القسّ المحتلّ وطرقه في الاحتلال غير المحدود للجزائر
LES ARABES et l'occupation restreinte en ALGÉRIE, par l'abbé loyer, un encien curé de laghoute, suivi d'une lettre de l'abbé sauve sur le coran, et de quelque notes relatives aux juifs, paris, challamel ainé, libraire-éditeur, 1866,
Contient 83 Pages.
مقدمة لابدّ منها:
قرأ صاحب الأسطر الكتاب، ونقل عنه، ودوّن ملاحظاته الشخصية عبر المسودة. وفي غفلة منه ضغط على زرّ فضاع جهد أيّام. فرجع للقليل الذي بقي راسخا في الذاكرة، وبعض الأسطر القليلة العالقة. راجيا أن تفي بالغرض، وتعوّض الكثير الذي ضاع.
إنّها حضارة الزّرّ: تفرح وتسعد، وتذكّر وتنسي، وتؤنس وتوحش، وتشفي وتؤلم.
استعمل القسّ المجرم المحتلّ ألفاظا في غاية الجرم، وانعدام الأدب، والحقد، والبغض وهو يتحدّث عن القرآن الكريم، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، واللّغة العربية، والجزائريين، والزوايا، وشيوخ الزوايا.
الاحتلال المحدود:
استعمل الكاتب مصطلح "الاحتلال المحدود"، وعنون كتابه وحسب ترجمتي بـ "الاحتلال المحدود للجزائر"، ويقصد به:
عدم الاكتفاء باحتلال جزء من الجزائر، وعدم الانسحاب من أرض جزائرية تمّ احتلالها من قبل كما هو الشأن مع احتلال الأغواط التي تحدّث عنها القسّ الكاتب المحتلّ المجرم.
وقال بصريح العبارة: "سألني جزائري من الأغواط: متى سترحلون من الجزائر؟. أجبت: لن نرحل أبدا". 6
وقال: "لن نترك الجزائر أبدا، وسنتمسّك بكلّ شيء". 18
والسبب في ذلك حتّى لايبقى لفرنسا المحتلّة حدود مع الجزائر. لأنّ بقاء الحدود معناه أنّ فرنسا المحتلّة لها جار وهو الجزائر. وسيعمل الجار لاسترداد أرضه بكلّ الوسائل، وسيسبّب لفرنسا المحتلّة مشاكل كبيرة، ويكلّفها بالتّالي أرواح، ونفقات، وأموال، وجهد، ووقت، ويمنعها من احتلال الجزائر كاملة. ومن هنا وجب احتلال الجزائر بالكامل، ورفض فكرة الاحتلال المحدود، وعدم قبول الانسحاب من بعض الأراضي الجزائرية التي تمّ احتلالها من قبل.
ويحذّر القسّ المحتلّ من "الاحتلال المحدود" للجزائر كما فعلت اسبانيا حين احتلّت وهران ولم تتقدّم لاحتلال كامل الجزائر، والنتيجة أنّها رضيت أن تكون جارة للجزائر، فانهزمت، وطردت، وعاد الجزائري لأرضه، وخسرت اسبانيا الجزائر بسبب الاحتلال المحدود للجزائر. ويعتبر القسّ المحتلّ ذلك خطأ كبير ارتكبه الإسبان، ويحذّر فرنسا المحتلّة من ارتكاب نفس الخطإ ألا وهو القبول بالاحتلال المحدود للجزائر. ولذلك تراه يوصي بالاحتلال الشّامل، والمطلق، ودون حدّ، ولا قيد للجزائر.
المعرفة الميدانية، واليومية، والدائمة:
يرى القسّ المحتلّ: لاحتلال الجزائر لايكفي أن تكون واسع العلم، والثّقافة، والقراءة، والاطّلاع بل لابدّ من المعرفة الميدانية، والاحتكاك اليومي، والمباشر بالجزائريين لمعرفة دينهم، وعاداتهم عن قرب، وتجربة.
والسّبب في ذلك حتّى يتم احتلالهم، والسّيطرة عليهم بسهولة، ويسر، ومعرفة ميدانية، وبأقلّ تكلفة، وإلى الأبد.
ويكفي أنّ الكاتب ذكر أنّ كتابه هذا تتطلب منه 12 سنة من العيش مع الجزائريين، والمعرفة الميدانية، والاتّصال الدائم، واليومي بهم.
