مذكرة اعتقال فرنسية للأسد… ودولية قادمة لنتنياهو!
صدّقت محكمة الاستئناف في باريس أمس الأربعاء على قرار تاريخي بإصدارها مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق في حق رئيس النظام السوري المتهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية القاتلة التي وقعت في آب/أغسطس من عام 2013.
بقرارها الآنف، تكون محكمة الاستئناف قد رفضت طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب بإلغاء مذكرة التوقيف بسبب أن رفع الحصانة الشخصية للرؤساء أثناء وجودهم في السلطة «مخصوص بالهيئات القضائية الدولية فقط» مثل المحكمة الجنائية الدولية وليس محاكم الدول الأجنبية.
ثبّت القرار القضائي ما قام به قضاة من وحدة الجرائم الإنسانية في باريس من التحقيق في التسلسل القيادي الذي أدى إلى الهجمات على سكان الغوطة الشرقية، التي كانت حينها في أيدي المعارضة السورية، مما أدى لمصرع أكثر من ألف شخص بغاز السارين، ويشير هذا التسلسل القيادي إلى أربعة أسماء بالتخصيص، بشّار الأسد وأخوه ماهر، القائد الفعلي للفرقة الرابعة في جيش النظام، وضابطين هما غسان عباس وبسام الحسن.
منطوق القرار العام هو أن حصانة الرؤساء تسقط حسب خطورة الجرائم التي يرتكبونها، وهو قرار تاريخي لأنه يفتح بابا إضافيا لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية يمكن أن يساهم في ردع زعماء الدول وكبار مسؤوليها، ورغم أنه صادر في فرنسا، فإنه يمكن أن يوطّد اتجاها عالميا أعطاه إعلان كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، اعتزامها إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه، يوآف غالانت.
يسقط هذا الاتجاه أسس المنطق العنصريّ الذي واجهه خان، الذي قال إن مسؤولا غربيا كبيرا أخبره إن «المحكمة أنشئت من أجل افريقيا والبلطجية مثل بوتين وليس من أجل الغرب وحلفائه» والمقصود بكلمة حلفائه طبعا إسرائيل وقادتها المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
كان لافتا، مثلا، أن تقوم منظمة كورية جنوبية تدعى «بي إس بي دي» اليسارية، برفع دعوى قضائية ضد سبعة مسؤولين إسرائيليين بينهم نتنياهو وغالانت وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير بدعوى أنهم متواطئون في تخطيط وتنفيذ جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وقبلها قيام محكمة نرويجية برفع دعوى ضد بن غفير، وكل ذلك يعني أن أطر العدالة العالمية ستكون مفتوحة لدعاوى يقدمها قضاة ومحامون وناشطون ومنظمات ودول من جميع أنحاء العالم، مما سيشكل كابوسا لأي قائد سياسي، سواء كان في أفريقيا وروسيا، أو في الغرب، الذي يعتبر بعض مسؤوليه، كما لاحظنا، أنفسهم محصنين من تلك الدعاوى.
شهدنا بسبب ذلك تلقي الجنائية الدولية لطلب من حقوقيين وجماعات لحقوق الإنسان للتحقيق مع رئيسة الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية. لقد كسرت فكرة صدور مذكرة توقيف ضد نتنياهو، كما يقول مقال رأي في موقع «كاونتربنش» الأمريكي، القاعدة الخفية التي عبّر عنها المسؤول الغربيّ الفظ بأن «الجنائية الدولية» هي لملاحقة الأفارقة والسلاف فحسب، متسائلا إن كان الارتباط العميق بالقوة الأمريكية وتفوق البيض أقوى من الإيمان بسيادة القانون والعدالة للجميع.
وسوم: العدد 1084