الرمز (١٨) وعقيدة التوحيد الجزء 3+4
خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٣٣٧ :
في المقالة الماضية ذكرنا أن عقيدة التوحيد ليست مجرد جملة واحدة (لا إله إلا الله) يتم ترديدها بشكل ببغائي فتخرج من الفم وتتلاشى في الفراغ دون أن يكون لها أي أثر في تحسين السلوك البشري الفردي أو الجماعي ، وإنما هي عقيدة معقدة إحتاجت إلى مراحل عديدة في العصور الماضية لتأخذ شكلها الأخير في الإسلام ، والتي هدفها الحقيقي هو تطوير التكوين الروحي للإنسان بغرض الوصول إلى الإنسان الكامل كما خلقه الله في الجنة . وتكلمنا أيضا عن الثابت الكوني للبنية الدقيقة (α) والذي قيمته تعادل (١/١٣٧) ودوره الرمزي في توحيد الأشياء والأحداث الكونية المادية والروحية لتكون نتيجتها الأخيرة هو ظهور الإنسان على سطح الأرض ليتابع تطوره نحو الكمال .
في مقالة اليوم سنتكلم عن ثابت كوني آخر له نوعية مختلفة عن جميع الثوابت الكونية، وغير معروف عند الفيزيائيين ، فعلى هذا الثابت تم بناء كل صغيرة وكبيرة داخل الكون ليجعلها تسير بشكل يتوافق مع المخطط الإلهي ، فبدون إستخدام منطق هذا الثابت الكوني في البحوث العلمية سيبدو للعلماء بجميع أنواع إختصاصاتهم وكأن الأشياء والأحداث في الكون تعتمد مبدأ حدث بالصدفة . هذا الثابت الكوني هو الرمز (١٨) والذي أستخدمه في معظم منشوراتي وفي جميع مواضيعها المتنوعة (دينية ، فنية ، تاريخية ، فلسفية ، فلكية ، علوم حيوية ، فيزيائية ، كيميائية ...إلخ) .فلو إعتبرنا أن خلق الكون وخلق الإنسان وتطوره هو رواية أدبية فالثابت (١٨) سيكون الشخصية الرئيسية لهذه الرواية ، فهو المسؤول الأول والأخير عن البداية والحبكة والنهاية ، وبدونه ينهار كل شيء في داخل الكون. الثابت الكوني (١٨) تكلمنا عنه بالتفصيل في العديد من المقالات الماضية ولكن هنا سنعيد ذكر بعض المعلومات عنه بشكل مختصر جدا لنشرح دوره الحقيقي في فهم عقيدة التوحيد.
حتى نفهم أهمية دور الرمز (١٨) في تنظيم الأحداث الكونية ليسير كل شيء حسب المخطط الإلهي يجب علينا أن نعتمد منطق الآية القرآنية التي تقول {... وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ... (٣٠) الأنبياء} . علماء الدين فسروا هذه الآية بأنها تتكلم عن الماء وهذا ليس خطأ ولكنه تفسير بدائي ، فالحقيقة أن كلمة (ماء) هنا هي كلمة رمزية فالماء كمادة ليس إلا صورة مادية مبسطة لما يسمى (الروح) ، فبدون الماء لا يوجد حياة ، وبدون الحياة لا يوجد الإنسان ، وبدون وجود الإنسان فلا قيمة لوجود الكون أصلا . فما قيمة وجود شيء بشكله المجرد دون وجود مخلوق معين يحدد هوية هذا الشيء وأهمية وجوده وتأثيره على الأشياء التي حوله . فالماء كوجود رمزي هو الذي يُعطي للأشياء أهميتها وهويتها ليجعل من وجودها عنصر فعال في التفاعلات والتطورات الكونية . فالمعنى العام لكلمة (حياة) يشمل تلك الكائنات التي تمتلك روح تجعلها كائنات حية تولد وتتكاثر وتموت . وحتى يكون الماء هو أصل الحياة فلا بد أن يكون هناك شكل من أشكال الروح في الماء لأن الروح أصلا لا تأتي من العدم . فالمعنى الفلسفي للآية (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) في الحقيقة المقصود به هو ذلك التعبير الروحي الرمزي الذي وضعه الله عز وجل في الماء والذي يمثل أصل كل شيء داخل الكون.
قبل أن نتكلم عن الرمز (١٨) ودوره في مراحل خلق الكون لا بد من فهم التعبير الروحي الرمزي الموجود في الماء . الماء حسب علم الكيمياء هو مركب كيميائي (H2O) يتألف من إتحاد {(٢) ذرة هيدروجين + (١) ذرة أوكسجين} . هذا التركيب الكيميائي ليس صدفة ولكن هو صورة مادية للرمز (١٨) الذي يتألف من /٣/ أجزاء موجودة في قسمين .
لهذا كان الماء هو أول مادة جذبت إهتمام الفكر الإنساني إليه لدراسته وفهم أهمية تأثيره على الإنسان (جسديا وروحيا) وعلى الطبيعة ، واليوم توصل العلماء بمختلف إختصاصاتهم العلمية على إعتبار أن الماء هو أكبر جهاز منظم لكل شيء يحصل على سطح الكرة الأرضية فالماء بالنسبة للكرة الأرضية بمثابة الدماغ بالنسبة لجسم الإنسان .
موضوع أهمية الماء ودوره في تنظيم الأحداث المناخية والحيوية في الكرة الأرضية موجود في مئات المواقع على الإنترنت والكتب ، لهذا لن نذكرها هنا لأن شرحها يحتاج إلى مقالة طويلة . ولكن هنا سنتكلم عن دور الثابت الكوني (١٨) الذي حمله الماء كتعبير روحي ليجعل من الماء أهم جهاز منظم لإستمرار الكرة الأرضية ككوكب صالح للحياة . فالثابت الكوني (١٨) هو أيضا يقوم بدور منظم لعمل الكون بأكمله. فظهور الماء في الكون كمركب كيميائي لم يكن صدفة ولكن علامة إلهية تعبر عن نهاية المرحلة المادية وبداية المرحلة الروحية في تطور الكون (ظهور الحياة) .
قبل أن نتكلم عن الرمز (١٨) كثابت كوني لا بد أولا من ذكر أماكن وجوده في النصوص الدينية والتي تعطينا لمحة فلسفية لفهم هذا الرمز . الرقم (١٨) مذكور في القرآن الكريم في ثلاث سور : الأولى وهي سورة الكهف حيث الرقم (١٨) يمثل رقم ترتيبها ، والسورتين الثانية والثالثة (الحجرات ، التغابن) حيث الرمز (١٨) يمثل عدد آياتهما . فوجود الرقم (١٨) بهذه الطريقة في القرآن الكريم ليس صدفة ولكن حكمة إلهية توضح لنا أن الرمز (١٨) يتألف من /٣/ أجزاء موجودة في قسمين : وأن القسم الأول منه (١) الذي يمثل رمز ترتيب سورة الكهف ، له طبيعة مختلفة عن القسم الثاني الذي يتألف من جزئين (الحجرات ، التغابن) كون أنهما يتحدان في القمة (٨) ولهذا كان الرمز (١٨) يمثل عدد آيات السورتين وليس رقم ترتيبها كما في سورة الكهف .
