أوباما يدعو لحوار سوري-سوري دون الأسد..

ونصر الله يلوح بالبراءة

مؤشرات على عزل الصراع السوري عن الساحة الدولية

مسار للتقارير والدراسات - 25 أيلول 2013

في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إخراج بشار الأسد من معادلة الصراع في سوريا، مشيرا إلى أن "رئيسا قتل مواطنيه وخنق الأطفال بالغاز لا يمكنه أن يستعيد شرعيته ليحكم دولة ممزقة". وأضاف أنه "حان الوقت لأن تدرك روسيا وإيران أن الإصرار على دور الأسد سيقود مباشرة إلى النتيجة التي يخشونها، وهي استمرار التطرف وانتشاره"، داعيا في الوقت نفسه إلى تسوية سياسية "ضمن سوريا".

السلاح الكيميائي أولوية متفق عليها

على الرغم من حديث الرئيس الأمريكي عن الصراعات الطائفية ومقابلة التظاهرات السلمية بالقمع والقتل واتجاه الأمور في منحى الحرب الأهلية، فقد استهل ما وصفه بـ"موقف الولايات المتحدة من هذه القضايا" بتحديد أولوية الحل في سوريا بالتخلص من الأسلحة الكيميائية، مشيرا إلى أن إعلانه نيته توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد كان لإدراكه "بأن الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية والعالم يكمن في تعزيز لعرف هو أقدم من الأمم المتحدة نفسها".

وساق أوباما في خطابه الدليل الأقوى على استخدام الأسد السلاح الكيميائي، وهو إطلاق الصواريخ المتطورة المحملة بغاز السارين من منطقة يسيطر عليها نظام الأسد وسقوطها في منطقة تسيطر عليها المعارضة. وأردف قائلا: "ادعاء أن أحدا غير الأسد قد استخدم السلاح الكيميائي فيه إهانة للمنطق البشري ولشرعية الأمم المتحدة”.

نصر الله يلوح بالبراءة

التقط الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إلى جانب القيادة الإيرانية مؤشرات المسار الأمريكي الذي أعلن عنه الرئيس أوباما لاحقا في خطابه. وقد ترجم ذلك في كلمة له نقل فيها - بغض النظر عن التعبيرات المكررة عن موقفه السياسي من المعارضة السورية - رسالة واضحة بعدم امتلاك حزبه للسلاح الكيميائي، والذي سيتصدر الملف السوري في المرحلة المقبلة.

فقد نفى نصر الله أن يكون حزبه قد تسلم سلاحا كيميائيا من نظام الأسد، محملا المعارضة السورية مسؤولية ترويج هذه الإشاعات. وذهب نصر الله أبعد من ذلك، حيث عاد إلى اللغة التي كان يستخدمها قبل إعلانه الدخول في سوريا صراحة وهي لغة المبادئ، فاعتبر امتلاك السلاح الكيميائي بالنسبة لحزب إسلامي مقاوم كحزب الله له "محاذير دينية" ولا يمكن للحزب استخدامه حتى في الحرب النفسية.

الحل من وجهة نظر الإدارة الأمريكية

أكد أوباما التزام الولايات المتحدة بمسار الحل السياسي في سوريا، داعيا إلى أن تنشط جهود دبلوماسية أكبر للتوصل إلى تسوية سياسية ضمن سوريا. وحث الجهات الدولية التي تدعم المعارضة لإقناعها بأن "الشعب السوري لا يمكن أن يتحمل انهيار مؤسسات الدولة، وأنه لا يمكن التوصل لتسوية سياسية دون معالجة المخاوف الشرعية للعلويين والأقليات الأخرى". وفي ذلك دلالة على دعوة للمعارضة السورية إلى طاولة الحوار مع رموز من نظام الأسد أو ما يسمى بالمعارضة الداخلية على خلفية طرح إخراج الأسد من الصراع.

وعلى الرغم من تصريح الرئيس الأمريكي بأن "الأزمة في سوريا وعدم الاستقرار في المنطقة هي في قلب التحديات التي سيكون على المجتمع الدولي أن يواجهها"، إلا أنه ترك احتمال فشل تبني قرار في مجلس الأمن  للتأكد من وفاء نظام الأسد بالتزاماته واردا، بقوله: "حتى إذا لم نتفق على ذلك فإن هذا يظهر أن الأمم المتحدة عاجزة عن تعزيز أدنى قواعد القانون الدولي".

عزل الملف السوري

في ظل رفع الغطاء السياسي عن رئاسة الأسد والدعوة إلى طاولة حوار سورية، يغدو استمرار الدعم الروسي والإيراني لنظام الأسد بالمال والسلاح مرهونا بما ستتمخض عنه المحادثات على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويتوقع محللون دخول القيادة الإيرانية في صفقة جديدة تخفف عنها الضغوط الاقتصادية والسياسية الدولية مقابل تنازلات من الجانب الإيراني قد تتمثل في إغلاق منشآت إيرانية مرتبطة بالملف النووي.

كما يرى مراقبون أن الحكومة الروسية ستدخل في توافق مع الإدارة الأمريكية وفق أجندة جديدة في المنطقة لن تكون روسيا الرابح الأكبر فيها، على أن يستمر العمل في الملف السوري وفق أجندة يتصدرها أو قد ينفرد بها ملف الأسلحة الكيميائية.

من جهة أخرى، تشير أجواء اجتماعات نيويورك إلى عزل ليس فقط للأسد وإنما للملف السوري ككل، وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى عدم تطرق الرئيس الأمريكي إلى مؤتمر "جنيف2" وإشارته إلى التسوية السياسية "ضمن سوريا"، مما قد يدفع للاعتقاد بأن الصراع سيترك بين المعارضة ونظام الأسد دون دعم خارجي لأي من الطرفين.