تحالف نظام الأسد مع الماسونية أحد مرتكزات وجوده حتى الان... الماسونية في حلب مثالاً

بمناسبة موت راتب الشلاح أحد بناة  تنظيم 

الماسونية  في سوريا ، اعيد عليكم مقالة كتبتها منذ سنوات بعنوان 

تحالف نظام الأسد مع الماسونية أحد مرتكزات وجوده حتى الان... الماسونية في حلب مثالاً .

أعزائي القراء …

يومها كنت طالباً في الإعدادية وكان لي شغفاً بقضاء عطلة الأسبوع في بيت جدي العربي الطراز في منطقة جب القبة . كنت اقطع المسافة بين بيتنا في أول شارع السبيل لبيت جدي في جب القبة مشياً على الأقدام لأوفر فرنكين اجرة الترام لشراء رغيف فلافل من عند ابو سمير الشهير في ساحة سعد الله الجابري حيث كان سعر رغيف الفلافل يومها على ما اذكر بثلاث فرنكات .

في طريقي وبعد منطقة باب الفرج واول جادة الخندق كان يلفت نظري بيت بباب قديم و لافتة مكتوب عليها "محفل حلب الماسوني" مع شعار المسطرة والفرجار ، لم تكن الحركة امامه ملفته للنظر ولم اكن اعلم ماذا يعني هذا المحفل لطالب إعدادي .

وفجأة اختفى المحفل في ستينات القرن الماضي ولم يعد يهمني كثيرا ، إلا بعد أن علمت أن هذا المحفل وبوجود مركز رسمي له يثير حساسية الحلبيين فقرر دهاقنة المحفل الانتقال إلى تاسيس نوادي عائلية يسهر فيها "علية القوم" حيث تبين فيما بعد أن نادي حلب العائلي الاجتماعي هو الوجه المستتر لمحفل الماسونية ..

إزداد نشاط النادي في فترة حكم نظام الاسد في سبعينات القرن الماضي و كان من مريديه الفئات الجديدة التي تشكل رجال الأعمال الجدد وجماعات المصالح التجارية والصناعية، فيما يشبه إعادة إحياء للحركة البرجوازية

حيث بدأ النظام يقيم اشتراكيته الخاصة به مع تلك الفئة، فكانت تمثل تزاوج اشتراكية السلطة مع المال الفاسد، والنفوذ المتبادل والمنسق على حساب الدولة ومصالح الشعب السوري، و بدا تأثير ذلك بما يشبه (اليد الخفية) من وراء ستار الحزب ومؤسسات النظام وأجهزته الأمنية،

ترأس تلك الفئة (بدر الدين الشلاح)، الذي لعب دوراً أساسياً في منع انتقال حالة العصيان المدني الشهير إلى قلب العاصمة خلال أحداث الثمانينيات، منبهاً النظام حينها إلى الدور المفصلي الذي يمكن أن تلعبه تلك الفئة في أيام الشدائد. وبوفاة بدر الدين ورث الاب كرسي الماسونية  لابنه 

راتب..

أما في حلب فزاد نفوذ نادي حلب العائلي الاجتماعي الذي أضحى المركز الماسوني المستتر كما ذكرت وصار اطاراً مقبولاً إلى حدٍ جيد.

تصدر الواجهة شخص برلماني اسدي هو عبد الله موصللي وكان يشغل هذا الموقع في فترة من الفترات شخص اسمه (جورج إنطاكي). لكل منهما دور مختلف، ولكن في إطار ميدان واحد وعلى مستوىً عالٍ من التكامل والتنسيق.

عبد الله موصللي خريج جامعة القديس يوسف اليسوعي في عام /1947/، كان عراباً ومرجعاً، وعارف في البيئة الاجتماعية لحلب في مرحلة الانقضاض على النفوذ والسلطة والمال الذي كانت تتمتع به العائلات المسلمة السنية الحلبية.

وبعد إنهيار الوحدة وجد مكاناً له كأمين سر نقابة المحامين في عام /1961/ ولعدة سنوات، ثم ليعاود اتساع نفوذه الاجتماعي باستلامه أمين سر مجلس إدارة فرع "حلب" لمنظمة الهلال الأحمر حتى أواسط السبعينات؛ إلى جانب رئاسته لنادي الشبيبة "الكاثوليكية" خلال فترة السبعينات "التصحيحية"، والذي تحول فيما بعد إلى نادي (الجلاء)، الذي غدا عنواناً للهوية المسيحية في حلب وسوريا، وتجمعاً اجتماعياً لأبنائها، ولمن كانوا يعملون على استقطابهم في معركة هوية حلب.

ولكن الانطلاقة الاجتماعية للمؤسسة الماسونية كانت كما ذكرت لنادي حلب العائلي الاجتماعي وكرئيس له منذ عام /1975/ وعلى مدار عقود ثلاث، اضافة الى كونه عضو برلماني مدعوم من الكوادر الحزبية والمخابرات الاسدية..

وهكذا بسط عبد الله موصللي الواجهة المقبولة لقناة تربط بين الفئة المنتفعة من المجتمع والنظام ،وكان لابد من (الدينامو) القادر على تفعيل هذا الإطار في سبيل بناء الاشتراكية الأسدية مع برجوازية مُصنَّعة بإتقان، وهذا بالتحديد ما كان يمثله جورج أنطاكي

وكما هو المحرك الفاعل في أي جسم، مكانه في العمق، مخفي، مرتبط مع الجميع بشبكة معقدة، ويحمل ماركة معينة مرموقة، كان جورج أنطاكي هو هذا الدينامو. فهو قنصل إيطاليا الفخري في حلب، وهو رجل الأعمال البارز، وهو "الماسوني" الذي لا يشق له غبار، وهو رجل العلاقات الخاصة مع مختلف الأوساط التجارية والدينية والسياسية مع الخارج، وهو بنفس الوقت العراب والقناة الفاعلة للوصول إلى المقاولات والتعهدات والعطايا ذات القيمة العالية للعديد من المؤسسات الحكومية في سوريا.

أوجد إنطاكي لنفسه مكاناً في كل نشاط تجاري أو صناعي، فهو عراب التجارة المرتبطة بالحديد والمنتجات الصناعية لأدوات الصرف الصحي الإيطالية التي لاقت رواجاً منقطع النظير في أسواق حلب، وهو أحد مالكي (معمل إلفا للأدوية) في مرحلة مهمة من مراحل تطور الصناعة الدوائية في سوريا، وكان لديه نفوذ كبير في المؤسسة العامة للسكك الحديدية وعلاقات ممتازة مع مديرها العام (إياد غزال) الذي كان مديراً أيضاً للقصر الجمهوري، وهو العلوي اللوائي النافذ وصديق بشار الأسد، وكانا معاً (أنطاكي وغزال) عرَّابي الفساد في صفقات بمليارات الليرات السورية، حيث ارتبط (أنطاكي) بعلاقة وثيقة مع شركة (ايتالفير) الإيطالية، وهي الفرع المتخصص بالدراسات السككية في الخطوط الحديدية الإيطالية، وكان شخص اسمه (جوزيف أسود) هو وكيلهم الصوري في الصفقات الفاسدة تلك، إلى جانب غيرها من شركات أجنبية أخرى. كما افتتح باسم أحد أقربائه هو (كريم ديوب)، شركة تجارية مصرية (المصرية للتوكيلات) في مرحلة كانت مهمة في إطار تطور العلاقات الاقتصادية بين سوريا ومصر في تسعينيات القرن الماضي وبدايات القرن الجديد، وكانت تقدم عروضها للحصول على المناقصات الحكومية السورية كشركة مصرية.

كان نادي حلب العائلي الاجتماعي الماسوني في الحقيقة نادٍ للفاعلين سواء فيما يخص أعضائه بحد ذاتهم، أو مدى اتساع وعمق شبكة العلاقات التي كان أعضاؤه يضربونها في المجتمع المحيط بهم،وليس غريباً عن أي شخص عاش في حلب في العقد الماضي، أنه كلما تقدم به المسير في حياته في حلب، بالقرب من الحزب أو الجامعة أو مؤسسات الدولة المهمة، أو خالط بصورة مستمرة بيئة المال والأعمال فيها، كلما شعر باليد الخفية تلك، وتأثيرها النافذ، والذي وضع حلب إلى هذه اللحظة قطاع هام مسخر لخدمة النظام.

كان إحدى نشاطات (جورج أنطاكي) بروزه في الصناعة الدوائية، في إطار شركة (ألفا) الدوائية التي تمكنت من امتلاك الحيز الأوسع من السوق الدوائية في سوريا، طوال عقد ونصف مضى، وأن هذه الشركة كانت مملوكة شراكة مع عائلة (أحمد الشهابي) وهو الرمز الجديد للماسونية الجديدة في حلب حيث كان هذا الرجل مشبع بالأفكار الشيوعية ثم انقلب عليها وتحول الى دعم نظام حافظ الاسد خصوصاً انه احد مكونات العائلة الشهابية والتي كان رمزها (حكمت الشهابي) الرجل العسكري المعروف إبان عهد حافظ الأسد والذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان لأطول فترة في تاريخ هذا البلد، وكان يمثل الوجه الماسوني الامريكي لحافظ الاسد بينما مصطفى طلاس والذي كان يمثل الوجه السوفيتي للاسد وذلك ضمن معادلة التوازن التي احدثها حافظ الاسد بين الكتلتين والمرغوبة من الولايات المتحدة والكتلة السوفيتية قبل تفككها.