قبل سورة الكهف تأتي سورة الإسراء . وهي ترمز إلى خروج الإنسان من الجنة ودخول روح هابيل إلى الثقب الأسود البدائي (الكهف) لتبدأ ظاهرة الإنفجار العظيم (BIG Bang) والتي تمثل بداية نشوء الكون ولهذا كانت سورة الكهف تمثل الرمز (١) الذي يمثل المرحلة المادية في تطور الكون . أما سورة الحجرات فتأتي قبلها سورة الفتح والتي تمثل رمزيا فتح بابا جديدا لبداية المرحلة الروحية في تطور الكون ، ولهذا نجد أن آيات سورة الحجرات توضح لنا سلوك صفات الإنسان الكامل الذي يجب أن يصل إليه التكوين الإنساني (..يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ... إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا..... وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا .... إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ..... لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ..... اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ .... وَلا تَجَسَّسُوا ... وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا...... إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..... ) فالإيمان بعقيدة التوحيد يبدأ بتحقيق هذا السلوك الإنساني وليس بالصلاة والصيام والحج ، فالصلاة والصيام والحج هي وسائل مساعدة لتحقيق سلوك إنساني صحيح ، وبدون تحقيق هذا الغرض تصبح الصلاة والصيام والحج وكأنها عبادة لإله آخر لا ينفع ولا يضر (دين وثني). للأسف اليوم وبسبب التعصب الديني نجد أن نسبة كبيرة من علماء الدين لا يطبقون تعاليم سورة الحجرات . ولهذا نجد أن قبل السورة الثالثة (التغابن) تأتي سورة (المنافقون)، فالمرحلة الثالثة تمثل سن الرشد الروحي والتي فيها يُعبر الإنسان من خلال سلوكه اليومي عن حقيقة تكوينه هل سلوكه يتبع الرمز (١٨) أم الرمز المناقض له (١٧) . ولهذا كان الرقم (١٧) هو عدد آيات سورة الطارق ، حيث كلمة (الطارق) هي رمز (المهدي - المسيح) الذي سيأتي في آخر الزمان ليفصل بين الناس ويحدد من هو المؤمن ومن هو المنافق (إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) ، ولهذا نجد أن سورة الإسراء التي تأتي قبل سورة الكهف ترتيبها (١٧) كرمز للخطيئة التي حصلت في الجنة ، ولهذا أيضا في سورة الكهف التي ترتيبها (١٨) تذكر الآية {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)} . ففهم الرمز (١٨) وشرح معناه الشامل (الفلسفي) سيجعل الملحد يعجز عن تقديم أي إثبات أن الكون قد حدث بالصدفة وأن تطوره يسير وفق خطوات عشوائية ، فهذا الرمز يظهر في كل مكان من الكون وفي كل خطوة من خطوات تطوره ليكون دليلا علميا على وجود إله مصمم لهذا الكون .
الآية القرآنية تقول {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٤١) النور} . الكائن الحي الوحيد الذي يذكر الرمز (١٨) لفظا كرقم وكمعنى هو طائر اليمامة المطوقة الأوراسية ، فأسم هذا الطائر في اللغة اليونانية هو (ذكا أختورا δεκαοχτούρα) وأصل هذا الأسم هو الرقم (١٨) في اليونانية (ذكا أختو) ومنه جاءت التسمية العلمية لهذا الطائر (Streptopelia decaocto) . فاسم هذا الطائر في اليونانية هو (الثماني عشرية) وهذا الأسم لم يأتي صدفة ولكن بحسب الصوت الذي يردده هذا الطائر ، فمن يسمع صوته بدقة سيجد أنه يصيح (ذكا أختو .. ذكا أختو) أي (ثمانية عشر .. ثمانية عشر) باللغة اليونانية حيث (ذكا) تعني الرقم عشرة و(أختو) تعني ثمانية . عبارة (ذكا أختو) كلفظ عربي له معنى (زكى أخته و ذكى أخته) أي (طهر أخته وجعلها ذكية)والمقصود هنا هو هابيل الذي من خلال ولادته عدة مرات (أدريس ، يوسف ، عيسى ، المهدي) إستطاع تقوية إدراك المرأة (كرمز لأخت هابيل) وتطهيرها من الشوائب الشيطانية التي دخلت التكوين الإنساني بسبب الخطيئة . ولهذا بعد سورة الكهف تأتي سورة مريم والتي تمثل رمزيا جميع أمهات هابيل اللواتي ولدته . ولهذا اختار الفلاسفة والفنانون اليمامة لتكون هي رمز العفة والسلام ، ومن يتمعن جيدا في سلوك اليمامة سيجد أنها فعلا تمثل أرقى أشكال الإخلاص في الحياة الزوجية . وكذلك النصوص الدينية تؤكد على وجود صفة (العفة والسلام ) في قصة يوسف وعيسى (عليه السلام) في أرقى أشكالها . فالقيمة الرقمية لأسم يوسف في الكابالا اليونانية تعادل الرقم (١٥١٨) فهذا الرقم يتالف من قسمين (١٨ +١٥٠٠) حيث الرقم (١٥٠٠) هو القيمة الرقمية لكلمة نور (ΦΩΣ) في اليونانية . فالرقم (١٥١٨) يعني أن يوسف هو (نور الرمز ١٨) . الرقم (١٥١٨) أيضا هو القيمة الرقمية لعبارة (ابن يعقوب) في الكابالا العربية ، حيث هنا أيضا الرقم يتألف من قسمين : (١٨) و(١٥) ، حيث الرقم (١) يمثل شكل الحاجب والرقم (٥) يمثل شكل العين في وجه جانبي لإنسان ينظر إلى السماء ، فمعنى الرقم (١٥١٨) في العربية أن يوسف هو عين الرمز (١٨) . ولهذا الحكمة الإلهية وضعت الآية (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ...) في سورة يوسف ، فقصة حياة يوسف هي أجمل قصة إنسانية في تاريخ البشرية كون أحداثها تعتمد فقط الآيات المحكمات التي تتناسب مع جميع العصور ، وهذا لا يتحقق مع أي رسول أو نبي آخر .ولهذا الحكمة الإلهية جعلت قصة يوسف خاتمة لسفر التكوين ، حيث عنوان هذا السفر (التكوين) هو رمز يشمل جميع مراحل تطور الكون والإنسان من بدايته وحتى نهايته (منذ خروج الإنسانية من الجنة وحتى عودتها إليها).
الآية القرآنية في سورة الفجر تذكر الرمز (١٨) بشكل رمزي من خلال الآية (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) كلمة (شفع) تعني العدد الزوجي وتقصد الرمز (٨) الذي يتألف من خطين ، أما كلمة (وتر) فتعني العدد الفردي وتقصد الرمز (
١) الذي يتألف من خط واحد . إن إستخدام كلمة (وتر) في هذه السورة ليس صدفة ولكن حكمة إلهية توضح لنا طبيعة الرمز (١٨) .فكلمة (وتر) كفعل تعني هيج وأثار ، وكلمة (وتر) جمعها أوتار كأوتار الآلات الموسيقية (عود ، كمان ... إلخ) . فاستخدام كلمة (وتر) في سورة الفجر يفسر لنا ما توصل إليه علماء فيزياء الكم في آخر بحوثهم . فبعد إكتشاف أن الذرة ليست أصغر وحدة في تكوين المادة ، وأنها هي أيضا تتألف من جسيمات أولية (ألكترون ، كوارك ...إلخ) ، توصل العلماء إلى أن هذه الجسيمات الأولية هي بدورها أيضا تتألف من أشياء أصغر منها (أوتار) . هذه النظرية الحديثة معروفة اليوم بنظرية الأوتار الفائقة . هذه النظرية تعتمد مبدأ أن الجسيمات هي في الواقع كيانات أحادية البعد تُشبه الأوتار ، حيث كل وتر له إهتزازات خاصة به وإن إختلاف هذه الإهتزازات هي التي تعطي كل جسيم صفاته وخصائصه (كالكتلة والشحنة..إلخ) .
في الحقيقة أن إثبات صحة هذه النظرية من خلال التجارب الفيزيائية ربما يكون من المستحيل لا اليوم ولا في المستقبل بسبب عدم وجود الأجهزة الملائمة لرؤية أو قياس ودراسة هذه الأوتار الفائقة في الصغر ، فهذه الأوتار التي يتحدث عنها علماء فيزياء الكم، هي بمثابة منطقة البرزخ بين الروح والمادة ، فهذه الأوتار هي بمثابة الشكل الأول الذي تعبر به الروح عن نفسها . فالموضوع هنا يخرج من إختصاص علوم الفيزياء {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥)} هذه الآية مذكورة في سورة الإسراء (التي ترتيبها ١٧) كرمز للثقب الأسود البدائي قبل نشوء الكون ، فروح آدم وحواء التي دخلت هذا الثقب بعد خروجها من الجنة كانت في طريقها إلى الإنهيار والفناء بسبب إنهيار الأبعاد الثلاثة (الطول ، العرض، الإرتفاع) ، ولكن قدوم روح هابيل (النجم الثاقب) هو الذي أوقف هذا الإنهيار وأعاد هذه الأبعاد الثلاثة إلى الوجود ولهذا حصلت ظاهرة الإنفجار العظيم نتيجة الظهور الفجائي لهذه الأبعاد الثلاثة . علم الفيزياء عاجز تماما عن معرفة ما حدث قبل الإنفجار العظيم لأن علم الفيزياء هو علم مادي يدرس المادة ولكن قبل الإنفجار العظيم لم يكن للمادة أي وجود في هذا الثقب الأسود البدائي . لهذا العلم الوحيد الذي يمكن له فهم الخطوط العريضة لحقيقة ما حدث داخل الثقب الأسود ، هو الفلسفة (علوم الحكمة) فهذا العلم هو العلم الوحيد الذي يستطيع توحيد العلوم المادية مع العلوم الروحية للوصول إلى المعنى الشامل للموضوع المدروس . الكتب المقدسة هي هدية من الله إلى العلماء لتساعدهم في فهم ما هو وراء الظاهر من الوجود المادي {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) العنكبوت} .
علماء الفيزياء وبسبب الإنفصال الذي حدث في القرن /١٩/ بين العلوم المادية والعلوم الروحية والذي أدى إلى عدم تعاون الفلاسفة وعلماء الدين مع علماء الفيزياء ، خرجوا بعدة فرضيات خرافية عن هذه الأوتار منها مثلا وجود أبعاد إضافية فراح كل عالم يضع عدد معين من هذه الأبعاد (٥ ، ١١، ٢٦) ، ولكن الحقيقة أن الأبعاد هي /٣/ فقط كعدد أقسام الرمز (١٨) ، فإعتبار (الزمن) بأنه البعد الرابع عند علماء الفيزياء سببه هو سوء فهم لحقيقة ما يحدث نتيجة غياب الرؤية الروحية في الأبحاث الفيزيائية . فالزمن في الحقيقة هو ظاهرة تنتج من نوعية تأثر الأقسام الثلاثة في بعضها البعض . فالزمن في الثقوب السوداء يتحول من زمن إيجابي (بناء) إلى زمن سلبي (مدمر) يقوم بتشويه الأبعاد الثلاثة فيمنعها من الإتحاد ببعضها البعض بشكل متناغم فينهار كل شيء داخل الثقوب السوداء .
في مقالات ماضية ذكرنا أن الإنسان يختلف عن جميع الكائنات الحية كونه كائن حي فيلسوف لديه إدراك روحي وإدراك مادي ، ولهذا فرغم أن علماء الفيزياء يعتمدون الإدراك المادي كإدراك أساسي في أبحاثهم ، ولكن الإدراك الروحي عندهم جعلهم يخرجون بفرضية أن الأوتار الفائقة توجد على نوعين من الأوتار : وتر مفتوح ، ووتر مغلق . هذه الفرضية شبه صحيحة ، فأنواع الأوتار فعلا ينقسم إلى قسمين : النوع الأول وهو الوتر المفتوح ويمثل الرمز (١) ، أما النوع الثاني وهو الوتر المغلق فهي فرضية خرافية لأن كلمة (مغلق) قد يكون لها معنى في علم الفيزياء ، ولكن في الفلسفة لها معنى سلبي يعارض مبدأ عقيدة التطور (من الأدنى إلى الأرقى) الذي يسير عليه الكون بأكمله . فالحقيقة هي أن هذا النوع من الأوتار هو غير مغلق ولكن له شكل الوتر المزدوج (٨) والذي يمثل البعدين (الطول والعرض)، أما الرمز (١) فيمثل البعد الثالث (الإرتفاع) . فالعظمة الإلهية في الخلق تكمن في أنه من إستخدام هذه الأوتار الثلاثة فقط تم صنع كل شيء موجود داخل الكون ، تماما مثل الضوء الأبيض ، فالضوء الأبيض يتألف من /٣/ ألوان رئيسية فقط وهي (الأزرق، الأخضر، الأحمر) ولكن ومع ذلك يمكن من هذه الألوان الثلاثة صنع جميع الألوان الموجودة في الكون {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ...(٤٩) الذاريات} ، والمقصود من كلمة زوجين هو الرمز (٨) الشفع والرمز (١) الوتر . فمن إختلاف إهتزازات هذه الأوتار الثلاثة تم صنع الجسيمات الأولية التي تدخل في تركيب جميع العناصر الذرية في الكون . عدد أنواع هذه الجسيمات ليس صدفة ولكن أيضا يحقق مقدار الرقم للرمز (١٨) ، فهذه الجسيمات التي عددها (١٨) تنقسم إلى /٣/ أنواع كما هو في الرمز (١٨) وهي (٦كوركات + ٦ لبتونات +٦ بوزونات) . العالم الفيزيائي الذي يظن أن هناك أنواع أخرى من الجسيمات الأولية ويحاول البحث عنها هو أعمى البصيرة . فمثلا جسيم الجاذبية (جرافيتون) حامل لقوة الجاذبية والذي بعض العلماء يفترضون وجوده ، هو جسيم خرافي لا وجود له ، فالجاذبية هي خاصية تمتلكها الأوتار الثلاثة وبحسب نوعية إرتباط هذه الأوتار تظهر الجاذبية كنتيحة تعبر عن نوعية هذا الترابط .
إن طريقة توحيد هذه الجسيمات الأولية مع بعضها هو الذي يحدد صفات كل ذرة . ولهذا كان رمز عدو المسيح (الأعور الدجال) في المسيحية هو (٦٦٦) وله معنى تحطيم الرقم (١٨) إلى /٣/ أقسام متناقضة مع بعضها البعض تمنع حدوث أي التوحيد فيما بينها ، أي بمعنى آخر تحويل الزمن من شكله الإيجابي (٨) إلى شكله السلبي (٧) . ولهذا القرآن الكريم يبدأ بسورة الفاتحة التي عدد آياتها (٧) كرمز للخطيئة التي حصلت في الجنة وأدت إلى خروج الإنسان من الجنة (عدد أبواب جهنم سبعة - حديث شريف). ولهذا الحكمة الإلهية وضعت آية غير مرئية يجب قراءتها قبل قراءة القرآن وهي الآية (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ) التي تحول عدد آيات سورة الفاتحة من الرقم (٧) إلى الرقم (٨) كرمز له معنى أن إتباع تعاليم القرآن يحول الزمن من شكله السلبي إلى شكله الإيجابي والذي يفتح للإنسان أبواب الجنة (عدد أبواب الجنة ثمانية - حديث شريف) .
بعد تكوين الجسيمات الأولية تم خلق أول جسيم مركب وهو البروتون الذي يعتمد أيضا مبدأ الرمز (١٨) فالبروتون يتألف من {٢ كوراك أعلى(كرمز ٨) + ١ كوارك أسفل(كرمز ١)} . ثم تم تكوين نظيره النيترون الذي يتألف من (١ كوراك أعلى +٢ كوراك أسفل) كرمز (٨١) نظير الرقم (١٨) .
بعد تكوين الجسيمات المركبة تم تصنيع الذرات ، قانون تركيب الذرات لم يحصل صدفة ولكن وفق الرمز(١٨) ، فالتركيب العام الذري يتألف من {(بروتون + نيترون) + ألكترون} . البروتون والنيترون يمثلان الرمز (٨) والألكترون يمثل الرمز(١).
