يقتلون الفلسطيني أمام أولاده ثم يتباكون: إسرائيل.. الدولة الأولى لإنتاج الإرهاب في العالم
إن رد شخص يميني ذي آراء سيئة، لكنها تمثيلية حول العنف ضد المشجعين الإسرائيليين في أمستردام، يعبر عن الارتباك العميق. هاكم ما كتبه كاتب السيناريو، روعي عيدان: “لن يحبوننا أبداً، لكن يجب أن يخافوننا”، بعد “تسوية غزة بالأرض”، وبعد “لا يوجد هناك أشخاص غير مشاركين”، وبعد “يجب احتلال جنوب لبنان”، فإن الفهم الجديد هو أن الأغيار في أوروبا يجب أن يخافوا منا في عواصمهم.
من القطب المقابل لليهودية التي تستخدم العضلات، كتب المراسل ينير كوزين: “غداً، 9 تشرين الثاني، 86 سنة على “ليلة البلور”. هكذا تمت تسمية الليلة التي حدثت فيها أعمال الفتك باليهود العاجزين في أرجاء الرايخ الثالث. يبدو أن الإسرائيليين لم يتوقفوا ذات يوم عن الحركة بين الشعور غير المحدود بالقوة والخوف على وجودهم، وبين التصور الذاتي للأبطال الأقوياء الذين لا يخافون والجبان المتشرد في المنفى الذي يسحبون سوالفه، الضحية الأبدية للعالم.
لا يمكن التسليم بالعنف على خلفية اللاسامية في أي حالة. كما هو معروف، الهجوم العنيف ضد مشجعي مكابي تل أبيب كان مخططاً له مسبقاً بل وكان معروفاً للسلطات، والصور التي تأتي من هناك مثيرة للغضب. أيضاً من شبه المؤكد أن معظم المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين يكرهون الإسرائيليين، وهذا العنف الذي حدث، كان ينتظر الشرارة لإشعاله. مع ذلك، أنزل المشجعون الإسرائيليون أعلام فلسطين، و”اسمحوا للجيش الإسرائيلي بالانتصار” و”الموت للعرب” وكأنهم كانوا في “مسيرة الأعلام”. عندما ينزعج الناس الآن بسبب المذبحة في أوروبا، يجب عدم نسيان المذابح التي يرتكبها المستوطنون في فلسطين كل أسبوع تقريباً، وجنود جيش الدفاع يراقبون وأيديهم في جيوبهم! أو عنف الشرطة ضد المصلين في الحرم مثلما حدث بعد فترة قصيرة من أحداث أمستردام.
توجد لاسامية في أوروبا، ويوجد فيها أيضاً إسلام متطرف، وهذا غير جديد. ولكنهم منذ سنة وهم يحذرون من النظرة المتغيرة تجاه إسرائيل في العالم. ما الذي يحدث إزاء الصور عن الأفعال التي تفعلها في غزة، والتي لا يتم نشرها في وسائل الإعلام المحلية (مثلما لم يظهروا سلوك المشجعين في أمستردام، وحتى أنهم محوا تقارير خوفاً من رد الرعاع في الشبكات الاجتماعية)؛ الأرقام المخيفة لعشرات آلاف القتلى، من الأطفال والأولاد والعائلات التي أبيدت والطرد الجماعي، نكبة ثانية، تجويع ومنع إدخال المساعدات الإنسانية وما شابه، وجرائم حرب أيضاً.
الصور والشهادات من الهجوم على المشجعين في أمستردام تفتح جروح الماضي. استخدام كلمات مثل مذبحة وكارثة، خرج عن السيطرة منذ 7 أكتوبر، وتستخدم الآن لوصف الحدث الأخير.
الفلسطينيون الذين يضطرون إلى ترك بيوتهم في شمال القطاع بسبب قصفها، هم بالتأكيد مادة للكوابيس التاريخية. معظم سكان القطاع هم من المهجرين في العام 1948، وكما يقول الجيش الآن علناً: لن يتمكن بعضهم من العودة إلى بيوتهم.
يمكن القول الآن إنه إلى الوعد بأن “هذا لن يتكرر مرة أخرى”، أضافت إسرائيل كلمة “لنا”. ولكن الدولة التي كان يجب أن تكون الملاذ للشعب اليهودي، هي الآن المكان الأقل أمناً له. فلا يمكنها التركيز على سلامة الشعب اليهودي ومواطنيه الذين يواجهون المشاكل بسبب يهوديتهم أو جنسيتهم. لقد فشلت في فهم الدرس التاريخي.
ولفهم هذه العلاقة، وليس تبريرها، فإن ما حدث في أمستردام هو عنف مثير للاشمئزاز، لكن إسرائيل هي الآن منتجة كبيرة للعنف من خلال التباكي والتظاهر دائماً بأنها الضحية.
يخطئ من يعتقد أن الاعتداء على الرعاة والمزارعين الفلسطينيين، والدخول إلى بيوتهم وقضاء الحاجة على الأرضية في هذه البيوت وقتل الآباء أمام عيون الأولاد، لن تؤثر على مصيره. فالدولة التي لا تقوم بتحرير مخطوفيها، والدولة التي يقوم رجال الشرطة فيها بضرب عائلات المخطوفين، هي دولة فقدت جزءاً من حقها في التذمر.
وسوم: العدد 1102