ورث احمد شهابي قريبه حكمت ، فبدأ نشاطه بدور أوسع، تجلى في لحظة ما بقدرته على فرض بيع (جورج أنطاكي) لحصته في شركة (ألفا)، أضف إلى نشاطٍ صناعي بارز في مجال (التعبئة وتغليف المنتجات الزراعية والغذائية)، مستغلاً حالة الغضب الشديد التي أحدثها سوء علاقات (عبد الحليم خدام) مع بشار الأسد، ومن ثم انشقاقه عن النظام،

بُعيد ذلك غدت عائلة (أحمد الشهابي) شريكاً أساسياً لأخطبوط الاقتصاد السوري (رامي مخلوف) عبر المساهمة معه في تأسيس مجموعة (شام القابضة)، وتصدرت لدور بارز في حفلة (التطوير والتحديث) التي أطلقها (بشار الأسد) في إطار ما سمي بالإصلاح الاقتصادي، حيث أسست هذه العائلة (بنك الشرق) و(فرانس بنك) و(الشركة السورية العربية للتأمين).وحسب نظام الوراثة والتوريث فقد اورث احمد الشهابي ابنه فارس اللعبة الاقتصادية فكان وريث الماسونية ووريث ووكيل اعمال النظام في توزيع الفساد على أركانه ، حيث اعتبر نفسه على ما يبدو وريث مجد العائلة الشهابية، التي توزع نشاطها في حلب على مكامن القوة والنفوذ التي سمح النظام بها لكل من رضي عنه وألقى إليه بحبال الولاء والتبعية، والتي كان أهمها تاسيس (الإسلام الصوفي ممثلا بتيار احمد حسون وَعَبَد القادر الشهابي ) و(اشتراكية المال والسلطة). وعلى ما يبدو فإن (فارس) أجاد الدور وفق خطة مدروسة، أُطلق تنفيذها على قدم وساق عشية اشتعال الثورة السورية في مقتبل ربيع عام /2011.

لن أُعرَّف المعرَّف هنا، فدور (فارس الشهابي) الذي كان يشغل منصب (رئيس غرفة الصناعة في حلب) في تجميع الصناعيين والتجاريين الحلبيين في بوتقة دعم النظام عشية انطلاق الثورة السورية، وتشكيله حائطاً لمنع انتقالها إلى حلب، أضف إلى دوره في تأمين واجهة دينية فاسدة جديدة من عائلته لتغطية الفراغ في المؤسسة الدينية في حلب عبر مديرية الأوقاف بشخص قريبه (عبد القادر الشهابي) وتأمينه صمت بقية مشايخ الشهابية في حلب.

لقد أدت استقالة (حازم ابن حكمت الشهابي) من مسؤولياته كقنصل لسوريا في (كاليفورنيا) الأمريكية، عشية مجزرة الحولة الشهيرة في عام /2012/، إلى منح فارس الشهابي نشاطاً أكثر اتساعاً، حيث أصبح في نفس يوم الاستقالة رئيساً لاتحاد غرف الصناعة السورية؛ وليتصدى بكل ما أوتي من شراسة وطموح لدور البوق الأكثر تهديداً ووعيداً ليس للمعارضة وحسب، وإنما أيضاً للمدنيين وقاطني المناطق التي خرجت من سيطرة نظامه .

أعزائي القراء..

من هذه المقالة الموثقة يتبين بشكل واضح تحالف النظام الطائفي مع طبقة الفاسدين من مكونات المجتمع السوري مع الماسونية . وباعتقادي أن هذا التحالف يوازي تحالف عصابات النظام مع روسياً وايران وهنا علينا ان نؤكد ان الدعم القوي لبشار الاسد ياتي من الماسونية العالمية التي تتحكم بقرارات الدول الكبرى .

وعليه كما أطالب دائماً واقول عدونا يخطط ضدنا كشعب سوري بكل الوسائل وعلينا ان نكون اكثر ذكاءاً ووحدة وقوة وتخطيطاً فكفى شرذمة لايستفيد منها الا تحالف الاعداء.

وسوم: العدد 1101