الأقصى.. والهيكلُ
حامد بن أحمد الرفاعي
اليهودُ يُصرٌّون على أنَّ المسلمينَ بنوا المسجدَ الأقصى على أنقاضِ هيكلِ سُليمان فما هو تعليقُكم ..؟أؤكدُ بدايةً أنَّ المسلمينَ يَحترمون كُلَّ معابدِ الأديِّانِ الأُخرى..ويَرفضون الإساءَة إليها أو الاعـــــــتداءَ عليها وهـــــــــدمَها لقوله تعالى:"وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً"وأنَّهم يُؤمــــــــــنون بكُلِّ أنبياءِ اللهِ ورسلِه وكتبهِ لقوله تعالى:"قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"والمُسلمون على أســـاسٍ من ذلكَ ليس لَديِّهم أيُّ مُشـــــــكلةٍ دينيِّةٍ معَ أتباعِ الأديِّانِ..المسجدُ الأقصى بناهُ أدم ـ عليه السلامُ ـ وأعادَ بناءَه إبراهيمُ ـ عليه السلامُ ـ وهذا ببساطةٍ يَعني:أنَّ المسجدَ الأقصى أقدمُ مسجدٍ في الأرض بعدَ المسجدِ الحرامِ في مكةَ المكرمة..وهو معروفٌ منْ قبلِ أنْ يُبعثَ موسى ـ عليه السلامُ ـ ومنْ قبلِ داودَ وسليمانَ ـ عليهما السلامُ ـ أي أنَّ المسجدَ الأقصى موجودٌ ومعروفٌ منْ قبلِ بعثةِ نبيِّ الإسلامِ سيدنِا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وقد جاء عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال:"قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول..؟قال:المسجد الحرام،قال:قلت ثم أي..؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما..؟ قال:أربعون سنة.والأرجح أن أول من بناه هو آدم عليه السلام اختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام بأمر من الله تعالى، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد.وذكر بعض الفقهاء أن الملائكة هم أول من بنوا المسجد الأقصى"والقرآنُ الكريمُ يُؤكدُ ويُوثِّقُ قدم المسجد الأقصى بقولِ اللهِ تعالى:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى"والإسراءُ كان في بدايةِ بعثتِه نبينِا ورسولِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم أيّ يَومَ لم يكنْ الإسلامُ قد انتشرَ بعد..ولمْ يَصلْ المسلمون بعدُ إلى القدسِ..ممَّا يُؤكِّدُ أنَّ وجودَ المسجدِ الأقصى أقدمُ منْ وجودِ المسلمين..فكيفَ يَصِحُ معَ هذه الحقيقةِ المُسجَّلةِ بالقرآنِ الكريمِ أنْ يُقال:"أنَّ المسلمينَ همُ الذين بنوا المسجدَّ الأقصى ..؟وبعد هل يصح أن تجد مثل هذه الفرية سبيلاً لعقول العقلاء وضمائر الأصفياء ونباهة الحُصفاء..؟أما اليهود فتاريخهم مسربل بالكذب والافتراءات..لقد كذبّوا رسلهم وقتلوهم ونكثوا مواثيقهم مع الله لقوله تعالى:"قَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ"فلا غرابة أن يفتروا ويكذبوا..فهذا ديدنهم وهذه سيرتهم وهذا خلقهم..أليسوا الملعونين على لسان أنبيائهم ورسلهم لقوله تعالى:"لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ،كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ".