فرص نجاح مؤتمر جنيف 2
م. عبد الله زيزان
مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية
في ظل اتساع رقعة الصراع المسلح على كامل التراب السوري، وانتشار الدمار والقتل والتهجير، يصرّ اللاعبون الدوليون على ضرورة الحل السياسي للقضية السورية، وهو ما أفقد الشعب السوري الحماسة تجاه أي مخطط أو فكرة لمؤتمر أو اجتماع يلوّح بالحل لهذه القضية، فالوقائع على الأرض تسير باتجاه، والعملية السياسية تسير باتجاه مختلف تماماً، قد لا يتناسب وحجم الآلام والآمال في الداخل السوري..
ويأتي الحديث الآن عن مؤتمر جنيف 2 في ظل هذه الأجواء آنفة الذكر، ما جعل المواطن السوري البسيط أبعد ما يكون عن التفكير بهذا المؤتمر وما قد يتمخض عنه من حلول يروج لها باستمرار المجتمع الدولي عبر وسائل الإعلام، وكأن القضية السورية كلها ستحل إذا ما حضرت أطراف القضية هذا المؤتمر...
والواقع يشير إلى أنّ القضية لا ترتبط بمؤتمر أو اثنين، ولا ترتبط بحضور هذا الطرف أو ذاك، وإنما الحل يأتي بتوفر الإرادة الدولية الجادة لإنهاء الصراع وإرساء الأمن، وهذا ما يفتقده عموم المجتمع الدولي، لذلك امتد الصراع كل هذه الفترة، وكل ما اقترب الثوار من حسم الأمور عسكرياً يأتي المدد عابراً للدول ليصل إلى النظام السوري، ليقف على رجليه مرة أخرى، في أبشع صور التخاذل الدولي...
وإذا ما ابتعدنا عن التشاؤم من مواقف الدول الغربية وأردنا أن نعطي للمؤتمر فرصته، حتى لا يتهم السوريون بعرقلة أي حل سياسي، فلا بد لإنجاح هذا المؤتمر من مقدمات صحيحة تثبت حسن نية منظمي هذا المؤتمر، وعلى رأسها أن يكون الأسد خارج اللعبة السياسية شرطاً أساسياً ومسبقاً لعقد هذا المؤتمر، وأن لا يكون لإيران أي دور أو حضور فيه..
وبدون هذين الشرطين المسبقين فلا طائل من عقد هذا المؤتمر ابتداءً، بل سيكون أي مشارك فيه محط تشكيك وتساؤل أمام الشعب، لأن عقد المؤتمر في غياب هذين الشرطين خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الشعب السوري..
وبالرغم من أن الشرطين السابقين يجب أن يتوقف عقد المؤتمر عليهما، إلا أنهما وحدهما غير كافيين لنجاح المؤتمر، إذ لا بد من أن يكون مخرجات المؤتمر أيضاً متوافقاً مع طموح الشعب السوري وضمن جدول زمني محدد وواضح، حتى لا تكون هذه المخرجات مجرد وعود بلا قيود، لتصبح نوعاً جديداً من أنواع تمييع القضية وإطالة مدتها بحجج واهية باتت مكشوفة لعموم السوريين، لذا لا بد من آليات واضحة تضمن تنفيذ ما قد يخرج به المؤتمر من وعود متوقعة...
إنّ ما يمارسه "أصدقاء الشعب السوري" من ضغوط على المعارضة للمشاركة في هذا المؤتمر دون شروط مسبقة يعد دليلاً جديداً على تواطؤ النظام العالمي، ويدل على نية مبيتة لتمرير مؤامرة ما تجاه الشعب، يجب الانتباه لها وإجهاضها منذ بدايتها برفض الذهاب للمؤتمر ما لم تتحقق الشروط الأساسية للحضور...
الآن ونحن في عامنا الثالث من الثورة وقد تكشفت عورات الغرب ودعاة الحرية وحقوق الإنسان، لم يعد يثق السوري بأي دولة غربية كانت أو غير غربية، لذا لن يكتب النجاح لأي حل سياسي ما لم تكن هناك ضمانات واضحة وملموسة، ولن تفيد كل تلك الضغوط على المعارضة، لأن المعارضة ذاتها ستسقط إذا ما رضخت للضغوط، وستسقط كل المؤامرات على الشعب السوري، فالتضحيات التي بذلها السوريون لا يمكن أن تسقط بضغط جهة أو دولة أو تنظيم..
وحتى لو عقد المؤتمر ومهما كانت نتائجه فالكتائب على الأرض لن ترمي السلاح لا خلال المؤتمر ولا بعده، فالسلاح الذي استمات السوريون في جمعه لمقاومة النظام لن يسلم إلا بعد سقوط النظام الحالي بكل أركانه ورموزه ، حينها فقط سيسلم للحكومة المدنية الجديدة التي تحظى بالقبول من عموم الشعب السوري الثائر..