الحاكمية بين الإسلام و العلمانية إذا لمن الحكم ؟ الجزء الثاني
العلمانية رؤية في فكر عبد الوهاب المسيري:
تعريف العلمانية عند المسيري: هي منظومة تولد من داخل الدولة و أحيانا المجتمع على سبيل المثال: تلتزم المجتمعات الإسلامية بالحجاب و الصلاة و الصيام و باقي نمط حياتها علماني و غربي بشكل واضح و هناك وجهان للعلمانية: الشاملة و الجزئية .
الجزئية : على سبيل المثال العلمانيون العرب بمجملهم هم علمانيون يؤمنون بالقيم المطلقة و الأخلاق الحميدة و أن هناك أشياء غير نسبية في الواقع، و هذا يعني فصل الدين عن الدولة. بينما نلاحظ في نظرهم علاقة الرجل بالمرأة تبقى منظومة قيمية .
السؤال الذي يطرح نفسه: هل العلمانيون ديمقراطيون؟ إن ربط العلمانية بالديمقراطية أمر مشكوك فيه! ألمانيا النازية كانت علمانية و كانت في الوقت نفسه نفعية مادية، لقد أباد ستالين الملايين باسم الطبقة العاملة على الرغم أنه كان علماني، و كان ذلك صادرا عن ورؤية دينية، على الرغم من فصل الدين عن الدولة، الدساتير الأوروبية بمضمونها دساتير دينية وإن تظاهر الأوروبيون أنها علمانية، رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة مثلا عندما يؤدي القسم الرئاسي أو الدستوري يحلف على الإنجيل… في ألمانيا معظم المنظمات الاجتماعية الإنسانية مثل الكاريتاس Caritas و الدياكوني Diakonie تقدم دعمها لكثير من الناس ، الذين يحتاجون مساعدة بدعم من الكنيسة الأنجليكانية. إذا الكلمة أو المصطلح كما أوضح المفكر الإسلامي عبدالوهاب المسيري آتية من تشكيلات حضارية مختلفة.
- تعريف الحقل الدلالي:
العلمانية كنموذج تغريبي شامل: النموذج الغربي هو جزء من العلمانية، والعلمانية لم تظهر دفعة واحدة بل بدأت تدريجيا حيث بدأ الإنسان الغربي يرصدها في عصر النهضة حيث الإصلاح الديني بعد ذلك، ثم عصر الإنسانية في القرن الثامن عشر،ثم ظهرت الاستنارة أو العقلانية في القرن التاسع عشر، حيث كانت الرومانتيكية والعودة للطبيعة.
ثم عصر التقدم، ثم التصنيع الذي أدى إلى الاغتراب ثم التشيؤ واللامعيارية وهكذا كلما ظهرت ظاهرة جديدة يتم ذكرها و هذه إذا أحد المسائل الكبرى التي تسمى بالتعريف.
لكنها لم تجتمع كلها في ظاهرة واحدة و قد كانت تعني الدفاع عن الإنسان هكذا عرفها أتاتورك نقلا عن الغرب أي( التمركز نحو الإنسان) و المعيار النهائي كان الطبيعة، و هذا لم يؤخذ في الحسبان ثم ظهرت الاشتراكية. وهنا خيل لنا أنه لدينا نموذج اشتراكي ونموذج رأسمالي؟! العلمانية أتت من المسيحية! المسيحية المتخيلة عند الغرب الأوروبي، وليست المسيحية الحقيقية التي ذكرها الكتاب المقدس قبل تحريفها!
رغم أن الإنسان بحسب المسيري لا يعيش من خلال نموذج واحد مهما بلغ من خساسة.
العرب لديهم نموذج تراحمي جاء به القرآن الكريم كدستور حياة، لكن من المؤسف أن معظمهم لا يعمل به!
