كم هو حجمُ الخللِ الذي سينجُم عنها في بُنيةِ المُجتَمعِ البشريِّ..؟أمّا في الإسلامِ:فحقُ العبادةِ في المقدساتِ لا يُنشئُ حقَ التمّلُكِ للمسلمين منْ خارجِ أرضِها.
v والخِدعةُ المفضوحةُ..إدعاءُ اليهودِ:أنَّ بناءَ الهيكلِ اليهوديِّ المزعومِ شرطٌ دينيٌّ لعودةِ المسيحِ عليه السلامُ..!وهذا أمرٌ يدحضُه اعتقادُ المسلمين والنصارى معاً.
لذا أدعو اليهودَ:أن يُعيدوا النظرَ في هذه الادعاءاتِ الخُرافيِّةِ..وأن يفكروا على نحو مختلف ويتصرفوا بعقليةِ الانتماءِ البشريِّ..وأنَّهم ليسوا استثناءً دينيِّاً ولا عرقيِّاً..إنْ أرادوا العيش بسلامٍ..وضمان المُستقبلٍ الآمنٍ لأجيالِهم.