بعد تكوين الذرات تبدأ عملية إتحاد هذه الذرات لتكوين المركبات الكيميائية ، فيتم تكوين الماء الذي يمثل -كما ذكرنا قبل قليل - أساس الحياة ، فمتوسط نسبة الماء في الكائنات الحية تعادل أكثر من ثلثي مكونات الجسم . الماء يعتبر أهم مركب كيميائي يساهم في التفاعلات الكيميائية والعضوية ، ونتيجة هذه التفاعلات المختلفة تم تكوين وحدة بناء الحياة المعروفة علميا بالرمز (DNA) ، والتي هي أيضا لم تظهر بالصدفة ولكن وفق الرمز (١٨) والرمز (٨١) . فوحدة بناء الحياة (DNA) تتألف من شريط مضاعف يلتف حول نفسه بشكل حلزوني ، كل شريط يتألف من سلسلة متتابعة من مركب كيميائي يدعى (نيوكليوتيد) ، تكوين هذا المركب يعتمد مبدأ الرمز (١٨) فهو يتألف من /٣/ أجزاء في قسمين : الأول ويسمى نيوكليوزيد ويتألف من مركبين : (أساس + سكر) ويمثل رمز (٨) ، والثاني يتألف من حمض الفوسفور ويمثل الرمز (١) . فالشريط الأول من (DNA) هو رمز (١٨) أما الشريط الثاني فيمثل الرمز(٨١) . ولكن بما أن الرمز (١٨) هو الأصل الأول ، لهذا نجد أن عملية بناء الحياة تحتاج إلى شريط ثالث معروف علميا بالرمز (RNA) الذي يقوم بترجمة شيفرة (DNA) وتوصيل المعلومات الوراثية إلى أماكن تصنيع البروتين في الخلية . فالشريط المضاعف للDNA يمثل الرمز (٨) أما شريط الRNA فيمثل الرمز (١) . ولهذا الحكمة الإلهية في كل ظهور ديانة سماوية أرسلت شخصين وليس شخص واحد (موسى - هارون) و(عيسى - يحيى) و (أحمد - علي) عليهم الصلاة والسلام . (موسى ، عيسى ، أحمد) هم رمز الDNA حامل جميع صفات هوية الدين ، أما (هارون - يحيى - علي) فهم رمز الRNA الذي دوره المساهمة في ترجمة هذه الصفات «أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه . حديث شريف» من ينكر هذا الحديث لا يفقه شيئا في الحكمة الإلهية في فلسفة الديانات.
في سفر التكوين نجد أن الإصحاح الذي يذكر سلالة آدم يأتي بعد الإصحاح الذي يذكر سلالة قايين (الذي قتل أخيه هابيل) ، فسلالة قايين ظهرت على سطح الأرض قبل ظهور سلالة آدم . سلالة قايين تشبه جسديا الإنسان ولكنها روحيا تختلف كثيرا عنه . فأهم الفروقات بينهما أن كفي يدي أفراد سلالة قايين لا تحوي على الخطوط التي تشكل الرمز (١٨ ، ٨١) الذي يمثل عدد الأسماء الحسنى . فهذه الخطوط ظهرت لأول مرة مع ولادة إدريس في نهاية العصر الحجري القديم (قبل حوالي ٤٠ ألف عام) . حيث عندها بدأ ظهور البشر الذين تحوي أيديهم على الرمز (١٨٨١) ليعلن عن تطهر المرأة من القسم الأول من شوائب الخطيئة التي حصلت في الجنة. هذه المعلومة موجودة في سورة يوسف في الآية الكريمة {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١)} . فهذه الحادثة مذكورة فقط في القرآن الكريم ولا وجود لا في كتب العهد القديم والعهد الجديد . ولكن الحكمة الإلهية ذكرتها في سورة يوسف كونه هو نفسه إدريس ، لتكون هذه الآية لها معنى رمزي يوضح لنا ما حصل من تغيير في التكوين الإنساني بعد ولادة إدريس ، حيث عندها ظهر ما يسمى في علم الإنسان (إنسان كرومانيون) الذي له شكل مماثل تقريبا للإنسان المعاصر والذي قام بصنع التماثيل والرسومات على جدران الكهوف (وإدريس - وهو أول من خط بالقلم - حديث شريف) ، كعلامة لظهور الوعي الروحي في الإدراك الإنساني لفهم التعبير الروحي في الأشياء والأحداث .
وكما ذكرنا في مقالات ماضية أن الخطيئة التي ارتكبها الإنسان وأدت إلى ظهور غريزة القتل (جريمة قتل قايين لأخيه هابيل) قد حصلت في الجنة التي تقع خارج الكون ، وأن الكون الذي نعيش داخله هو بمثابة سجن لإعادة إصلاح التكوين الإنساني وتأهيله للعودة إلى الجنة. وأن هذا الإصلاح قد بدأ من أدنى مراحل الوجود {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) التين} . فجوهر هدف خلق الكون ليس خلق الجسيمات الأولية ، وليس خلق الذرات والمركبات الكيميائية، ولا النجوم والمجرات ، ولا خلق الكائنات الحية وإنما خلق إنسان جديد يمتلك تكوين إنساني خال من شوائب الخطيئة يصلح للعيش في الجنة . فجوهر التطور الكوني هو تكوين إنسان يحمل تكوينه (الروحي والمادي) جميع مبادئ قوانين هذا التطور . فهذه القوانين هي في الحقيقة تلك الصفات الروحية التي ستفرض على الإنسان إتباع سلوك يومي معين سواء مع نفسه أو مع الآخرين . فالإنسان هو فرد من الإنسانية ، فهو بمثابة خلية واحدة من خلايا الجسم وسلوكه اليومي يجب أن يصب في مصلحة الجسم بأكمله (الإنسانية) لأن عدم مشاركته في العمل الجماعي سيؤدي إلى ظهور خلل وإضطرابات في عمل الجسم . كل أمة من الأمم الإنسانية هي بمثابة عضو من أعضاء الجسم لها وظيفة خاصة به ، فعندما يسيطر على الأمة أفراد ينشرون الفتنة والعداوة بين الأمم بسبب التعصب الديني أو المذهبي أو أي عقيدة أخرى ، عندها هذا العضو سينفصل عن بقية أعضاء الجسم وسيؤدي إلى موت الجسم بأكمله بسبب إنهيار علاقة التكامل والتناغم بين أعضاء الجسم .
الحديث الشريف يذكر (لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى) علماء الدين يفسرون كلمة (التقوى) بأنها (التَّنَسُّكِ وَالعِبَادَةِ وَمَخافَةِ اللَّهِ) ، ما فائدة هذه التقوى بهذا المعنى إذا كان المسلم يقوم بأركان الشريعة الإسلامية (النطق بالشهادتين ، صلاة ، صيام ، الحج) ولكن تعصبه الديني يجعله يتهم الأمم الأخرى بالضلال والكفر ويمنع أي شكل من أشكال التعاون معهم . هذا المعنى الفقهي لكلمة (التقوى) هو معنى سطحي وساذج وفيه إتهام غير مباشر لله تعالى بأنه خالق فاشل (حاشاه ذلك) ولهذا خلق أمة واحدة صالحة وفشل في خلق بقية الأمم . ولكن الواقع اليوم يقول عكس ذلك ، فالأمة الإسلامية (والتي هي أكثر أمة تتهم الأمم الأخرى بالكفر) هي من أفشل الأمم في القرون الأخيرة . الحقيقة أن المقصود بكلمة (التقوى) في الحديث الشريف هو معناه الحرفي والذي مصدرها الأول هو كلمة (قوة) . فمعنى الحديث الشريف هو : لا فرق بين شخص وآخر إلا بمدى مساهمته في تقوية تكوين الإنسانية (كجسم واحد) لتأخذ شكلها المتكامل . فليس من الصدفة أن معظم كتابة لغات الشعوب الشرقية تبدأ من اليمين إلى اليسار ، أي أن منطق فكرها يعتمد الرؤية الروحية أولا. أما لغات الشعوب الغربية فكتابتها تبدأ من اليسار إلى اليمين ، وأي أن هذه الشعوب تعتمد الرؤية المادية أولا . فهذا الإختلاف في جهة الكتابة هي حكمة إلهية لها معنى أن الإنسانية تعمل كعائلة واحدة وهدف الأمم هو الإلتقاء مع بعضها البعض في المنتصف للحصول على الرؤية الشاملة .
الرمز (١٨) هو أهم ثابت كوني وبدون إستخدامه في الأبحاث العلمية (بمختلف انواع العلوم) سيجعل جميع هذه الأبحاث تعتمد مبدأ (العلم للعلم والفن للفن والدين للدين) وليس لخدمة الإنسان . في المقالات القادمة إن شاء الله سنتابع شرح مفهوم عقيدة التوحيد ونذكر أهمية الرمز (١٨) في فهم حقيقة الأشياء والأحداث والظواهر .... والله أعلم .
