لأجلها... زوجي يتغزّل بأمي
لأجلها... زوجي يتغزّل بأمي
د. ماهر أحمد السوسي
الأستاذ المشارك بكلية الشريعة والقانون
بالجامعة الإسلامية - عزة
"أمك أجمل منك بكثير" قالها لي وأنا أتزين أمام المرآة، ثم رفعت خصلة من شعري كانت قد انسدلت على عيني، ونظرت إلى صورته في المرآة، وقلت هذا يعني أنني جميلة، إذ أن أمي هي بالفعل جميلة، وأنا أبنتها.
فردّ عليّ قائلاً: لكن لا شيء فيك من الجمال، وإنما أمك أجمل منك بكثير. ثم يجلس على السرير قائلاَ: أنا أحسد أباك على أنه تزوج بها، لو كانت أعرفها قبل أن أعرفك لتزوجت بها.
سقط المشط من يدها وأرهفت سمعها، لتتأكد من أنها تسمع، وأنها سمعت ما سمعت من كلام زوجها، أو أنها في حال اليقظة، ثم خاطبته قائلاً، لعلك تمزح؟
فقال: لا، ليس مزاحاً، بل هو الحق، أنا أتمنى أن تكون أمك لي.
ردت على عاجل قائلة: مالك؟ ماذا تقول؟ كيف يكون ذلك؟
فيجيب: الأمر كما سمعت، أنا أهواها، أنا …. دارت الحجرة بها، وما عادت تسمع ما يقول من شدة الذهول، أصابتها رجفة شديدة، وشعرت بقطرات العرق تسيل من جبينها حتى نزلت إلى عينها فزادتها حرقة إلى حرقتها، تلعثم الكلام في فمها، ما عادت تدري ما تقول، أدركت أن زوجها يعني ما يقول بالفعل، وأنه يهوى أمها وكأنه مراهق طائش، ثم ظنت أن ما دار في رأسها من أفكار أنه سيسعفها، فأسرعت تبادره بالقول: لكنك لم ترَ أمي، ولا اجتمعت معها قط، فكيف تتكلم هكذا عن امرأة لم ترها؟
من قال أنني لم أرها؟ أني أراها كل يوم، أراها عندما أنام، وعندما أستيقظ من نومي، أحلم بها في منامي ….
اشتد بها الإعياء، وشعرت وكان جسدها أصبح شعلة نار، وتسارعت أنفاسها الحارة، رغرغت عيناها، يا إلهي، ما الأمر، ما الذي جرى، زوجي يعشق أمي، لا أصدق، كيف؟
ثم يقطع حيرتها هذه بقوله: انظري أمامك على تسريحتك، أليس هذه صورة أمك؟ انظري إلى هذا الوجه الجميل الذي أراه صباح مساء، ثم يغادر الحجرة قائلاً: آه لو أنها كانت لي …
لفتت رأسها إلى اليسار قليلاً فوقع بصرها على صورة أمها، وكأنها تراها لأول مرة، دهشت لجمالها، وبشيء من الهستيريا قالت وهي تضع يديها على صدرها: ما أجملك يا أمي، ما أحلى هذا الوجه وما أنعم قسماته، كيف يأ أمي يهون عليك أن تسرقي زوجي مني؟ كيف ترضين له بذلك؟ أتضحين بي من أجل زوجي؟ قالت ذلك وهي تتجرع مرارة الغيرة، ثم وقعت يداها على صورة أمها كالصاعقة ورفعتها أعلا رأسها وهوت بها ….. على صدرها …. أجهشت بالبكاء وانسابت دموعها على خديها، وتحشرج صوتها: أحبك يا أمي، أحبك يا أمي، سامحيني، فجعت بما سمعت من زوجي، أعلم أنه لا ذنب لك، ضميني إلى صدرك، احضنيني، كيف أتصرف مع زوجي؟ ….
وبعد.
أيتها الحائرة، أخطأت كما تخطئ الكثيرات من النساء اللاتي يتعاملن مع أزواج بناتهن بغير حدود، إن زوجك رجل وليس حجراً، وصورة أمك لا بد أنها أثارت غرائزه، من أجل ذلك فعل ما فعل، وكذلك الحال بالنسبة للنساء اللاتي يظهرن أمام أزواج بناتهن بكامل زينتهن، بحجة أن زوج ابنتها محرم عليها، فرغم أن ذلك صحيح إلا أن الكثير من الرجال قد ضعف وازعهم الديني، ويبقون أسرى شهواتهم، وقد يفتن الواحد منهم بأم زوجته.
والنصيحة في مثل هذه الأحوال أن لا تتجاوز الحماة حدود المعقول في ظهورها أمام زوج ابنتها، وأن تحرص أن لا تكون قد تزينت أمامه، أو أن تظهر بمظهر مغرٍ بشكل من الأشكال.
وإن شعرت أي زوجة بمثل هذه المشكلة، فإن عليها ان تخبر أمها أولاً حتى تتحاشى أسباب إعجاب زوجها بها، وتكون سلوكها وتصرفاتها مع هذا الرجل دالة دائماً على أنه زوج ابنتها فقط، ولا يكون أبداً أن يكون شيئاً آخر، وأنها تحترمه وتقدره فقط لأنه زوج ابنتها، وأن الإضرار بابنتها يعني أنه شخص غير مرغوب فيه، ثم إن على الزوجة أيضاً أن توفر لزوجها تلك الأسباب التي دعته إلى التعلق بأمها، بحيث تستطيع إشباع هذه الغريزة التي انحرفت على اتجاهها الطبيعي؛ ذلك أن هذا الرجل قد يكون وجد في أمّ زوجته ما لم يجده عند زوجته، فيحاول تعويض هذا النقص في صورة دفعها إلى الغيرة من أمها.