نتنياهو: سأنقذ شعبي و”العالم المتحضر” من العدو الإسلامي

أمس، عاد رئيس الموساد ورئيس “الشاباك” من رحلة عقيمة أخرى إلى القاهرة، رحلة عرفا مسبقاً أنها ستنتهي بلا شيء. الأمريكيون والمصريون والقطريون ورؤساء جهاز الأمن في إسرائيل مقتنعون بأن الاتفاق الذي سيغير وجه الحرب موضوع على الطاولة، والمانع نتنياهو؛ فقد قرر إحباط كل تقدم: هو وحده. هو لم يعد يكافح في سبيل آرائه، هو يتمسك بها. الحوار بين المستويين السياسي والعسكري، الذي كان يسبق كل قرار لرؤساء الوزراء في الماضي، بما في ذلك نتنياهو، حوار توقف. مصدر مطلع على عملية اتخاذ القرارات يشهد بأن الرجل تغير؛ فقد كف عن الاستماع؛ مقتنع بالطريق الذي اختار السير فيه ومصمم على أخذ دولة إسرائيل معه.

لا تخطئ، قال لي مصدر آخر، المفاوضات تجري بين شخصين: السنوار ونتنياهو. أما تأثير الآخرين –الدول الوسيطة، وطاقم المفاوضات، وقيادة حماس – فهو صغير جداً. السنوار لم يعد حاكم مليوني فلسطيني في غزة. في نظر نفسه هو المسيح: خليفة صلاح الدين. أما نتنياهو فلم يعد رئيس وزراء عشرة ملايين إسرائيلي؛ هو أكثر بكثير من هذا: هو الرجل الذي سينقذ الغرب والشعب اليهودي والتاريخ اليهودي الذي فيه، من العدو الإسلامي. هي المسيح.

الأسبوع الذي بدأ اليوم كفيل بأن يكون دراماتيكياً. تصفية فؤاد شكر في بيروت وإسماعيل هنية في طهران، تدفع إيران وبناتها لإعداد عملية رد. انتقلت إسرائيل، يقول مصدر في المنظومة، من إدارة المخاطر إلى إدارة الرهانات: النقاش حول الخطوات اللازمة حيال إيران يجري حين لا يكون لأصحاب القرار معرفة عما سيفعله الإيرانيون وكيف ستدار سلسلة ردود الفعل بعد ذلك. مصير الطرفين في يد الصدفة. إذا كانت كارثة بحجم مجدل شمس أو أكثر ستقع في تل أبيب أو في حيفا فمن الصعب منع التدهور إلى حرب إقليمية.

ينسب المحللون معارضة نتنياهو لصفقة تحرير المخطوفين لاعتبارات الراحة السياسية: قد يفكك بن غفير وسموتريتش الائتلاف؛ وسيوقظ الاتفاق مع حماس معارضة في القاعدة. الاعتبار السياسي قائم لكنه ليس الوحيد. في 7 أكتوبر كان صعباً عليه أداء مهامه. فالغاية التاريخية التي أخذها على عاتقه ملأته بعظمة روح من جديد: يملك ما يقاتل من أجله.

ما الذي يريد نتنياهو تنفيذه في إيران؟ ما الذي يمكن ومن الصواب عمله؟

لديه غاية، لكن دون خطة. خيراً كان أم شراً، فالمسافة بين المسيح بن دافيد ودون كيشوت، الفارس الذي كان يقاتل طواحين الريح، ليست شاسعة جداً. فليس باستطاعة إسرائيل أن تدير هذه المعركة بدون أمريكا. لكن الأمريكيين سلموا عملياً بكون إيران دولة حافة نووية. منذ سنين وهم يشتبهون بنتنياهو بأنه يريد جرهم إلى حرب ضد إيران. بايدن وترامب وعلى أي حال هاريس أيضاً، يرفضون التورط في إيران.

عندما سُئل نتنياهو، بعد قصور 7 أكتوبر، لماذا امتنع عن مهاجمة حماس (وكذا إيران وحزب الله) في الماضي، شرح بأنه ما كان يمكنه أن يخرج إلى عمل عسكري بدون إجماع. الجيش عارض والوزراء عارضوا؛ فاضطر للتنازل.

كان هذا نتنياهو القديم. أما الآن فهو يتصرف بشكل مختلف.

حسب النبأ في أخبار “كيشت” أمس، في المكالمة الهاتفية مع بايدن، عندما ادعى نتنياهو بأنه يبعث برسله لمواصلة المفاوضات، أجابه بايدن بجملة: (كف عن “الاستخراء” بعقلي) (بالإنجليزية يبدو هذا التعبير أكثر فظاظة). لماذا لا يفجر كل من بايدن ومصر وقطر ورئيسا “الشاباك” والموساد والجيش الإسرائيلي، تلك الخدعة؟

لكل أسبابه. الأمريكيون يخشون فقدان السيطرة على المسيرة. وهذا قد يفاقم النار حتى حرب إقليمية. والمصريون يخشون من استئناف التآمر الإسلامي في سيناء واستمرار السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا؛ ويطالبون برحيل إسرائيل من هناك. والقطريون يسعون لترميم مكانتهم كوسيط بعد اتهامهم بأنهم وكلاء حماس وإيران. أما الإسرائيليان، رونين بار ودادي برنياع، فهما مرؤوسان لرئيس الوزراء؛ مجال مناورتهما محدود. نيتسان ألون، الذي يمثل الجيش في الطاقم، هو رجل احتياط. ربما يرحل. فهل سيدفع هذا قدماً بتحرير المخطوفين؟ لست واثقاً.

لذا، الكل يلعب اللعبة بشد أسنان.

يديعوت

وسوم: العدد 1090