يا صاح إليك تاريخ الخذلان العربي لفلسطين
يظن بعض المغرر بهم إعلاميا أن الخذلان العربي لقضية فلسطين بدأ مع معركة طوفان الأقصى، لكن الحقيقة المرة أن الخذلان قديم قدم بداية هجرة اليهود لفلسطين عندما كانت تُحكم من قبل ولاة عثمانيين مرتشين حيث سمحوا لليهود بالهجرة والتملك في فلسطين رغم حظر السلطان عبدالحميد رحمه الله ذلك.
وخلال الانتداب البريطاني لفلسطين ازدادت هجرة اليهود مما أدى إلى قيام ثورة شعبية فلسطينية وإضراب شامل عام ١٩٣٦م واستمر مدة ستة أشهر، وبسبب وعودٍ تلقتها اللجنة العربية العليا في فلسطين من رؤساء وأمراء دول عربية توقف الإضراب بسبب وعود بريطانية تلبي مطالب الفلسطينيين من خلال لجنة بيل البريطانية المخادعة وكان هذا الخذلان الأول الرسمي للأنظمة العربية بتواطؤ مع الحكومة البريطانية.
وبعد انسحاب الاستعمار البريطاني البغيض من فلسطين تمهيدا لقيام دولة الكيان الصهيوني في فلسطين، دخلت الجيوش العربية بحجة تحرير فلسطين..
هذه الجيوش كما وصفها الخبير العسكري الأردني القائد عبدالله التل - رحمه الله - كانت بمثابة قربانا فلا عدد ولا عدة تتناسب مع عدد جنود اليهود وعتادهم إضافة إلى عدم وجود خطة مشتركة وعدم تنسيق ولا تنظيم، ولا قيادة مشتركة.
والطامة الكبرى أن بعض تلك القوات كانت تحت قيادة ضباط بريطانيين.
ولذلك استطاع اليهود السيطرة على ٧٨٪ من أرض فلسطين.
ومن مظاهر الخذلان تجريد الأهالي الفلسطينيين من أسلحتهم وانسحاب بعض الجيوش العربية بأوامر عليا ورفض دعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح وهذا ما عبر عنه القائد المجاهد عبد القادر الحسيني - رحمه الله - في رسالته الموجهة لأمين عام جامعة الدول العربية حيث جاء فيها: (جئتكم أطلب سلاحا لأدافع به عن فلسطين وقد خذلتموني) .
وبعد احتلال أغلب أرض فلسطين سنة ١٩٤٨م قامت السلطات المصرية عن طريق ممثلها محمود رياض الذي ترأس وفد مصر في لجنة الهدنة المشتركة بين مصر والكيان الصهيوني سنة ١٩٤٩م بتقليص مساحة قطاع غزة لصالح اليهود من ٥٥٥ كم إلى ٣٦٥ كم وفق اتفاقية سرية مع الكيان الصهيوني..
وعلى إثر هذا الخذلان والتفريط الذي قام به مجموعة من الضباط المصريين بقيادة محمود رياض أصبح قطاع غزة تحت حكم مصر حتى عام ١٩٦٧ م حيث تم احتلاله من قبل الكيان الصهيوني.
وبالنسبة للضفة الغربية والقدس الشرقية فبعد حرب ١٩٤٨ م كانت تحت إدارة الحكم الأردني وتم احتلالها عام ١٩٦٧ م.
وهكذا أصبحت فلسطين محتلة بالكامل وتخلى الجميع عن مسؤولية تحريرها.
وفي عام ١٩٧٣م وقعت مواجهة بين مصر وسوريا مع الكيان الصهيوني وكان هدف مصر تحرير أرض سيناء وهدف سوريا تحرير الجولان ولم يكن لتحرير فلسطين أي نصيب من هذه المعركة.. وهذا يؤكد خذلان العرب لقضية فلسطين.
واستكمالا لمسلسل الخذلان تم التوافق بين أمريكا والدول العربية على تحويل قضية فلسطين من قضية قومية عربية إلى قضية فلسطينية يتحمل مسؤوليتها الفلسطينيون وحدهم تحت مسمى (منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) تم ذلك من أجل تخلي الجميع عن قضية فلسطين وليصبح خذلانهم لها مؤطرا رسميا.
ومن مظاهر الخذلان وقوف العرب موقف المتفرج من قصف اليهود لقواعد الفلسطينيين في بيروت عام ١٩٨٢ م واقترافهم مجازر ومذابح بشعة بحق سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان وتكرر هذا الخذلان بالاعتداءات اليهودية على قطاع غزة بعدة حروب حيث تم قتل عشرات الآلاف من المدنيين وكان موقف العرب موقف المتخاذل والمكتفي ببيانات الشجب والاستنكار .
ومن مظاهر الخذلان عقد اتفاقيات وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني منذ معاهدة كامب ديفيد المذلة لمصر واستمرت عجلة التطبيع بين بعض الأنظمة العربية وبين الكيان الصهيوني بصورة سرية ما لبثت أن أصبحت علنية، وازدادت تلك العلاقات حتى وصلت إلى مرحلة التعاون الأمني والاقتصادي...الخ.
ثم جاءت معركة طوفان الأقصى الفاضحة لتكشف للجميع قمة التآمر والخذلان العربي.
في الختام أسأل الله العلي القدير أن يجعل كل قطرة دم قطرت من أجساد أهلنا في غزة أن تكون في أعناق كل من خذلهم وناصر اليهود وأن يحاسبهم الله عليها يوم القيامة.
وسوم: العدد 1074