علوم فرنسا لاحتلال الجزائر:
يطالب القسّ المحتلّ بتعليم الجزائريين العلوم الفرنسية لتثبيت الاحتلال، وإدامته، وضمان بقاء الجزائريين خاضعين لقوّة فرنسا. لأنّ العلوم في نظر المحتلّ الفرنسي هو وسيلة لتثبيت الاحتلال، ومظهر من مظاهر الهيمنة، والسّيطرة على الجزائر، والجزائريين.
دور الزوايا، وشيوخ الزوايا في محاربة الاستدمار الفرنسي:
يعترف القسّ المحتلّ بدور الزوايا، وشيوخ الزوايا في تسيير شؤون، وحياة الجزائريين. ويعترف بصعوبة ضرب الزوايا، وتشويه سمعتها، والقضاء عليها. ويقترح استبدال الزوايا بالمدارس الفرنسية، واستبدال تعليم الزوايا بالتّعليم الفرنسي. ويطالب أن يكون المشرف على هذا المسخ جزائريين يلبسون اللّباس العربي، ويحملون في داخلهم عقيدة فرنسا إلى درجة أنّهم إذا عادوا إلى عائلاتهم لاتشعر بهم عائلاتهم أنّهم غيّروا، وبدّلوا.
ويوصي بقوّة أن لايواجه الجزائري بقسّ، ولا بفرنسي يستهزىء بقرآنه، ودينه، ونبيه، ولغته فإنّ ذلك يثير لديه الحمية، والرّدّ بقوّة، والتّمسّك أكثر بثوابته، ورفضه لاحتلالنا. وهذا مايؤخّر مشروعنا الاحتلالي في الجزائر، ويزيد من تشويه صورتنا لديهم.
القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلّم، واللّغة العربية:
يعترف القسّ المحتلّ وعلى مدار صفحات الكتاب أنّ الجزائري يقوم على حبّ، وتقديس، واحترام، وطاعة القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلّم، واللّغة العربية التي تقدّم له من طرف الزوايا، وشيوخ الزوايا.
ويقترح أن يستبدل القرآن الكريم بالإنجيل، واللّغة العربية باللّغة الفرنسية، وشيوخ الزوايا بالأساتذة الفرنسيين. وبسرعة، وفاعلية، ومعرفة ميدانية للجزائريين. وقاعدته في ذلك: لابدّ أن يتوقّف الجزائري من أن يكون مسلما ويرتدّ عن دينه، ويتوقّف عن تقدّيس القرآن، والرسول صلى الله عليه وسلّم، واللّغة العربية.
احتلال العقل بعد احتلال الأرض:
يرى القسّ المحتلّ أنّه يجب على فرنسا المحتلّة احتلال عقول الجزائريين المملوءة بالقرآن الكريم، وحبّ الرّسول صلى الله عليه وسلّم، والزوايا، وشيوخ الزوايا، واللّغة العربية. لأنّ احتلال العقل يضمن احتلال الأرض، ويساعده، ويثبّته بهدوء، وسلاسلة، ويسر، ودون أن يشعر الجزائري بذلك، بل يمسي المعين على عليه، والمدافع عن فرنسا المحتلّة.
يتأسّف الكاتب من كون الجزائري انهزم أمام الاحتلال الفرنسي لكنّه لم يستسلم لديننا، وعاداتنا، ولم يغيّر دينه وما زال مسلم يفتخر بدينه، وقرآنه، ورسوله.
وقال: "لابد من الجزائري أن يتوقّف على أن يكون مسلم". 22
وقال: "من الأخطاء التي ارتكبناها أنّنا لم نحتل عقولهم، ولم نفعل شيئا في سبيل ذلك". 25
التّسامح باسم الاحتلال:
تحدّث القسّ المحتلّ مطوّلا عن غرس ثقافة "التّسامح؟ !" لدى الجزائريين تجاه الاستدمار الفرنسي، وفي الوقت نفسه يوصي بشراسة عدم التّسامح مع الجزائريين.
و يقصد بـ "التسامح؟!": تدريب الجزائري على قبول الاستدمار، والتعايش معه، وعدم محاربته، والرضا بالمحتلّ. ثمّ ينتقل الأمر إلى قبول ثقافة المحتلّ، ودينه، ولغته، وعاداته على حساب الإسلام، والقرآن الكريم، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، واللّغة العربية.
وسوم: العدد 1065