عقيدة التوحيد في المخطط الإلهي .الجزء ٤
في الأجزاء الماضية تكلمنا عن الثابت الكوني للبنية الدقيقة (α) الذي تعادل قيمته (١/١٣٧) ودوره في عملية توحيد كل صغيرة وكبيرة في الكون ، وأيضا تكلمنا عن الرمز (١٨) ودوره في تحديد الشكل العام الناتج عن كل عملية توحيد تحدث بين الأشياء والأحداث الكونية المادية والروحية بحيث تؤدي نتائجها النهائية إلى ظهور الإنسان على سطح الأرض ليتابع تطوره نحو الكمال. وذكرنا أيضا أنه بدون فهم المعنى الرمزي للثابت الكوني للبنية الدقيقة (α) ، وكذلك بدون فهم معنى الرمز (١٨) سيجعل كل شيء يحصل في الكون يبدو للعلماء وكأنه قد حصل بالصدفة ، وأنه بدون إعتماد الرمز (١٨) في الأبحاث العلمية بكافة أنواع علومها سيأخذ منطق هذه الأبحاث مبدأ (العلم للعلم والفن للفن والدين للدين) وليس لخدمة الإنسان وسيؤدي في النهاية إلى إنهيار العلوم ودمار الإنسانية. وكما ذكرت في مقالات ماضية عديدة أن الطبيعة هي مرآة الروح العالمية التي تحكم كوكب الأرض، فكلما كانت الطبيعة جميلة وودودة مع الإنسان فهذا يعني أن روح الإنسانية تسير مع المخطط الإلهي، والعكس صحيح فكلما كانت الطبيعة باهتة ومضطربة تنتج كوارث طبيعية مدمرة (فيضانات ، زلازل ، براكين ... إلخ) فهذا يعني أن الإنسانية تسير بعكس المخطط الإلهي كما يحصل في الفترة الأخيرة من حياة الإنسانية حيث تحولت الطبيعة نفسها إلى عدو شرس للإنسانية .
في المقالة الماضية ذكرنا أن الجسيمات الأولية - وعددها ١٨ - والتي يتكون منها كل شيء في الكون تتصف بصفة غريبة جدا وهي الحالة الإزدواجية (جسيم - موجة) والتي تمثل رمزيا (الحالة المادية - الحالة الروحية)، فيمكن للجسيم الأولي (إلكترون مثلا) أن يظهر على شكل كرة صلبة (رمز الحالة المادية) أو أن يظهر على شكل موجة (رمز الحالة الروحية) ، فالإلكترون عندما يشعر بوجود أي جهاز يراقبه يتصرف وكأنه كرة صلبة يملك كتلة (جسيم) ، ولكن عند إلغاء عمل جهاز المراقبة نجده يغير حالته ويتصرف وكأنه موجة عديم الكتلة . أي أن هذا الجسيم المتناهي في الصغر يتصرف وكأنه عفريت أو كائن واعي يدرك تماما ما يحصل حوله . هكذا تماما يحدث في الجسيمات الأولية الأخرى ( فوتون ، كوارك ...إلخ) . الحالة الإزدواجية (جسيم - موجة) هذه حيرت علماء الفيزياء ولم يستطع أحد حتى الآن تفسير هذه الظاهرة . ولكن في الحقيقة أن شرح هذه الظاهرة هو بسيط جدا ، فكما ذكرنا في مقالة ماضية أن كل جسيم يتألف من أوتار عديدة (نظرية الأوتار الفائقة) فهذه الأوتار تتبع نظام الرمز (١٨) ، وهذا الرمز يتألف من قسمين : الأول (٨) وهو بمثابة الرمز الروحي ، والثاني (١) وهو بمثابة الرمز المادي ، فالجسيم في حالة عدم وجود جهاز مراقبة يصبح تحت سيطرة الرمز (٨) فهو يتصرف وكأنه موجة عديمة الكتلة ، أما عندما يكون تحت المراقبة فيكون تحت سيطرة الرمز (١) لهذا يأخذ الجسيم شكله المادي ويتصرف وكأنه كرة صلبة . ولكن عند توحيد الجسيمات الأولية لتكوين الذرات تفقد الجسيمات صفة إزدواجية الحالة ويتحول الأمر إلى سيطرة مطلقة لأحد أقسام الرمز (١٨) ولهذا نجد أن العناصر الذرية توجد على /٣/ حالات : إما غازية (الأوكسجين مثلا) ، أو سائلة (الزئبق مثلا)، أو صلبة (الحديد مثلا) . وهي نفس أشكال الأجزاء الثلاثة التي يتكون منها الرمز (١٨) ، فالحالة الغازية تمثل رمز الخط الأول (\ ) والحالة السائلة تمثل الخط الثاني ( / ) والحالة الصلبة تمثل الخط الثالث (١) .
أيضا جميع العناصر الذرية يمكن أن تتحول إلى الحالات الثلاثة (غازية ، سائلة ، صلبة) عند تغيير درجة حرارة الوسط والضغط فغاز الهيدروجين مثلا يمكن أن يتواجد في حالة غازية أو حالة سائلة أو حالة صلبة وذلك حسب ظروف درجة الحرارة والضغط التي يتواجد بها . فعملية تغيير الوسط في الحقيقة هي بمثابة عملية تغيير السيطرة من جزء إلى جزء آخر في الرمز (١٨) . فالحالة التي تتواجد عليها المادة ليست إلا نوع من التعبير الروحي لذلك الجزء من الرمز (١٨) المسيطر على هذه المادة في تلك الظروف المحيطة به .
أيضا عملية تشكل المجموعات الشمسية (النجوم والكواكب) من سديم فضائي (تجمع غازي هائل) ، لا يحدث بالصدفة ولكنها تعبير روحي رمزي عن إنتقال المادة في هذا السديم من الحالة (الموجية) إلى الحالة (الجسيمية).
أيضا ظهور الحياة ليس إلا عبارة عن مركبات كيميائية عديدة مبعثرة تم تجميعها ضمن حيز صغير جدا وهو الـ(DNA) والذي يُعبر رمزيا عن التحول من الحالة (الموجية) إلى الحالة(الجسيمية) .كذلك تطور مراحل الحياة بالتسلسل من حياة مائية (أسماك) إلى حياة على اليابسة (ثدييات) ثم إلى حياة جوية (طيور) ، ليس صدفة ولكن تعبير روحي يمثل تحول السيطرة من جزء إلى جزء آخر من الأجزاء الثلاثة في الرمز (١٨) . فتطور الكون بأكمله ليس إلا عبارة عن مراحل تتعاقب فيها السيطرة من جزء إلى جزء آخر في الرمز(١٨) كتعبير روحي بحيث في كل مرة يعطي كل جزء من الرمز (١٨) بعض من صفاته التي لم تكن ظاهرة من قبل ليسير التطور من الأدنى إلى الأرقى حتى يصل إلى الكمال وذلك عند ظهور جميع العناصر التي تحدد هوية الرمز (١٨) .
فعقيدة التوحيد ليست مجرد عبارة (لا إله إلا الله) يتم ترديدها بشكل ببغائي. وإنما هي عملية تطور مستمرة بدأت في التكوين المادي والروحي للكون وإنتقلت إلى الإنسان لتجعله يسلك سلوك مطابق تماما للقوانين الكونية التي هي في الأصل تُعبر عن صفات الرمز (١٨) والتي تمثل ذلك الجزء من روح الله التي نفخها في آدم ، فهذه النوعية من السلوك هي التي فرضها الله تعالى على الإنسان في الجنة ليتبعها ، وبسبب هذا السلوك جعل الله الإنسان أرقى مخلوقاته . فالمعنى الحقيقي للعبادة بعد طرد الإنسان من الجنة هو محاولة الإنسان فهم المخطط الإلهي لتطور الكون {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) العنكبوت} . فعن طريق فهم المخطط الإلهي يستطيع الإنسان تنقية تكوينه من شوائب الخطيئة التي بسببها تم طرده من الجنة {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) التين}. وهذه العبادة - والتي تعتمد أصلا على عقيدة التوحيد- لا تتحقق إلا بتطبيق أركان الإيمان (الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح) ، فهذه الأركان الثلاثة تطالب بتنفيذها جميع الديانات العالمية . الحكمة الإلهية قامت بتوزيع الصفات الروحية للرمز (١٨) على جميع الأمم ، بحيث كل أمة أخذت صفات قسم من الأقسام الثلاثة للرمز (١٨) ، فكل ديانة من الديانات العالمية لوحدها هي ديانة غير كاملة ولهذا دخلت جميع الديانات في عصر الإنحطاط وعجزت في الإنتشار في جميع مناطق العالم ، فبدون التعاون بين الديانات والشعوب لن تتوصل الإنسانية في الوصول إلى الكمال . والحديث الشريف يؤكد صحة الإعتقاد (خير الناس أنفعهم للناس) الحديث الشريف يذكر كلمة (الناس) ليؤكد أن المقصود هنا هو الإنسانية بأكملها وليس فقط الأمة الإسلامية ، وأن معنى العمل الصالح المذكور في الحديث الشريف والذي يمثل أحد أركان الإيمان هو زرع روح المحبة والسلام بين الشعوب لتتعاون مع بعضها البعض لسد كل نقص عندها بهدف تحقيق وصول الإنسانية إلى الكمال .
