لبلينكن: يجب بلورة سياسة شرق أوسطية تجتث “الإخوان” وحماس لـ”تخليص الدول العربية المعتدلة” منهما
يعمل وزير الخارجية الأمريكي بلينكن على الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، لكن يوجهه واقع بديل لسيناريو مستقبلي تخميني ومنقطع عن واقع الشرق الأوسط. فمثلاً، يقدس الخيار الدبلوماسي الذي ساهم كثيراً في جعل نظام آيات الله عنصراً مركزياً في الساحة الإقليمية والعالمية. ويعارض خيار تغيير النظام، ويرفض الخيار العسكري رغم سلوك آية الله المناهض لأمريكا منذ شباط 1979، الذي يتميز بالإرهاب وتهريب المخدرات وتبييض الأموال ونشر الأسلحة في أرجاء العالم، بما في ذلك أمريكا اللاتينية وعلى أراضي الولايات المتحدة.
يضغط بلينكن على إسرائيل للانتقال من الخيار العسكر إلى الخيار الدبلوماسي، رغم أن درس 17 سنة من حكم حماس يوضح بأن وقف النار والمفاوضات يرفعان مستوى إرهاب حماس، ويشكل فرعاً لإرهاب “الإخوان المسلمين”، منظمة الإرهاب السنية المناهضة لأمريكا الأكبر في العالم. استجابة إسرائيل لبلينكن ستنقذ حماس من تدمير بنيتها التحتية الإرهابية، وتشكل لها انتصاراً دراماتيكياً، وتآكل قوة الردع الإسرائيلية. إن المس بقوة الردع الإسرائيلية سيحفز الإرهاب والحرب متعددة الجبهات ضد إسرائيل وضد الأنظمة العربية المؤيدة لأمريكا، ويمنع عودة النازحين في الشمال والجنوب، ويقلص المصلحة العربية لتوسيع دائرة السلام.
يرفض بلينكن الاعتراف بحقيقة أن تغيير النظام في إيران شرط مسبق لتحقيق الاستقرار والسلام؛ مما يحرر السكان الإيرانيين من حكم وحشي يزيل تهديداً وجودياً فورياً عن الدول السُنية المؤيدة لأمريكا، ويزيل العائق الأكبر أمام توسيع دائرة السلام الإسرائيلي – العربي، وينزع بؤرة عمل مركزية من الإرهاب الإسلامي المناهض لأمريكا.
لا يوافق بلينكن على أن قوة الردع هي العنصر المركزي في اعتبارات الأمن القومي الواقع العنيف والمتقلب في الشرق الأوسط، وأنه الحيوي الأكثر من المفاوضات والاتفاقات التي لا تكون أكثر استقراراً من الأنظمة التي تبلورها.
يتجاهل بلينكن حقيقة أن المفاوضات المثمرة لن تكون إلا مع كيانات تحقق رؤياها، ولكن دون تصفية الطرف الآخر، كما الحال باتفاقات السلام مع مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب وجنوب السودان، والتعاون مع السعودية. صحيح أنها كانت تفضل شرق أوسط بدون كيان يهودي “كافر”، لكنه ليس شرطاً لتحقق رؤياها القومية. كما أنها ترى في إسرائيل حديثاً أمام تهديدات آية الله والإخوان المسلمين، وهي لا ترى في إقامة دولة فلسطينية شرطاً مسبقاً للسلام وللتعاون مع إسرائيل.
بالمقابل، لن تحدث مفاوضات مع حماس، التي تحقق رؤياها مشروطة بتصفية الكيان “الكافر” الصهيوني. هكذا أيضاً بالنسبة للسلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها م.ت.ف وحركة فتح، والتي رؤياها التصفوية منصوص عليها في مواثيق 1959 و1964 ويشدد عليها في جهاز التعليم، والتحريض في المساجد، والتعظيم الرسمي والعلني للإرهابيين، والمنح الشهرية لعائلات الإرهابيين، والنشاط الإرهابي المباشر وغير المباشر.
على وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أن يبلور السياسة على أساس واقع الشرق الأوسط المتفجر والمحبط، وليس على أساس واقع بديل ينعش القلب لقطع سلسلة طويلة من إخفاقات وزارة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط. إن المساعدة الإنسانية المباركة لعرب غزة هي إبادة حماس. أما نقل المساعدة الإنسانية قبل إبادة حماس، فيشكل مساعدة خارجية لحماس ويضيف وقوداً وليس ماء لشعلة الشرق الأوسط.
وسوم: العدد 1082