لقد آن الأوان لتعطيل الفيتو المستهتر بدماء وأرواح الأبرياء في فلسطين
لو لم يكن للفيتو الأمريكي من شر مستطيرعبر تاريخ استخدامه لكفى فيتو الأمس ليكون أشنع وصمة عار ستلاحق من استخدموه أبد الدهر . ولئن قدر لهذا العالم الذي يعاني من ويلات الفيتو الأمريكي خصوصا ، وفيتو غيره ، وبقي مستخدموه على قيد الحياة، لمثلوا أمام محاكم جرائم الحرب ضد الإنسانية ، وجرائم الإبادة الجماعية العرقية إلى جانب من أطلق هذا الفيتو أيديهم لتقتيل الأبرياء في غزة أطفالا، ونساء ، وعجزة ، ومرضى، مستهترين بدمائهم وأرواحهم ، وهم يدسون بأرجلهم القذرة على كل القوانين والأعراف الدولية ، والعالم ساكت سكوت الشيطان الأخرس ، ومتفرجا على الضحايا ، ومتفننا في إصدار عبارات الشجب والإدانة الفارغة التي يهزأ منها الكيان الصهيوني العنصري ،الذي يركب أسطورة شعب الله المختار ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أن يكون له شعب سليل القردة والخنازير، كما وصفه في الذكر الحكيم . ولقد صنع الفيتو الأمريكي ، ومعه الفيتو البريطاني والفرنسي من هذا الكيان الإجرامي الدموي وحشا كاسرا، قد وطّن في قلب الوطن العربي ، وتحول إلى سرطان خبيث ينخر جسم الأمة العربية والإسلامية .
و بكل وقاحة رفع ممثل الإدارة الأمريكية المتعجرف يده لنقض قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رحمة بالمدنيين العزل الذين تدكهم الطائرات الأمريكية والأوروبية ما يزيد عن شهرين متتابعين ، وتهدم بيوتهم، ومساجدهم ، ومستشفياتهم، ومطاحنهم، وأبراج مياههم ... وكل شيء فوق الأرض وتحتها فوق رؤوسهم بكل عنف وشراسة ، وبكل عدوانية . وكلما تلقى جيش الصهاينة ضربات موجعة على يد المقاومة إلا وارتفع عدد الضحايا الأبرياء من المدنيين، حتى صار الرأي العام العالمي يقدر عدد هؤلاء الضحايا بعدد جيفه ، علما بأن عدوانيته ووحشيته تجعل الجيفة الواحدة منه تعدل عشرات ومئات الأبرياء ، وذلك بسبب عرقيته وعنصريته التي يتوهم أنها فوق كل الأعراق والأجناس البشرية ، خصوصا العرب والمسلمين .
ولقد لحقت بالعرب وبالمسلمين كوارث عظمى بسبب الفيتو الأمريكي كما كان الحال في العراق ، وفي أفغانستان . ولعل حظ الفلسطينيين من تلك الكوارث هو الأكبر منذ استنبات الكيان الصهيوني السرطاني في أرضهم التي اغتصبها الإنجليز ، وورثوها له ، وصارت مقولة " أعطى من لا يملك لمن لا يستحق " شائعة لدى الرأي العام العالمي ، وهي تعبر عن الوعد المشئوم للصهيوني الحاقد بلفور . ولقد كرّس الفيتو الأمريكي ، ومع الفيتويات الأوروبية هذه المقولة بالاعتراض على كل قرار يصدر عما يسمى تجاوزا " مجلس الأمن " تكون فيه مجرد إدانة للكيان الإجرامي الصهيوني .
ولقد آن الأوان أن يفعّل مطلب إنهاء أو تعطيل الفيتو الذي عبر عنه الرئيس التركي طيب رجب أردوغان في كتابه : " نحو عالم أكثر عدلا "، وإن كان هذا العنوان غير دقيق، لأن عالم اليوم لا وجود فيه أصلا لعدل بله يكون أكثر عدلا .
ولا يمكن أن يعطل الفتيو الأمريكي والأروربي الجائر في هذا العالم إلا بما هو أقوى منه فعالية ، وهو سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني ، ومقاطعته اقتصاديا هو ودول الفيتو التي حولته إلى أعتى مستبد عرفه التاريخ البشري . ويجب على الكيانات العربية والإسلامية ، وعلى رأسها الموقعة معه على معاهدات سلام مثيرة للسخرية ، وكذا المطبعة معه ، وهي ذات مقدرات تسيل لعاب دول الفيتو ، ولعاب الكيان الصهيوني، أن تكون على رأس الكيانات الساحبة للاعتراف به ، والملغية للمعاهدات والتطبيع معه ، والمقاطعة له اقتصاديا ، ولمن يقفون معه ، ويدعمونه بلا حدود ، ولا شروط ، صيانة للكرامة العربية التي تمرغ في الوحل.
وبكل وقاحة أمهلت الإدارة الأمريكية الكيان العنصري إلى نهاية هذا الشهر كي يوقف عدوانه الهمجي على ما يزيد عن ملونين مواطن في غزة ، وهي المدة التي تتوقع هذه الإدارة الظالمة أن تكون كافية لإبادة جماعية، كي تتأتى لها الظروف المناسبة لتوطيد السبل كي يمر بترول الدول الخليجية عبر قطاع غزة، تكون منزوعة السلاح كي يصل إلى ميناء حيفا الذي يتوقع أن يكون أهم ميناء في العالم ، والذي سيغذي كل حاجيات دول الغرب من الطاقة العربية السائبة .
وسوم: العدد 1062