مرحلة المراهقة لا وجود لها
د. إيمان مصطفى البُغَا
تطلق كلمة المراهق في الفقه الإسلامي على من لم يبلغ بعد .. فالمميز قبل البلوغ يفهم ويميز ولكنه لم يصبح أهلاً للتكليف , و المشكلة تكمن في التحديد : عندما يرتكب محظوراً شرعياً .. فهذا المراهق لا يعاقب كالبالغ , وبنفس الوقت هو يفهم أن هذا الفعل حرام ... فماذا نفعل معه ؟؟؟ ليس هذا مشكلتنا الآن فهي تُدرس في كتب الفقه ...
إلا أنه لا يوجد شيء اسمه مرحلة المراهقة بعد البلوغ , فإذا بلغ الصبي عاقلاً صار رجلاً ... وإذا بلغت الصبية عاقلة صارت امرأة .. وتسمية من بلغ بالمراهق دخلت إلى العقول بفعل سيطرة الإعلام المسِّوق للفكر الغربي ...
إذ ظهرت هذه الفكرة عندهم بسبب مصائبهم التي أولها البعد عن شرع الله .. وكيف ذلك ؟؟ لماذا وُجد في الغرب ما يُسمى بالمراهقة ومشكلاتها ؟؟؟ هذا يعود إلى أن الصبي والصبية عندما يكبران ويحلمان مثل جميع من يبلغ في الدنيا بأن يقلدا الكبار ... ألسنا جميعاً كنا نحلم بذلك عندما كنا صغاراً ونتساءل : متى نكبر لنفعل ما يفعله الكبار .. هم مثلنا .. ولكن .. ما أن يكبروا ويريدوا تقليد الكبار حتى يقول لهم الكبار : لا لا تقلدونا ولا تفعلوا مثلنا...
فيتساءلون : لماذا ؟؟ ... فيُجاب الفتى الرهيف المسكين والفتاة الرقيقة المسكينة : بكلمة : أنتم ما تزالون صغاراً !!! يعني : الآن لما كبروا يقولون لهم : ما تزالون صغاراً !!!! فيعاندون .. ويعاندون .. وهات يا صد ... وهات يا رد .. مع الكبار .. فيوصف المراهق بالعناد لأنه لا يريد أن يستجيب للكبار ...
والسؤال المهم ما هو سبب هذه المشكلة التي وقع فيها الغربيون ؟؟؟ الجواب : أن المراهق شعر بأنه صار كبيراً ويريد أن يفعل ما يفعله الكبار ... ولكن ماذا يفعل الكبار ؟؟ آه الكبار يدخنون ... ويلعبون القمار .. ويسهرون الليالي الحمراء المنكرة مع الفواحش وما لايليق ذكره ... فكيف للبالغ أن يفعل ذلك , وهذه الأمور تضره ولا يستطيع تحمل تبعاتها المالية والاجتماعية والصحية كما يتحمل تبعاتها الكبار , لذلك يمنعونه منها ..... ويقولون له : أنت صغير .. بدل أن يصيبوا كبد الحقيقة بقولهم : أنت لا تستطيع تحمل تبعة الموبقات ومشكلاتها !!!بعدما كانوا يتعاملون معه على أنه كبير وهو دون سن التمييز
أما في المجتمع المسلم : فلماذا تكون عندنا هذه المشكلة ؟؟؟؟؟؟؟؟ الصغير منا عندما يُقلد الكبار , يعني أنه يبحث عن الأفضل .. بل ويُمدح ... لأن الكبار في المجتمع المسلم صالحون صادقون .. لايزنون ولا يدخنون ولا ولا ولا ولا .. فقلدهم يا من صرت كبيراً مثلهم .. ما شاء الله عليك ...
وغير أنه التقليد ... لا والله وإنما تنفيذ أوامر الأعداء (إن في الداخل أو في الخارج) في الانصراف إلى اللهو والعبث .. وترك العلم الحقيقي والمهارات الحقيقية وقع هؤلاء الكبااار حديثاً في مشكلتين أدتا إلى الحرمان والمعاناة .. الحرمان من ماذا ؟؟؟ والمعاناة من ماذا ؟؟ يعاني الكبير حديثاً ( البالغ ) من الكثير [العصبية , الشعور بالحزن والإحباط , تقلب المزاج , حدة الطباع , الحاجة إلى الحب , الصراع الداخلي , الاغتراب والتمرد , الخجل والانطواء , السلوك المزعج , الشعور بالرغبة بالعزلة أحياناً .....إلخ ] أوه .. باسم الله ... هل معنى هذا أن البشر جميعهم يمرون بمرحلة تعذيب نفسي شديد يحتاجون فيه إلى علاجات ومصحات ... يعني بالمختصر المفيد : وباء عام ... يااااااااه .. رحمة الله أكبر بالبشر من أن يعيشوا مرحلة كهذه ... هذه الحالات تنطبق على حالة كل إنسان لا يجد ما يفعله , أو يجهل ما يجب أن يفعله , أو الاثنتين معاً : يعني طااايح فيها ... سواء أكان صغيراً أم كبيراً ؟؟؟؟ ومع الأسف الشديد هذه حال من يبلغ حديثاً في هذا الوقت: لا يعرف ماذا يفعل , وليس هناك ما يفعله ... ولماذا ؟ لأنه قبل ذلك لم يتجهز لهذه المرحلة ... كان يعيش : لعب وتوم جيري وغناء ومسلسلات وفي أحسن الأحوال مسلسلات جادة !!!!!... والذي يزيد الوضع سوءاً أن هذا الذي لا يعرف ماذا يفعل ولا يوجد ما يفعله هو مخلوق قوي البنيان (بلغ حديثاً ؛)) ليس لديه مسؤوليات ... يعني : شباب وفراغ وقوة . ... ومتى يعرف ماذا يجب عليه أن يفعل ؟؟؟ عندما يبدأ بمرحلة المسؤوليات وياخسارة ..
أما الذين جُهزوا أو تَجهزوا فإنهم لا يعانون ويفعلون الكثير ... لذلك قامت انتصارات الإسلام على أكتاف الشباب وكان من أكبر القادة في التاريخ من كانوا دون سن العشرين .. هيك رجال يا بلا .. وهيك نساء يا بلا ...
وتذكر الدراسات الاستراتيجية العميقة والدقيقة حالياً أن أهم ما يحتاجه هذا المخلوق :) هو :[الثقة بالنفس , العطف , الحنان , المراقبة , مساعدة الوالدين في اختيار الصديق , من يفهمه -موظف خصوصي لسماع آهاته ^_^- الاهتمام , العناية بمشاعره , الأمان المادي والاجتماعي ...إلخ ] ولكن فقهنا الإسلامي قال شيئاً آخر , وللحديث بقية !!