ثورتنا المباركة على مشارف عامها الخامس
إبراهيم درويش
syriakurds.com
بعد أيام تكون ثورة شعبنا قد أتمّت عامها الرابع ودخلت عاماً جديداً، وهي أكثر ثقة بالنصر المؤزّر، وأكثر إيماناً بأن الله لن يخذل المجاهدين المؤمنين الصادقين، الذين استرخصوا أرواحهم ومهجهم في سبيل تخليص سورية والسوريين والدول المجاورة لسورية من ظلم عصابة نهبت خيرات البلد ما يزيد على نصف قرن، وأذاقت الشعب السوري الذل والهوان ومزقت الوحدة الوطنية، وحوّلت هذا البلد العريق في إسلامه وحضارته إلى مرتع لقطعان الفرس والطائفيين شذاذ الآفاق.
الثورة السورية تكمل العام الرابع من عمرها وأكثر من 70% من مساحة سورية خارج سيطرة نظام بشار المترنّح، ونحو 90% من الشعب السوري خارج سيطرة العصابة الحاكمة، والاقتصاد السوري متداع، والليرة السورية فقدت أربعة أخماس قيمتها، والجيش السوري شبه منتهٍ، والقبضة الأمنية لأجهزة النظام القمعية بوحشية منقطعة النظير شبه مشلولة، وبراميل الموت تحصد كل يوم أرواح عشرات الأنفس البريئة وتهدّم عمارات ومساكن ومحلات تجارية وأسواقاً،، والمؤسسات الحكومية لا وجود لها، والوضع الصحي للناس في عموم سورية تردّى بشكل مخيف، وعادت أمراض للظهور كانت قد اختفت منذ عقود، والنظام التعليمي تدهور، وأصبح جيل سوري كامل مهدداً بالضياع والجهل، وفقدت سورية زهرة شبابها بين شهيد وقتيل وجريح وسجين ومفقود ومعاق، إذ تقدّر إحصائيات المعارضة خسارة نحو مليون قتيل، و300 ألف معاق عوقاً كلياً أو جزئياً، وقريب من هذا العدد من المفقودين، ومثله من المعتقلين، مع ما يقرب من خمسة ملايين لاجىء إلى الدول المجاورة، وسبعة ملايين نازح داخل سورية، مع تدمير ما يقرب من ثلاثة ملايين مسكن، بعضها يعدّ إرثاً إنسانياً عمره آلاف السنين، فضلاً عن تدمير مئات المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية والجسور والدوائر والمراكز البحثية، لتتحول سورية إلى مأساة إنسانية قلّ مثيلها طوال التاريخ الإنساني المديد، ولا ننس الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية مثل شبكات الماء والكهرباء والاتصالات والطرق، والزراعة والصناعة والتجارة والسياحة، لتصبح سورية بحق الدولة الشهيدة، وما زال عشاق سفك الدم الحرام من الفرس المجوس وأذرعهم الأخطبوطية المتستّرة بالإسلام – والإسلام من جرائمهم بريء – تحشد المزيد والمزيد من القتلة إلى المحرقة السورية، من إيران ولبنان والعراق وأفغانستان وآسيا الوسطى واليمن ودول الخليج!!
إن الشعب السوري لم يعد لديه ما يخسره في هذه الملحمة التاريخية التي يخوضها- وظهره مكشوف – والعالم المتمدّن ((الذي يفترض فيه أنه المدافع عن الحق والحرية والسلام العالمي والعدل)) يقف موقف المتفرج الالأخرس الأبكم الأعمى المشلول، بل يوجِد الغطاء الدولي المطلوب عبر مؤسسات مجلس الأمن وفيتواته ومبعوثيه للقاتل ليستمر في قتله.
إن الشعب السوري، وقد صمد الصمود البطولي الأسطوري طوال أربع سنوات، ولم يبخل بأي شيء من دمه أو ماله في سبيل الدفاع عن عرضه ووطنه ودينه وحاضره ومستقبله، وذاق طعم الحرية والكرامة، بعد نصف قرن من القمع وكمّ الأفواه والتسبيح والتطبيل والتزمير لانقلابيين طائفيين سود الوجوه عريضي القفا فاقدي الحس الوطني ونظافة اليد واللسان والقلب، إن الشعب السوري قد أصبح مقتنعاً تمام الاقتناع أن لا تراجع عن الثورة، ولا تفريط بالمكتسبات التي حققها، وأن الفجر الصادق قد أوشك أن يطلع، وأن الخير قد أصبح على الأبواب، وأن ساعة الإعلان عن النصر الحاسم وتحرير البلد من أرجاس هؤلاء الأغراب قد أزفت، "ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً". سورة الإسراء/الآية51.صدق الله العظيم.