حادثة لوكربي ... جاك شيراك.. حافظ الأسد.. الإخوان المسلمون

نصف قرن ونحن مسلمو سورية، نذبح بالقرار العالمي..

وفي سنة 1988 سقطت طائرة أمريكية بجريمة إرهابية، بفعل فاعل، فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا البريطانية…

وبعد العياط والمياط والتدقيق في التحقيق، ثبت لقادة الغرب أن الفاعل الحقيقي للجريمة هو المجرم حافظ الأسد، وكان للجريمة عندهم في سجله أخوات..

اجتمع وزراء خارجية الدول الأوربية، في غواديلوب إحدى جزر الكاريبي، ليتداولوا في العقوبة التي يمكن أن يفرضوها على المجرم مرتكب الجريمة…

كان جاك شيراك يومها وزيرا لخارجية فرنسة، وحضر اللقاء متأخرا، وسمع زملاءه يتفاوضون، فاستوقفهم وقال لهم: لا.. ليس حافظ أسد هو الذي فعل هذا، وغمز بعينه اليمنى. ثم قال: لا تهتموا كثيرا بما يفعله حافظ أسد إذا فجر طائرة هنا، أو اختطف صحفيا هناك، كان حافظ الأسد قد اختطف صحفيا فرنسيا في لبنان!! غمز المسيو شيراك بعينه اليسرى وقال: لا تهتموا لشيء من ذلك، ولتقدروا قيمة حافظ الأسد فانظروا إلى ما يقدمه لنا من خدمات في قمع الأصولية في الشرق الأوسط..!!

كان حافظ الأسد خارجا للتو من مجازره ضد جماعة الإخوان المسلمين وعموم المسلمين في سورية، في تدمر وفي حماة وفي جسر الشغور وحلب، وكان لا زال حسب شهادة وزير دفاعه مصطفى طلاس في كتابه "أيام هزت دمشق" يعدم في كل أسبوع مائة إنسان سوري من جماعة الإخوان المسلمين أو ممن يواليها، وكان كلما أمعن في الإعدامات أكثر انفرجت أسارير شيراك وشركاه أكثر….

طبعا أنتم تعلمون أو تذكرون أو هكذا أظن، أن جريمة لوكربي ، تحملها غبي عربي لبيس، ومعنى لبيس هو الشخص الذي يلبس جريمة غيره ويدفع ثمنها من عمره أو من ماله..

صمت العالم أجمع عن جرائم حافظ وبشار الأسد كما قال شيراك مقابل جرائمهم بحق المسلمين في سورية!! ولأمر ما، ومعنى هذا التركيب في لغة العرب، لأمر خطير عظيم لم تُفتح ملفات سجن تدمر، ولا ضحاياها ولم يبحث أحد عن قبورهم ولا عن عظامهم ولا عن ضحايا أربعين عاما من القتل والانتهاك والتعذيب!! لأمر ما!! أي لأمر تقشعر لهوله الأبدان… توافق الجميع على تناسي الجرائم التي وقعت منذ كتب المرشح إبراهيم خلاص "إن الله.. والإسلام والمسيحية دمى محنطة في متاحف التاريخ" أو منذ اقتحمت الدبابة البعثية باب المسجد الأموي في دمشق..!! أو منذ كسرت أبواب السوق التجاري في حلب، ونهبت محتوياته..،

نحن كنا نعتقد أن ثورة الشعب السورية سلسلة متواصلة الحلقات عمرها اثنتان وستون سنة.. وإذا البعض يريدها حلقة في فلاة..، ليس حلقة، ربما مجرد خاتم يلبسه بعضهم على طريقة البعض في قولهم: أدخلت الخاتم في إصبعي.. الحقيقة العملية تقول؛ إن الإصبع هي التي تدخل في الخاتم!!

أذكركم فأنا والحمد لله ما زلت ذاكرا حاضرا أذكركم أن المسيو شيراك بعد أن صار الرئيس شيراك قد قام باستقبال الغلام بشار الأسد في قصر الإليزية الفرنسي، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية السورية المزرعة المنكوبة ، وكسر شيراك البرتوكول الفرنسي بذلك الاستقبال، وأصبح الرئيس شيراك عرابا للجزار القادم، لدى الدول الأوربية.. طمعا من الرئاسة الفرنسية فيما ستجنيه يداه بحق الأصوليين الإرهابيين في الشرق الأوسط…

أذكركم وأنا بحمد الله ما زلت أذكر، أن بشار الأسد بعد أن اغتال رفيق الحريري، ورفع اصبعه الوسطى لكل العالم، وظن بوش الصغير أنه يستطيع عقوبته، سارع ساركوزي الرئيس الفرنسي نفسه، بتعهد بشار الأسد منذ 2006 ودعاه مرة أخرى إلى الإليزية تحت عنوان مؤتمر المتوسطية…

الطابة ملعوبة يا قوم، الأمريكان والفرنسيون لم يكن عندهم مانع أن يتحالفوا مع خميني، ليقتل لهم المسلمين في العراق والشام واليمن..

رغم أني لم أتابع مباراة كرة قدم حياتي كلها، إلا أن كلمة "الطابة ملعوبة" كنت أسمعها من معلق رياضي سوري اسمه "عدنان بوظو" فأفهم معناها، وأرجو أنكم تفهمونه

لا تقلقوا…

فأنا لست الأحمق الذي ينادي عند العقبة الأولى: يا خيل الله اركبي..

وحتى لو ناديت فأنا الذي قال في مثله المتنبي: لا خيل عندك تهديها ولا مال…

أقول بكل الغبطة والهناءة والسرور:

إذا كانت سلامة سورية وهناءة بنيها لا تقوم إلا على مسحوق عظامنا فلتسلم سورية، وليهنأ أبناؤها..

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

اللهم لك العتبى حتى ترضى.. ولكن عافيتك أوسع لنا…

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1115