بايدن ونتنياهو: مكافآت مقابل الإهانات!

بعد تكشّف الانحدار الذهني الواضح في قدرات الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال مناظرته الأخيرة مع خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، فعلى الأغلب أن التاريخ سيتذكره باعتباره الرئيس الأمريكي الأكثر دونيّة في العلاقة مع إسرائيل.

أعلن بايدن، أكثر من مرة، أنه «صهيوني»، بمعنى أنه من المؤمنين بشرعية إسرائيل وحقّها في استيطان فلسطين، لكن هذه القناعة التي صارت، منذ خمسينيات القرن الماضي، من الركائز الأيديولوجية للنخب المتحكمة بالمركّب المالي – العسكري – السياسي في الولايات المتحدة، لم تمنع رؤساء أمريكيين آخرين من استغلال حاجة إسرائيل للحماية العسكرية والسياسية الأمريكية لوضع حدود للدولة العبرية، في كل مرة كان الاندفاع الإسرائيلي ينذر بأزمات إقليمية أو عالمية كبيرة، كما حصل خلال حرب السويس 1956، حيث اضطرتها للتراجع خارج المناطق التي احتلتها في سيناء، وفي حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973، حين دفعتها باتجاه إقرار هدنة مع مصر وسوريا.

تدخّلت أمريكا بأشكال مختلفة لإظهار وزنها في العلاقة مع إسرائيل خلال الحرب القائمة على غزة، التي أدت إلى تداعيات إقليمية متعددة، وخصوصا في لبنان والخليج العربي وإيران، وإلى تداعيات عالمية، بينها مشاريع القوانين المرفوعة أمام مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، والدعوى الجنوب أفريقية لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، واتجاه محكمة الجنايات الدولية لإصدار مذكرات اتهام ضد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ووزير دفاعه، يوآف غالانت.

تكشفت هذه التدخّلات الأمريكية عن فشل ذريع، وتراجع مخز، وأضاف نتنياهو ملحا على جروح إدارة بايدن السياسية، ومصداقيتها في العالم، بطريقة شديدة الإذلال، فشنّ (والكثير من كبار مسؤوليه) هجمات على قرار الأخيرة تأخير تسليم شحنات قنابل زنة 2000 رطل، وتعامل مع مقترح بايدن لوقف إطلاق النار (الذي نسبه إلى إسرائيل نفسها) بأشكال من الازدراء الشديد، وامتنع نتنياهو عن ذكر هذا المقترح خلال خطابه سيئ الصيت الأخير أمام نواب الكونغرس الأمريكي، ثم دفع الأمور كلها، ضمن المنطقة والعالم، إلى ذروة رهيبة غير مسبوقة، عبر اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في قلب طهران بعد مراسم تنصيب رئيسها الجديد مسعود بزشكيان (وهو رئيس إصلاحي يسعى لتحسين العلاقة مع الغرب)، وكذلك اغتيال من يعتبر رئيس أركان «حزب الله» في قلب الضاحية الجنوبية (رغم وجود أنباء عن تأكيد أمريكا أن تل أبيب لن تهاجم قادة الحزب داخل بيروت).

اعتبر تقرير نشر في صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، أن من المحتمل أن يشجع اغتيال إسرائيل لهنية انتصار غريم الإدارة الحالية، ترامب، في الانتخابات الأمريكية المقبلة، وأن الاغتيال أبرز دونيّة مكانة أمريكا لدى إسرائيل بإظهارها في موضع التبعية، ناقلا عن مات دوس، وهو مستشار سابق للسياسة الخارجية، قوله للسيناتور بيرني ساندرز إن الإدارة الأمريكية شهدت شهرا بعد شهر إهانات مستمرة من نتنياهو «لكن بايدن يرفض تغيير المسار»!

بعد كل هذه الإهانات وأشكال الإذلال لصورة أمريكا في العالم والمنطقة، ورغم مساهمة نتنياهو الواضحة في محاولة تعزيز حظوظ ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد سارعت إدارة بايدن، مرة أخرى، إلى نجدة نتنياهو بعد الضربة التي وجهها لإيران، فأرسلت حاملة الطائرات «روزفلت» وقطعا عسكرية عديدة للشرق الأوسط، حيث نرى «الذيل يحرّك الكلب» وليس العكس، وهو ما يضع المنطقة، والعالم، على فوّهة هاوية جديدة.