أما أركان الدين فتختلف من مكان إلى مكان فهي شعائر تتناسب مع الظروف الروحية والمادية لطبيعة المنطقة ، وممارستها لا تعني بالضرورة الوصول إلى مستوى الإيمان الحقيقي. فمثلا أركان الإسلام الخمسة (الشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، الصلاة ، الصيام ، الزكاة ، الحج) هي مجرد وسيلة تضع الإنسان في حالة روحية تساعده في البقاء على الصراط المستقيم والذي سيفرض على المسلم بشكل لا إرادي إستخدام عقله بشكل سليم في البحث لفهم المخطط الإلهي كأسمى هدف للعبادة ، فبدون تحقيق هذا الهدف تتحول أركان الاسلام إلى أعمال يومية روتينية لا تفيد في شيء {لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ (٧) الغاشية} فالخوارج -مثلا- كانوا يقومون بتأدية هذه الأركان بحذافيرها ومع ذلك يصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم أشد أعداء الدين وأن مصيرهم جهنم وبئس المصير .
النصوص الدينية ذكرت لنا بشكل رمزي معلومات علمية تشرح لنا طريقة عمل الكون في تنفيذ المخطط الإلهي . فهناك سورة في القرآن الكريم تحمل عنوان (البروج) حيث الآية الأولى منها تذكر (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ) ، ورغم مرور أكثر من /١٤٠٠/ عام على نزول القرآن الكريم ولكن حتى اليوم يتم تفسير هذه الآية كما فسرها العلماء الأقدمين ، فلم يحاول أحد من المفسرين التعاون مع النصوص الدينية الأخرى لتطوير تفسير هذه الآية لتأخذ معنى أعمق يفيد العلماء بجميع إختصاصاتهم العلمية في فهم ما يحدث في الكون . فكلمة (بروج) هي جمع (برج) ، ونجد أن سفر التكوين في الإصحاح /١١/ قد تكلم عن برج بابل وأن بنائه قد تم بعد طوفان نوح بمئات السنين ، وأن بسببه تحولت لغة الإنسانية من لغة واحدة إلى عدة لغات . في اللغة اليهودية كلمة (بابل) لها معنيين متناقضين : الأول يأتي من كلمة (بلبلة) وتعني التشتت ولهذا تشتت اللغة إلى عدة لغات . والمعنى الثاني يأتي من العبارة (باب إيل) أي باب الرب .
وكما ذكرنا في المقالة الماضية أن كلمة (إيل) كلفظ يوناني يكتب بهذا الشكل (ΗΛ) وأن القيمةالرقمية لهذه الكلمة في النظام البسيط للغة اليونانية يعادل الرقم (١٨) . فالقسم (٨) من الرمز (١٨) هو المقصود به برج باب الرب الذي يمثل باب التوحيد . أما معنى البرج الذي يأتي من كلمة (بلبلة) فيعني الرمز (٧) المعاكس للرمز (٨) كونه يمثل روح السوء العالمية التي تحاول تشتيت الوحدة الكونية لتمنعها من التطور نحو الأرقى ، لهذا نجد أن سورة البروج تذكر كلمة أخدود (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ) ، فالأخدود كشكل هندسي له الشكل (٧) المعاكس للشكل (٨) ولهذا نجد أن بعد سورة البروج تأتي سورة الطارق والتي عدد آياتها هو الرقم (١٧) ، فهذا الرقم ليس صدفة ولكنه مرتبط بسورة البروج ، فالرقم (١٧) له معنى رمزي معاكس للرمز (١٨) فهو يُعبر عن نوعية التكوين الإنساني لأصحاب الأخدود الذين يظهرون في نهاية كل حضارة ويسيطرون على شعبها ويقومون بتفكيك الوحدة العالمية فيها فتدخل الحضارة في عصر الإنحطاط ، ولهذا سيأتي الطارق (المهدي - المسيح) في آخر الزمان حيث عندها ستصل فتنة أصحاب الأخدود (روح الأعور الدجال) ليقضي عليهم للأبد ويعيد السيطرة للرمز (١٨) .
فإستخدام الأشكال الهندسية في النصوص الدينية هو حكمة إلهية تفرض علينا التعاون مع علوم الآخرى ، فالشكل (٨) كرؤية هندسية هو شكل الموشور الزجاجي (برج باب إيل) الذي يقوم بتجميع ألوان الطيف ليوحدها لتنتج لون واحد وهو اللون الأبيض، والعكس أيضا صحيح فهو أيضا يمثل (برج البلبة) الذي يقوم بتحليل الضوء الأبيض إلى ألوانه الرئيسية الثلاثة التي يتكون منها (الأزرق، الأخضر، الأحمر) ، وهذه الألوان ليست إلا رمز للأقسام الثلاثة التي يتكون منها الرمز (١٨) والتي منها يمكن تشكيل جميع الألوان في الكون ، أي يمكن من أجزاء الرمز (١٨) تشكيل كل شيء في الكون .
فمعنى الآية (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ) أن تطور الكون تم عن طريق ظهور البروج بنوعيها الإثنين (٨) و (٧) ، فهناك صراع دائم بين روح الخير العالمية وروح السوء العالمية ينتج عنه عمليات مستمرة من التوحيد ومن التفكيك تجري داخل الكون ، الرمز (٨) يمثل روح الخير العالمية التي تقوم بالتوحيد والبناء ، والرمز (٧) يمثل روح السوء العالمية التي تقوم بالتفكيك والتدمير . ولكن سنة الله (المخطط الإلهي) مستمرة ولن يستطيع أحد إيقافها . فبرج بابل الذي يرمز إلى تشتيت اللغة إلى عدة لغات تم بنائه (رمزيا) من الطوب كرمز للضعف والهشاشة ، ومن المعروف أن أول ظهور للأنواع الإنسانية على سطح الأرض قد حصل في القارة الأفريقية . فشكل خريطة القارة الأفريقية يشبه شكل مثلث مقلوب وهو رمز لكلمة أخدود (٧) فهذه الأنواع من البشر تمثل نسل قايين الذي قتل أخيه هابيل . ولهذا أرسل الله النبي يوسف عليه السلام إلى مصر (في أفريقيا) ليقوم ببناء هرم زوسر الحجري كرمز للقوة والمتانة وهو أول مبنى حجري ضخم في تاريخ البشرية له الشكل (٨) ويتألف من (٦) درجات ضخمة ليأخذ شكل سلم يصعد إلى السماء كرمز له معنى تحويل الشكل (٧) إلى الشكل (٨) الذي يحمل المعنى الإيجابي لكلمة برج (باب الرب) والذي يمثل طريق العودة إلى الجنة . هذا الشكل وهذا المعنى لهرم زوسر مذكور في سفر التكوين (٢٨ :١٢ ورأى حلما و إذا سلم منصوبة على الأرض و رأسها يمس السماء و هوذا ملائكة الله صاعدة و نازلة عليها) .
