وهمُ همُ... فاحذروهم
في أبيات مشهورة متداولة في كتب الأدب والتاريخ، يقول جار الله الزمخشري:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به..
وأكتمــــــــــــــه كتمـــانه لـــي أســـــــــلم
ثم يعدد المذاهب وما يقال في أصحابها، وفيها يقول:
وإن مالكيـــا قلــــــت قالــــــوا بأنني
أبيح لهم أكل الكلاب وهمُ همُ
وأرى اليوم جماهير ممن يسمون النخبة، من أصحاب العمائم والتمائم والولائم والكؤوس والفؤوس والرؤوس والمبدعين والمتميزين؛ كلهم يقولون في القائم الجديد، ولم يمض على قيامه غير أسبوع.. مثل ما كانوا يقولون في الطاغية وشبيحته، عندما كانوا يرفعون البوط شعارا… ويعتذرون لأنفسهم بما تسمعون..
وأقول مستعيذا بالله من الطيرة والمتطيرين، والشؤم والمتشائمين..
(وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ) فلو كان لهم في الغد قائم جديد لقالوا في الموّلي والمتولي، الكلام نفسه، وسيقولون إنما قلنا: صيانة للجسد ودفاعا عن المال والولد!! وخوفَ الفتنة، كنا نتعهد بتقبيل بوط الوطن…
أيها الأحرار
لا تردوا قولهم ولا تقبلوه، فأنتم أكبر من أن تخدعوا بدعواهم.
ولما رأيت الجهل في الناس فاشــــــيًا
تجاهلـــــــــتُ حتى ظُـــنَّ أنـــي جاهــــــل
فوا عجبًا كم يَدَّعي الفضل ناقص
ووا أســــفًا كم يُظهر النقص فاضل
أريدنا فقط أن نعلم هذا، ونحفظه، ولا نعتد به، ولا نعوّل عليه، ولا ننخدع به، ونمر به ذاكرين: (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ ۚ قُل لَّا تَعْتَذِرُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ) ونترك الشياه في مراعيها تقضم علفها..!!
فقط أريد أن أهمس في آذانهم من بعيد: وكأن هؤلاء الذين تصدوا للطاغيتين الوالد والولد وجنودهما المتكدسين على كل منبر، وفوق كل كرسي، يحملون بأيديهم مثل أذناب البقر؛ لم تكن لهم حسابات، ولم تكن لهم أمهات وزوجات وآباء وأبناء وبنات، لم تكن لهم طموحات، لم يكونوا يخافون السوط والزنزانة والكيماوي وغرف الملح والمكبس يكبس البشر، والرحى تدور على عظامهم..
الله خلق كل البشر يخافون، ولكن الذين يبنون الأوطان، ويصنعون الحضارات، ويكنسون الطغاة؛ هم قوم كانت قلوبهم أقدرَ على التسامي فوق خوفهم، وجزعهم وطمعهم وكل لعاعات الدنيا، التي يتعذر بها المتعذرون…
وإذا سمعتم المعذّرون يتعذرون..
فابتسموا ولكن لا تنخدعوا..سيقول لكم أحدهم: يا عمري رأيتهم يحملون بنادقهم ويطلبون مني أن أشاركهم صورة.. فهل أملك غير أن أبتسم!!
لم يتغيروا، لن يتغيروا، وسيبقون كما قال الإمام الزمخشري
وإن مالكيــــــا قلــــــت قالـــوا بأنــــــني
أبيح لهم أكل الكلاب.. وهمُ همُ
وسوم: العدد 1107