رضّع غزة: ضحايا الإبادة الإسرائيلية قبل البرد القارس
في أحدث رصد لأعداد شهداء قطاع غزة أشارت تقارير هيئات صحية إلى 6 أطفال رضع قضوا بسبب البرد القارس والمنخفض الجوي والأمطار الغزيرة، ولأن الخيام التي لم يجد أهلهم مأوى سواها ليست بدائية وقاصرة ومهترئة فقط، بل لا تنطبق عليها تسمية الخيمة أصلاً، عدا عن كونها تسبح في برك المياه على أرض غير صالحة لإنشاء مخيم في الشروط الأدنى، وغير مهيئة لتكدس عشرات الآلاف من النازحين.
وقبل أن يكون الرضع من شهداء غزة ضحايا البرد وقسوة الشتاء والخيام المهترئة، فإنهم في الأصل والجوهر ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية التي تستهدف القطاع منذ 14 شهراً، وهم الشهود على جرائم التجويع والعقاب الجماعي والتطهير العرقي والتهجير، وهم القتلى جراء قصف المشافي وتعطيلها وإخراجها عن الخدمة، إلى جانب استهداف الملاجئ والمدارس والمخيمات، وتعمّد الهبوط بظروف العيش اليومية إلى مستويات مريعة من التوحش والإجرام والبربرية.
وليس عجيباً أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تتقصد استغلال الأحوال الجوية القاسية كي تُجهز على مرفق صحي مركزي مثل مستشفى كمال عدوان، فتصيبه بدمار هائل وتعيث فساداً في أجنحته وتعتقل الفرق الطبية العاملة فيه وعلى رأسهم مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية، وتترك المرضى في عراء من الخراب.
وكانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد وثقت 136 غارة إسرائيلية على 27 مستشفى و12 من المرافق الطبية المختلفة، وأشارت إلى حالات تعذيب وإساءة معاملة في مستشفى كمال عدوان مؤخراً، وشددت على أن هذه الاعتداءات تعكس تجاهلاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. وإذا كانت المفوضية قد جنحت كعادتها إلى اللغة الدبلوماسية التي لا تسمي الأفعال بمسمياتها الحقيقية، فإن الغالبية الساحقة من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية لا تتردد في تصنيف الفظائع الإسرائيلية تحت خانة جرائم الحرب الصريحة الفاضحة.
من جانبها أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن 258 من موظفيها قُتلوا في قطاع غزّة خلال عمليات القصف الإسرائيلية منذ ابتداء حرب الإبادة، وسجلت نحو 650 استهدافاً طال مباني الوكالة ومرافقها المختلفة، الأمر الذي أسفر عن حصيلة مريعة بلغت 745 قتيلاً في صفوف اللاجئين إلى مقارّ الأمم المتحدة طلباً للحماية. فإذا كان أكثر من ثلثي مباني الوكالة قد تضرر، فهذا يعني أن ويلات القذائف الإسرائيلية أعتى وأشد هولاً على أطفال القطاع من أي مستوى لبرد الطبيعة وسيولها ورياحها.
وفي غمرة تنويعات الهمجية الإسرائيلية يواصل جيش الاحتلال تسجيل فشل إثر آخر في الأهداف العسكرية الميدانية التي أعلنها منذ ابتداء الإبادة، فالاشتباكات ضارية مع المقاومة الفلسطينية في بيت حانون، ومنها تواتر إطلاق الصواريخ باتجاه مستوطنات الغلاف، وتعرض محور نتساريم إلى قصف بمدفعية الهاون، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية أن قرابة 1000 جريح تجري إعادة تأهيلهم شهرياً في مشافي الاحتلال.
والرضيع الفلسطيني التي ترأف به الطبيعة تحت خيمة قماش ممزقة، يتلقفه التوحش الإسرائيلي من السماء كما على الأرض، على مرأى ومسمع الصمّ البكم من أنصار دولة الاحتلال في العواصم المتكاذبة حول حقوق الإنسان.
وسوم: العدد 1109