إن أهم صفة في دولة مصر القديمة أنها كانت تتكون من توحيد شعبين متعاديين (مصر العليا ومصر السفلى) ، هذا التوحيد في البداية كان توحيدا مزيف يمر بمراحل مضطربة كونه كان يحدث بقوة السلاح بهدف الإحتلال والسيطرة على الشعب الآخر لنهب خيراته . ولكن النبي يوسف إستطاع عن طريق السلام والتعاون توحيد الشعبين بشكل يرضي الجميع ليبقى ساريا إلى الأبد . ليس من الصدفة أن عصر الأهرامات الذي أسسه النبي يوسف لا يزال يُعتبر حتى اليوم من أعظم ألغاز التاريخ وأن أمحوتب (النبي يوسف) الذي قام ببناء هرم زوسر لا يزال يُعتبر أكبر شخصية عبقرية وأكبر لغز في تاريخ البشرية . فليس من الصدفة أن أسم أمحوتب بالمصرية القديمة يعني (الذي جاء بسلام) ، فالنبي يوسف (أمحوتب) هو أول إنسان في تاريخ البشرية يوحد بين شعبين متعاديين ويجعلهما شعب واحد رغم إختلاف طبيعة سكان القسم الشمالي عن سكان القسم الجنوبي.
النبي يوسف (أمحوتب) كان يملك معارف شاملة تتضمن جميع أنواع العلوم والفنون ، فظهور يوسف كان بمثابة ظهور الإنسان الكامل لأول مرة في تاريخ البشرية والذي وضع أسس جميع أنواع النشاطات الفكرية والحسية ليستخدمها الإنسان ويطورها لتساعده في فهم حقيقة ما يحدث حوله من قريب ومن بعيد . معارف النبي يوسف الشاملة هذه إنتشرت بعد وفاته مع مرور الأجيال إلى جميع أنحاء العالم عن طريق مزدوج : الأول (جسيمي) أي عن طريق شخص إلى شخص آخر ، والثاني (موجي) أي بطريقة روحية تعتمد على قوانين فيزياء الكم (سنتكلم عنها في المقالة القادمة إن شاء الله).
وبما أن التكوين الإنساني للإنسان في تلك الفترة الزمنية كانت لا تسمح له بإكتساب هذا الكم الهائل والمتنوع من المعارف ، لهذا توزعت هذه المعارف على جميع شعوب العالم ، حيث كل أمة أخذت جزء من هذه المعارف ، فالقسم الشرقي (شعوب قارة آسيا) أخذت مسؤولية تطوير العلوم الروحية فظهرت فيها جميع الديانات العالمية ومن هناك إنتقلت إلى جميع شعوب العالم ، وهذا النوع من المعارف يمثل الرمز (٨). أما الشعوب الغربية فأخذت مسؤولية تطوير العلوم المادية والتي تمثل الرمز (١) .
ولكن بما أن جميع الأمور في الأصل توجد على حالتين (موجية - جسيمية) وأن الإنسان بشكل عام هو كائن (روحي ومادي) معا ، لهذا تحول الرمز (٨) في التكوين الإنساني في الشعوب الشرقية إلى الرمز (١٨) ، أما الرمز (١) فتحول إلى الرمز (٨١) كتعبير روحي للشعوب الغربية . ولهذا نجد بشكل عام أن الإنسان في جميع شعوب العالم يحمل الرمز (١٨) في كف يده اليمنى ، والرمز (٨١) في كف يده اليسرى .
إذا حسبنا عدد الأجيال بين آدم ويوسف كما هو مذكور في سفر التكوين (آدم ، شيث ، أنوش ...... إبراهيم ، إسحاق ، يعقوب ، يوسف) سنجد أن عددها (٢٣) جيل ، هذا الرقم ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تفسر لنا دور يوسف في المخطط الإلهي، فالرقم (٢٣) يمثل عدد الكروموسومات الوراثية التي أتت من الرجل ، وطالما أن الإنجاب يحتاج إلى رجل وإمرأة ، فعدد الكروموسومات في التكوين الإنساني هو ضعف الرقم (٢٣) أي (٤٦) وهو عدد كرموسومات التكوين الإنساني والتي جعلت منه كائن حي مختلف عن جميع الكائنات الحية الأخرى. فالرقم /٤٦/ هو القيمة الرقمية لأسم آدم في نظام الكابالا اليونانية (ΑΔΑΜ) حيث كلمة (آدم) في اللغة اليهودية تعني أيضا (إنسان) .
حسب التقويم اليهودي فإن الفترة الزمنية بين خلق آدم وولادة عيسى عليه السلام تعادل (٣٧٦١) عام وهذا الرقم هو أيضا رقم رمزي وهو يمثل ضعف الرقم (١٨٨١) أي (١٨٨١+١٨٨١) وله معنى أن يوسف عاد وولد مرة أخرى بأسم عيسى كعلامة إلهية لها معنى أن الإنسانية مع ولادة عيسى عليه السلام قد بدأت تدخل في مرحلة جديدة من تطورها الروحي . القرآن الكريم وضع سورة بعنوان (القيامة) فعنوان هذه السورة هو رمز آخر الزمان الذي سيظهر فيها النبي يوسف (عيسى) بأسم (المهدي - المسيح) ليخلص الإنسانية من أصحاب الأخدود (أتباع روح الأعور الدجال) الذين سيستطيعون السيطرة على كل شيء في العالم . فقبل سورة القيامة تأتي سورة المدثر حيث الآية رقم (٣٠) فيها تذكر (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) والمقصود منها هو القرن التاسع عشر ، أي (١٨٨١) عام بعد ميلاد عيسى عليه السلام ، فالقرن التاسع عشر كمعنى رمزي هو نهاية المرحلة الثالثة من خلق آدم أي (١٨٨١×٣) ولهذا كانت أهرامات الجيزة التي تعتبر أشهر مكان سياحي وأثري عالميا ، تتألف من /٣/ أهرامات ، فكل مرحلة من هذه المراحل الثلاث (١٨٨١×٣) تمثل سيطرة جزء من الأجزاء الثلاثة للرمز (١٨) . فمع نهاية المرحلة الثالثة (القرن ١٩) ستظهر روح الأعور الدجال لتقوم بتنفيذ مخططها الشيطاني المعارض للمخطط الإلهي ، ولهذا ليس من الصدفة أن القرن /١٩/ شهد إضطرابات روحية عنيفة لم تعرف الإنسانية مثلها من قبل نتيجة ظهور نظرية داروين التي تدعي بشكل غير مباشر أن أصل الإنسان قرد، وكذلك ظهور الفكر الماركسي الذي يدعي بأن قصص الأنبياء هي مجرد خرافات تعاني من مغالطات علمية وأن الله غير موجود . والأسوأ من هذا وذاك هو ولادة ظاهرة (الطفل المجرم) والتي لم يعرف التاريخ مثلها من قبل ، والتي تمثل رمزيا أن نسل قايين الذي قتل أخيه هابيل قد عاد بقوة وأصبح هو الذي يحكم الإنسانية وليس نسل آدم.
ولهذا نجد اليوم أن معظم أتباع الديانات العالمية وبسبب تعصبهم الديني قد أصبحوا دعاة فتنة ينطبق عليهم الحديث الشريف (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ) يساهمون في تمزيق الوحدة العالمية بحجة الدفاع عن دينهم ، وأصبح لا فرق بينهم وبين الملحدين فكلا الطرفان يساهمان في تنفيذ مخطط الأعور الدجال في تدمير الإنسانية ، ولهذا كان من الطبيعي أن تتحول الطبيعة وتصبح أخطر عدو للإنسانية ، فالكوارث الطبيعية اليوم تضرب جميع شعوب العالم بلا إستثناء ولا تفرق بين دولة ودولة سواء كانت مسلمة أو مسيحية أو ملحدة .