لقد كان ثمن التقدم في الحضارة الغربية الانحلال و الإباحية، والعلوم الاجتماعية الغربية تم علمنتها و العلوم الاجتماعية الغربية تخلت عن مفهوم الطبيعة البشرية، هذه العناصر مجتمعة جعلت الفكر الغربي الفلسفي غير متماسك و غير قادر على تسمية هذه الظاهرة !
العلمانيون المسلمون يصلون و يصومون، رغم أن أفكارهم شرسة هؤلاء لا يفقهون ما يفعلون، ولا كيف يفكرون هذه بلاهة!
إذا تعريف العلمانية كفصل الدين عن الدولة هو مصطلح غير موفق.
- في الخطاب الفلسفي الغربي: التطبيع هو تحويل العالم إلى مادة ، والتسلع كذلك ننظر إلى العالم كله كسلعة لا قيمة تبادلية.
- و كذلك التشيؤ أي النظر إلى الإنسان كأنه سلعة أو شئ! أي نزع الإنسان ووضعه في عالم الأشياء، ونزع الأشياء عن عالم الإنسان ووضعها في عالم الإنسان.
إذا هناك قانون واحد يسري على الجميع الأشياء والإنسان، وهذا يدعى وحدة العلوم .
- الأمركة و العلمانية:
- المجتمعات الاستيطانية ليس لها تاريخ، أمريكا بدأت كمجتمع بلا تاريخ و بلا مؤسسات دينية، لقد أسس أمريكا مجموعة من البروتستانت، وهذا يعني أنها بدات بتجمع أفراد لا تحكمها مؤسسات. ورموز أمريكا هي الغنى، هؤلاء هم رموز النجاح العلماني من هو القوي !و من يملك المال! هو من تعطى له القيمة، ليس من يملك الأخلاق!
- إذا المجتمعات الاستيطانية لا تستند إلى الأخلاق.
- و الفلسفة الأمريكية قائمة على فلسفة براغماتية قائمة على الممارسة لا الفكرة أي أن العالم عبارة عن سوق والإنسان فيه منتج أو مستهلك لقد انتجت هذه الحضارة مجموعة من المنتجات الحضارية، كان لها طابع بسيط على سبيل المثال الكوكا كولا، سريعة الاستهلاك والإدمان . و موجودة في كل مكان، وهذه المنتجات تساعد الإنسان على السرعة لا على التأمل وعلى الانطلاق لا على التريث.
- وتكون نابعة من أسلوب حياة معين وعملية الأمركة هي عملية علمنة، وهذا هجوم حضاري علينا. بل هجوم فلسفي ديني علينا ونحن عندما نتبنى مدينة علمانية ولو وضعنا داخلها ألف مسجد، من العسير على أخلاق التراحم بالاستمرار.
- الترانسفير و العلمانية: نقل العرب من أراضيهم إلى خارجها، سميت بجريمة الترانسفير أنه يعبر عن مستوى بنيوي و جوهري في الحضارة الحديثة يتجاوز المستوى السياسي ويرى العالم كمادة استعمالية يمكن تحريكها. وهذا يعني أن الإنسان برأيهم مصدر للربح لا توجد له قيمة، بل هو كيان حركي مادي، والترانسفير ليس فعل سياسي أو مادة إيديولوجية بل مادة تؤشر نحو نموذج حركي مادي، وهذا يؤثر في صميم تعريف الإنسان و تعيد للإنسان تعريفه تعريفا ماديا يؤدي به إلى الهاوية تماما.
- إذا هذه هي حضارة الترانسفير التي تقدس العلمانية كفلسفة قائمة على فصل الحريات عن الدين، والإنسان برأيهم فرد له حرية التصرف بما يريده كإنسان غريزي يأكل و يشرب و يمارس الجنس و يعطل في نهاية الأسبوع ليمارس هذه الملذات و الغرائز دون رقيب أو عتيد، ككائن مادي حركي مصدر للربح دون النظر إلى أخلاقه، أي :" ليفعل ما يريد و يعطينا ما نريد ".. إذا العلمانية لا تعني فصل الدين عن الدولة! و للحديث بقية .
- يتبع …….
وسوم: العدد 1119