نور المعرفة: قصة التقويم
ولا يوجد تقويم مؤمن ولا تقويم كافر، ولا تقويم مسلم ولا تقويم مسيحي أو يهودي أو بوذي ولا عربي ولا فرنجي...!!
ونشأ علم التقويم مع نشوء حضارة الإنسان. وكان الإنسان أشد حاجة إليه لمعرفة تدبير شؤون حياته وزراعته منذ دخل عهد الزراعة.
نشأ علم التقويم تأسيسا على الملاحظة الدائمة لدورة العام المكرورة، ومنها تعاقب الليل والنهار، والحر والبر، ومواسم المطر وادورة حياة النبات...
كان التقويم المصري من أقدم التقويمات المعروفة في تاريخ حضارة الإنسان. اعتمد المصريون القدماء حركةَ الشمس لتحديد دورة عامهم. وقسموا العام إلى 365 يوما، وقسموها إلى 12 شهرا.
التقويم البابلي...
وبالتوازي مع التقويم المصري نشأ في وقت مقارب التقويم البابلي. لا ننسَ أن البابليين من أصول سامية. وأرجح الأقوال أنهم واحدة من فيضانات الجزيرة العربية نحو الشام والعراق.
اعتمد البابليون في تقويمهم على دورة القمر. فخالفوا المصريين، وقسموا السنة إلى اثني عشر شهرا. وجعلوا الشهر 30 أو 29 يوما وكانت سنتهم 355 يوما...تقارب في الزمن، وفي الطريقة، وفي النتيجة، واختلاف في التأسيس.
ثالثا التقويم الروماني..
اعتمد الرومان الدورة الشمسية، وقسموا السنة إلى 355 يوما في 12 شهرا، وتم تطوير هذا التقويم، على مرحلتين التقويم اليولياني والتقويم الغريغوري، وهو المعمول به في العالم حاليا..وفي تاريخ التقويم الروماني أو الغريغوري مشكلات..
ومن التقويمات في تاريخ الحضارة، التقويم الصيني وهو مثل التقويم البابلي يتبع دورة القمر. أيضا فتأمل
يجب أن نفرق عند حديثنا عن التقويم بين أساس التقويم: شمسي أو قمري وبين نقطة الاعتماد لبداية التاريخ...
العرب في جاهليتها كانت تؤرخ بالأحداث الكبرى التي تمر بالجزيرة العربية. يجب أن يكون واضحا في أذهاننا أن اعتماد نقطة بداية للتاريخ قضية اعتبارية. لاعلاقة لها بدقة التقويم أو صحته.
ربنا سبحانه وتعالى قال عن الشمس والقمر (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) وقال (وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)
قلت: إن اعتماد نقطة بداية للتاريخ هو أمر توافقي. الرومان بعد أن دخلوا في النصرانية، قرروا أن يعتمدوا التاريخ المقدر لديهم لميلاد المسيح نقطة بداية. بغض النظر عن صوابية التقدير الحسابي، فهذه البداية تعتبر بداية تاريخية صالحة..
العبرانيون يعتمدون في تاريخهم على تقويم مزدوج، شمسي قمري وسنتهم قمرية، ويبدؤون تاريخهم من نقطة غامضة. ويقررون أنهم الآن في سنة 5784. ولهم حساباتهم وتقويمهم.
المسلمون في عهد سيدنا عمر عندما احتاجوا إلى التاريخ لضبط مراسلاتهم/ وبعد تداول شوري بينهم قرروا أن يبدؤوا تاريخهم من أول عام للهجرة . وروي عن سيدنا عمر "أرخوا بالهجرة فإنها فرقت بين الحق والباطل..."
أردت من هذا الاستعراض أن أوضح أن عملية التقويم عملية رياضية كونية بحتة. تعتمد حركة الشمس والقمر. من حقنا كمسلمين أن نتمسك بهجرة نبينا كبداية لتاريخنا، ولكن هذا لا يمنع أن نستفيد من معطيات التقويم الأخرى.
مع المعطيات الفلكية الحسابية المستجدة أصبح من الممكن تجاوز كثير من العقبات التي كانت تكتنف الاعتماد على التاريخ القمري.
الخلاصة: التقويم القمري ليس مسلما فالصينيون أيضا يعتمدون عليه أيضا.
والتقويم الشمسي: ليس نصرانيا فالمصريون القدماء اعتمدوا عليه.
وإذا أخذنا بدلالة الآية (وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا) ارتقينا في أفق آخر...
والخلط بين قاعدة التقويم وبين نقطة البداية الاعتبارية فيه مما يدخل الضيم على العقل الشيء...
وسوم: العدد 1064