النبي يوسف مؤسس عصر الأهرامات استخدم الشكل الهندسي للأهرامات كنوع من التعبير الروحي لمراحل المخطط الإلهي ، فعدد درجات هرم زوسر المدرج يتألف من /٦/ درجات ضخمة ، ونجد أنه بعد بناء هرم زوسر المدرج يتم بناء أهرامات سنفرو وهي تتألف من /٣/ أهرامات (هرم ميديوم ، والهرم المائل ، والهرم الأحمر) ، ثم بعدها يتم بناء أهرامات الجيزة الثلاثة وهي (هرم خوفو ، هرم خفرع ، هرم منقرع) . هذا التسلسل التاريخي لبناء الأهرامات ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تكشف لنا مراحل التطور الروحي للإنسانية بعد وفاة يوسف عليه السلام. فهرم زوسر هو رمز للمرحلة الأولى من آدم إلى يوسف . أما أهرامات سنفرو الثلاثة فهي رمز المرحلة الروحية الثانية التي مدتها (١٨٨١) عام ، والتي حصلت بعد نهاية عصر الأهرامات ، وترمز إلى مراحل التطور الروحي التي توزعت إلى /٣/ مراحل :
- الأولى وهي ظهور الديانة الهندوسية في شمال الهند بالقرب من أعلى جبل على سطح الأرض وهو جبل إفِرِست والذي يمثل رمز برج باب الرب (٨). هذه المرحلة تمثل رمز الخط الأول (\ ) من الرمز (٨) والذي رمزه كـلون هو اللون الأزرق . ولهذا نجد أن الديانة الهندوسية لا تزال موجودة حتى اليوم وتعتبر أقدم ديانة حية في عصرنا الحديث ، فالديانة الهندوسية هي أول ديانة إبراهيمية تظهر على الوجود ، ولهذا حفظها الله حتى يومنا هذا {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩) الحجر} .
- المرحلة الثانية وهي مرحلة ظهور الديانة اليهودية والتي تمثل رمز الخط الثاني ( / ) من الرمز (٨) وهي تمثل اللون الأخضر .
- المرحلة الثالثة وهي مرحلة ظهور الحضارة الإغريقية و التي تمثل رمز الخط الثالث (١) من الرمز (١٨) وهي تمثل اللون الأحمر وهو لون الهرم الثالث من إهرامات سنفرو ، ولهذا نجد أن الحضارة الإغريقية لعبت دور كبير في تحويل المعارف المادية إلى علوم أكاديمية تتبع منهج بحثي عقلي بعيد عن الخرافات والإحساسات المزاجية .
المراحل الثلاثة : الهندوسية واليهودية والإغريقية ، هي في الحقيقة تمثل الحالة المادية (الجسيمية) من الحالة الفيزيائية (جسيم - موجة) التي تكلمنا عنها قبل قليل . لهذا بعد الحضارة الإغريقية وإنتهاء المراحل الثلاثة الأولى للرمز (١٨٨١) في الحالة الجسيمية. تبدأ مرحلة الحالة الثانية وهي الحالة (الموجية ) للرمز (١٨٨١) . هذه الحالة هي أيضا تمر ب/٣/ مراحل :
- ولادة عيسى عليه السلام وظهور الديانة المسيحية والتي تمثل استمرار للديانة الهندوسية ولكن بهيئة جديدة كونها تمثل الحالة (الموجية) ، فالهندوسية والمسيحية تمثلان رمز الخط الأول ( \ ) من الرمز (٨) ، فكلا الديانتين تعطيان أهمية كبيرة لعقيدة الثالوث المقدس والمقصود به الأجزاء الثلاثة من الرمز (١٨) . ولهذا نجد رغم أن المسيحية تعتبر ديانة سماوية ولكن نرى وجود الكثير من التشابه بينها وبين الهندوسية ، فالكثير من الباحثين المسلمين يعتقدون أن الديانة المسيحية قد تم تحريفها عن طريق تبديلها بشرائع وأحداث مأخوذة من الهندوسية . ومثل هذه الإتهامات هي اتهامات باطلة لا تعبر سوى عن جهل هؤلاء المسلمين بحقيقة المخطط الإلهي.
- المرحلة الثانية وهي ظهور الدين الإسلامي والذي يمثل الحالة الموجية للديانة اليهودية ، ولهذا نجد أن أكثر ديانة تشبه الديانة الإسلامية هي الديانة اليهودية ، فهذا التشابه ليس صدفة ولكن بسبب أن اليهودية والإسلام يمثلان الخط الثاني ( / ) من الرمز (٨) والذي رمزه اللون الأخضر ، ولهذا نجد اليوم أن المملكة العربية السعودية والتي تمثل البلاد التي ظهر فيها الإسلام أن علمها يحمل اللون الأخضر ، فتطابق الألوان هذا ليس صدفة ولكن من وحي إلهي.
- المرحلة الثالثة هي مرحلة عصر النهضة الأوروبية وهي تمثل الحالة الموجية للحضارة الإغريقية ، فكلا الحضارتان تمثلان رمز الخط الثالث (١) من الرمز (١٨) . فنجد في عصر النهضة قد تم تطوير جميع العلوم المادية لتأخذ شكلها الحقيقي الذي يسمح لها بالتعاون مع علوم القسم الشرقي .
ليس من الصدفة أن دولة إيطاليا تعتبر بداية تأسيس عصر النهضة الذي يمثل آخر مرحلة من المراحل ال /٦/ بعد وفاة النبي يوسف ، فشكل خريطة إيطاليا يشبه كثيرا شكل قدم إنسان ، فهذا التشابه ليس صدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى أن إيطاليا تمثل الرمز العالمي للمصطلح الديني (مقام إبراهيم) والذي يمثل رمز الخط الثالث (١) من الرمز (١٨) .
فمقام إبراهيم عند المسلمين هو الحجر الأثري الذي يقال أن إبراهيم قام عليه عند رفع قواعد الكعبة حيث يحوي أثر قدمي النبي إبراهيم بعدما غاصت فيه (الصورة في الأسفل).
أما الركن فعند المسلمين المقصود به هو ركن الحجر الأسود والذي تبدأ به وتنتهي أشواط الطواف حول الكعبة المشرفة . فهذا (الركن) هو خاص بالمسلمين فقط . أما الركن العالمي فالمقصود منه قمة إفرست التي تقع في سلسلة جبال الهيمالايا شمال الهند والتي فيها ظهرت الديانة الهندوسية . فكلمة ركن لغويا مصدرها فعل رَكَنَ : ركَن إلى الشَّيء/ ركَن على الشَّيء: مال إليه ، استند إليه ، والمقصد به هو الخط ( \ ) المائل الذي يركن على الخط ( / ) ليشكل معه الشكل (٨) . حيث الرمز (٨) يمثل الرمز الأنثوي في الرمز (١٨) . ولهذا تسمى هذه القمة (إفِرِست - Everest) حيث كلمة (Everest) تتألف من كلمتين : Eve وتعني (حواء في اللغات الأوربية ، و rest تعني باللغة الانجليزية (مسند أو متكأ) وهو نفس معنى كلمة (ركن) . فالمعنى العام لكلمة (إفِرِست) هو ركن حواء ورمزه (٨) ، ولهذا القارة الآسيوية تمثل القسم الشرقي من العالم والذي تقع على شعوبه مسؤولية تطوير العلوم الروحية . أما قدم إبراهيم التي تظهر في شكل خريطة إيطاليا ، فالمقصود هنا ليس النبي إبراهيم نفسه ، ولكن رمز إسمه ، حيث معنى إسم إبراهيم هو (أبو الشعوب ، أبو الأمم) والمقصود به رمز آدم أبو البشرية .
فالكعبة المشرفة في مكة هي رمز الكون قبل ظهور الحياة ، ولهذا توجد الكعبة المشرفة في منطقة صحراوية قاحلة وذات حجارة سوداء . أما الركن (قمة إفرست) والمقام (إيطاليا) فتمثلان رمز نشوء الحياة وظهور الإنسان وتطوره نحو الكمال . فالحديث الشريف الذي يذكر أن المهدي سيظهر بين الركن والمقام ، لا يقصد تلك المسافة بين الركن والمقام في مكة المكرمة والتي تعادل حوالي (١٤،٥) متر ، ولكن يقصد المكان الموجود بين قمة إفرست في الهند وإيطاليا كرمز لإنتهاء المراحل ال /٦/ التي بدأت في الهند وانتهت في إيطاليا .
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتكلم عن حقيقة الديانة الهندوسية ودورها في فهم عقيدة التوحيد ... والله أعلم.
وسوم: العدد 1088