لعبة الأدوار وتبديل الأولويات..
لعبة الأدوار وتبديل الأولويات..
سميرة المسالمة
تعلن إيران صراحة حالة وجودها الامبراطوري الممتد فعلياً منها كدولة إلى دول عربية أربعة، منها سورية طبعاً وهي الورقة الأهم في لعبة المفاوضات على سلاحها النووي.
ويأتي تصريح وزير الخارجية الأميركي بضرورة التفاوض مع "الأسد" أو حسب التعديل الدبلوماسي الأميركي له مع "نظام الأسد" لإنهاء المأساة السورية ضمن المكتسبات الجديدة للامبراطورية الإيرانية المعلن عنها.
دمشق أيضاً لم تتأخر نيابة عن إيران بالرد على أميركا بإعلان الأسد أن مايسمعه هو مجرد تصريحات وهو ينتظر الأفعال.
لقد حول الأمريكان مجموعة الأدوار الإقليمية والعربية لتصب جميعها في بوتقة الحكم الإيراني للمنطقة، متنازلين بذلك عن شراكاتهم مع دول عربية لعلها الآن تستعد لمواجهة تغوّل النفوذ الفارسي عبر شتمه بمجالسها الخاصة وأحياناً ومن قبيل الصراخ غير المجدي باجتماعات عامة وحدهم الحضور من ترتد إليهم صداها.
ربما يعتقد بعضهم أن دمشق وطبعا بيروت هي الثمن الذي يمكنهم التضحية به عبر خلط الأوراق وسحب الهويات الوطنية بتطعيمها بهوية جديدة اسمها التعايش الواقعي مع منتصر في حرب استنزفت السوريين "والداعمين"، لكن واقع التصريحات الإيرانية المساندة من قبل الأفعال مسحوبة الدسم الأميركية ينذر بأن الحرب طويلة ودمشق ليست آخر معاقل الفرس الامبراطورية.
والتسويات القادمة ليست إلا توزيعا لجوائز ترضية تجر أميركا إليها كل الأطراف صاغرة تحت مسميين اثنين نظام ومعارضة وعلمين يمثلان دولة واحدة هي دولة السوريين التي أرادوا استرجاعها من نظام أمني مارس عليهم ألوان العذاب والقهر وحول يومياتهم إلى عداد موت قاربت عقاربه على بلوغ النصف مليون سوري وتحولت مدنهم إلى ساحات مدمرة يحلم بعض أصدقاء الطرفين بالاستيلاء على عقود إعادة إعمارها وتدجينها حسب المصلحة "الأميركايرانية" الذراع الجديد لتثبيت الخرائط الجديدة والحدود المرسومة على أجساد مسلمي المنطقة.
ما من شك أن "داعش" البعبع المخترع لتغيير وجهة العداء من "إسرائيل" إلى قوة إرهابية ربما لم يختلف صانعها عن سابقتها أصبح عبئاً على الثورة السورية، وكذلك على كل ما يمكن أن يحدث من متغيرات تعقبها، لكنه حتى الآن ليس العبء الوحيد ومحاربته وحده دون استعادة ملف الحريات والهويات الوطنية في المنطقة كاملة من دمشق إلى بيروت وصنعاء وبغداد وسائر المناطق التي يتسلل إليها الحلم الفارسي الامبراطوري سيجعل قاعدة التطرف تزداد وتنمو بسرعة قد لاتستطيع الحرب الحد منها أو اقتلاعها كما هو المطلوب.
النظام والمعارضة تبعية مطلقة لا مبرر اليوم لإخفاض الصوت فقد تساويا بالتماهي خلف الأجندات ليعود السؤال عن الدور الذي يمكن أن تلعبه القوى الوطنية السورية في ظل هذا التداخل والتمازج والتماهي بأجندات غير سورية، ولعلها لا تتقاطع في كثير من منطلقاتها في العمل السياسي مع إرادة التغيير التي انطلقت منها الثورة قبل سنوات أربع، وهي لا شك مستمرة رغم كل الحصار المحاطة به من أصدقائها قبل أعدائها.