الثامن من آذار لم يعد ينفع الصمت
الثامن من آذار
لم يعد ينفع الصمت
زهير سالم*
يبدو أن الثامن من آذار (العالمي) أشد خطورة على الحياة العامة والإنسانية من الثامن من آذار (السوري). وإن كان يربط بينهما خيط غير دقيق من الظلمة. ففي حين يسدر العالم في حالة من الخدر أو اللامبالاة.
يعمل جزارون حقيقيون على سلخ الإنسان عن إنسانيته ومدنيته. وهؤلاء الجزارون مزودون: بالرؤية ـ والتصميم ـ والقدرة على إنفاذ مخططاتهم في حياة الإنسانية للصيرورة بها إلى حالة من الإباحية المطلقة التي تقدس المتعة، وتسعى إلى اقتناص الشهوة، وتهدم كل بني المدنية الإنسانية.
لا يجاحدنا أحد أن الإحصاءات تشير إلى أن التعداد السكاني في دول الغرب الأوروبي بشكل خاص يتآكل، وأن شعوب هذا العالم تسير نحو الانقراض. المخططون لصيرورة وضع الإنسانية العالمي يريدون أن ينقلوا الحالة الأوروبية ـ التعداد المتآكل ـ إلى كل دول العالم. وهم يريدون بالتالي تسريع وتيرة هذا التآكل. إنهم ينظرون إلى التكاثر السكاني من وجهة نظر اقتصادية رأسمالية. ويعتبرون كل مولود جديد شريك إضافي في هذا العالم شريك في الشمس والهواء والطاقة والخبز. وهم يريدون تقليل عدد الشركاء، ومدخلهم إلى ذلك تحطيم الأسرة، وتوفير المتعة المجردة من المسؤولية، عن طريق اللقاءات العابرة. تلك هي جوهر استراتيجيتهم. وهم مع أغراضهم الشريرة مدججون بالمال والمعرفة والتصميم.
هذه الحقيقة المرة بوجهها الكالح تختبئ وراء كل العناوين المزخرفة التي تطرحها المنظمات النسائية التابعة للأمم المتحدة، أو تلك التي تتلقى الدعم والتأييد منها. هذا هو شطر المعركة والجزء الأخطر منها.
وعلى الطرف الآخر واقع كارثي تعيشه المرأة في العالم أجمع. واقع يحتاج إلى نصرة حقيقية من حملة مشروع الخلاص. واقع كارثي تعيشه المرأة الأمريكية والمرأة الأوروبية والمرأة اليابانية والصينية والمرأة المسلمة أيضاً. وفي كل موقع تتبدى كارثية الواقع في صور وأبعاد.
فمتى يتنبه أولو الرأي في العالم الإسلامي إلى حقيقة هذه المعركة وأبعادها، بل متى تتنبه المرأة المسلمة، وقد من الله علينا بنساء عالمات مثقفات مقتدرات، إلى ضرورة أن يبادرن إلى تولي أمر هذه المعركة على محاورها كافة، تصحيحاً وتسديداً ودفاعاً وهجوماً.
ما كتبه الشيخ عبد الحليم أبو شقة عن (تحرير المرأة في عصر الرسالة) وما يقرره الكثير من علماء الإسلام المجددين يعتبر نقطة ارتكاز أساس لمباشرة عملية تصحيح وضع المرأة المسلمة وهو بكل تأكيد بحاجة إلى الكثير من التصحيح ولا سيما في ميدان الفرز بين (العادة) و(الشريعة).
فإذا كان من حق نواب الكويت مثلاً أن يعبروا عن مجتمعهم على طريقتهم في قضية حقوق (المرأة السياسية)، فليس من حقهم فيما نظن ونقدر، أن يربطوا موقفهم بالإسلام أو بالحركة الإسلامية، لأننا نعترف بمجتمع كويتي وآخر سوري أو عراقي، ولكننا لا نعترف أبداً بإسلام كويتي وآخر سوري..
المطلوب من المرأة المسلمة، أن تسارع إلى أخذ زمام المبادرة للانخراط في المعركة العالمية الدائرة حول المرأة. عليها أن تدافع عن: مونيكا لوينسكي في الولايات المتحدة، وعن مازارين بينجو في باريس، وعن كل ضحايا الرأسمالية من النساء في الغرب، عليها أن تدافع عن المرأة التي ضربت عليها الأمية باسم الدين، وشلت حركتها الاجتماعية والدعوية والخاصة باسم الإسلام.
المرأة أمومة وعلى المرأة المسلمة أن تدافع عن الأمومة والأسرة عن الإنسان.
الثامن من آذار العالمي يدق ناقوس الخطر ولم يعد الصمت مقبولاً.
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية