العويل الطائفي: قراءة في صرخات العلويين ومواقفهم المتناقضة

مع تصاعد التحولات الجارية في سوريا وتراجع النفوذ الذي اعتادت الطائفة العلوية التمتع به لعقود طويلة، بدأت الأصوات العلوية تعلو بالاعتراضات والشكوى. هذه الأصوات، التي لم تنبس ببنت شفة عندما قُتل مئات الآلاف من السوريين السنة، واعتُقل الآلاف في السجون، ودمِّرت مدنٌ بأكملها، تُعبّر الآن عن غضبها من أمور كاعتقال مجرمين من الطائفة أو وجود أجانب في الإدارة السورية، في ازدواجية فاضحة تكشف مواقفها المتناقضة.

الصمت أمام الجرائم والمجازر

أين كانت هذه الأصوات عندما كان النظام السوري، بمساندة ميليشيات أجنبية شيعية من إيران والعراق ولبنان وأفغانستان، يقتل السوريين على الهوية المذهبية؟ لم يُسمع صوتهم عندما كان النظام يرتكب أفظع الجرائم بحق أبناء الأغلبية السنية. لم يعترضوا على دخول الميليشيات الأجنبية إلى سوريا عندما كانت هذه الميليشيات تدافع عن النظام القائم وتقاتل الشعب السوري.

الأجانب يدافعون عن السوريين

والآن، بينما يتحدث العلويون عن اعتراضهم على وجود أجانب في الإدارة السورية، من المفارقة أن هؤلاء الأجانب كانوا يقاتلون دفاعا عن الشعب السوري، بينما كان أبناء الطائفة العلوية، الموالون للنظام، مشاركين في قمع السوريين وقتلهم على أسس مذهبية.

فقدان الامتيازات والنفوذ

العلويون الذين كانوا يحتكرون المناصب العليا في الجيش والأمن والإدارة المدنية، يجدون أنفسهم اليوم أمام واقع جديد:

فقدان النفوذ العسكري والمدني:

مع تراجع سيطرة النظام، خسر العلويون المناصب التي كانت تضمن لهم الهيمنة على مفاصل الدولة.

انهيار الامتيازات الاقتصادية:

الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، من عقود اقتصادية وشبكات فساد تحميهم، أصبحت عرضة للتفكك.

تراجع الدعم الدولي:

الحلفاء التقليديون للنظام بدأوا يتراجعون، ما وضع الطائفة في موقف معزول على الصعيد الدولي.

التناقض في طلب الحماية الفرنسية

مع فقدان النفوذ والتراجع في الهيمنة، لجأت بعض الأصوات العلوية إلى طلب الحماية الفرنسية. هذا الطلب يعكس تناقضًا صارخًا: الطائفة التي حكمت سوريا لعقود بقوة السلاح والقمع، والتي أيدت النظام الطائفي في استقدام الميليشيات الأجنبية لقمع الشعب، تريد اليوم اللجوء إلى دولة استعمارية لحمايتها.

العويل بلا جدوى

مطالبات الحماية والاعتراضات على الأوضاع الراهنة تأتي بعد عقود من الصمت أو المشاركة في الجرائم. هذا العويل لا يعبّر عن رغبة حقيقية في العدالة أو المصالحة، بل عن محاولة يائسة للحفاظ على امتيازات ونفوذ كانا قائمين على الظلم والقمع.

المستقبل للسوريين جميعًا

لن تكون هناك عودة إلى الماضي. السوريون، بمختلف أطيافهم، يدركون أن العدالة والمساواة هي السبيل الوحيد لبناء مستقبل أفضل. الأفراد الذين تلطخت أيديهم بالدماء، سواء من هذه الطائفة أو غيرها، سيواجهون العدالة، ولن يتمكن العويل أو التهديد من حماية مرتكبي الجرائم.

الخاتمة

التاريخ لا يرحم، وسوريا لن تُبنى على الظلم. على الطائفة العلوية أن تدرك أن زمن الاستبداد قد انتهى، وأن الحقوق والمواطنة لا تقوم على الامتيازات الطائفية، بل على العدالة للجميع. الأصوات التي تعلو اليوم بالعويل لن تغيّر من حقيقة أن الشعب السوري بأسره يسير نحو استعادة حقوقه وبناء دولته على أسس جديدة، خالية من القمع والتمييز.

وسوم: العدد 1111