بايدن ونتنياهو: مكافآت مقابل الإهانات!

رأي القدس

بعد تكشّف الانحدار الذهني الواضح في قدرات الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال مناظرته الأخيرة مع خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، فعلى الأغلب أن التاريخ سيتذكره باعتباره الرئيس الأمريكي الأكثر دونيّة في العلاقة مع إسرائيل.

أعلن بايدن، أكثر من مرة، أنه «صهيوني»، بمعنى أنه من المؤمنين بشرعية إسرائيل وحقّها في استيطان فلسطين، لكن هذه القناعة التي صارت، منذ خمسينيات القرن الماضي، من الركائز الأيديولوجية للنخب المتحكمة بالمركّب المالي – العسكري – السياسي في الولايات المتحدة، لم تمنع رؤساء أمريكيين آخرين من استغلال حاجة إسرائيل للحماية العسكرية والسياسية الأمريكية لوضع حدود للدولة العبرية، في كل مرة كان الاندفاع الإسرائيلي ينذر بأزمات إقليمية أو عالمية كبيرة، كما حصل خلال حرب السويس 1956، حيث اضطرتها للتراجع خارج المناطق التي احتلتها في سيناء، وفي حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973، حين دفعتها باتجاه إقرار هدنة مع مصر وسوريا.

تدخّلت أمريكا بأشكال مختلفة لإظهار وزنها في العلاقة مع إسرائيل خلال الحرب القائمة على غزة، التي أدت إلى تداعيات إقليمية متعددة، وخصوصا في لبنان والخليج العربي وإيران، وإلى تداعيات عالمية، بينها مشاريع القوانين المرفوعة أمام مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، والدعوى الجنوب أفريقية لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، واتجاه محكمة الجنايات الدولية لإصدار مذكرات اتهام ضد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ووزير دفاعه، يوآف غالانت.

تكشفت هذه التدخّلات الأمريكية عن فشل ذريع، وتراجع مخز، وأضاف نتنياهو ملحا على جروح إدارة بايدن السياسية، ومصداقيتها في العالم، بطريقة شديدة الإذلال، فشنّ (والكثير من كبار مسؤوليه) هجمات على قرار الأخيرة تأخير تسليم شحنات قنابل زنة 2000 رطل، وتعامل مع مقترح بايدن لوقف إطلاق النار (الذي نسبه إلى إسرائيل نفسها) بأشكال من الازدراء الشديد، وامتنع نتنياهو عن ذكر هذا المقترح خلال خطابه سيئ الصيت الأخير أمام نواب الكونغرس الأمريكي، ثم دفع الأمور كلها، ضمن المنطقة والعالم، إلى ذروة رهيبة غير مسبوقة، عبر اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في قلب طهران بعد مراسم تنصيب رئيسها الجديد مسعود بزشكيان (وهو رئيس إصلاحي يسعى لتحسين العلاقة مع الغرب)، وكذلك اغتيال من يعتبر رئيس أركان «حزب الله» في قلب الضاحية الجنوبية (رغم وجود أنباء عن تأكيد أمريكا أن تل أبيب لن تهاجم قادة الحزب داخل بيروت).

اعتبر تقرير نشر في صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، أن من المحتمل أن يشجع اغتيال إسرائيل لهنية انتصار غريم الإدارة الحالية، ترامب، في الانتخابات الأمريكية المقبلة، وأن الاغتيال أبرز دونيّة مكانة أمريكا لدى إسرائيل بإظهارها في موضع التبعية، ناقلا عن مات دوس، وهو مستشار سابق للسياسة الخارجية، قوله للسيناتور بيرني ساندرز إن الإدارة الأمريكية شهدت شهرا بعد شهر إهانات مستمرة من نتنياهو «لكن بايدن يرفض تغيير المسار»!

بعد كل هذه الإهانات وأشكال الإذلال لصورة أمريكا في العالم والمنطقة، ورغم مساهمة نتنياهو الواضحة في محاولة تعزيز حظوظ ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد سارعت إدارة بايدن، مرة أخرى، إلى نجدة نتنياهو بعد الضربة التي وجهها لإيران، فأرسلت حاملة الطائرات «روزفلت» وقطعا عسكرية عديدة للشرق الأوسط، حيث نرى «الذيل يحرّك الكلب» وليس العكس، وهو ما يضع المنطقة، والعالم، على فوّهة هاوية جديدة.

وسوم: العدد 1090