اختطاف الإعلاميين في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار
اختطاف الإعلاميين في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار
ظاهرة تؤخر انتصار الثورة السورية
مسار برس (خاص) - تقرير غيث الأحمد
لم يعد خافيا على أحد أن العمل الإعلامي داخل الأراضي السورية يعتبر من أخطر الأعمال، وهذا بسبب ما يقدمه الإعلاميون من حقائق وخفايا غامضة، تشمل جميع الأطراف، ولم يعد هناك حصانة لمجموعة ما أو فصيل معين، حيث أصبح الإعلام يمارس دور الرقيب على جميع الكيانات والجماعات، وخاصة في المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد.
فقد تعرض كثير من الإعلاميين للخطف والاعتقال والاستهداف على يد نظام الأسد منذ بداية اندلاع الثورة في سورية، وذلك نظرا لأهمية ما ينقلونه من أحداث على أرض الواقع. ولكن لم يتوقع أحد أن يتكرر هذا الشيء بعد سيطرة كتائب الثوار على قسم كبير من الأراضي السورية وخضوعها تحت سيطرة المجالس المحلية التي تشكلت بعد انهيار مؤسسات الدولة. تكررت حوادث الاختطاف والاعتقال بحق الإعلاميين في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش الحر وكتائب الثوار، وذلك من قبل مجموعات مجهولة ومؤسسات حلت بديلا عن نظام الأسد.
وكان يصل بعضهم عدد من التهديدات قبل خطفهم، كما حدث للناشط مسلم السيد عيسى في ريف إدلب، كما كان آخرون يتعرضون للضرب ومن ثم للاعتقال؛ كحادثة الاعتداء بالضرب المبرح على الناشط منهل باريش؛ حين اقتحمت مجموعة من الملثمين المكتب الإعلامي في سراقب بريف إدلب، ومن ثم قاموا باختطاف الصحفي البولندي "مارتن سودر" الذي كان موجودا في المكتب وأقدموا على كسر الأثاث وسرقة بعض المحتويات.
وآخر الانتهاكات كانت بحق طاقم الفريق الإعلامي لقناة "أورينت" عندما تعرضوا للخطف من قبل مجموعة من المسلحين في قرية مسقان التابعة لتل رفعت في محافظة حلب، إضافة إلى سرقة معدات فريق العمل وسيارة البث الفضائي.
تشويه وتخريب للديمقراطية التي نشدها الشعب
يسعى الإعلامي عبدالله حكواتي لنقل الواقع من جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة كتائب الثوار في سورية، وتنقّل بين العديد من المحافظات كإدلب وحلب والرقة، ويعمل على توثيق الانتهاكات التي يصادفها من خلال الأفلام القصيرة، يقول الحكواتي إن نقل الوقائع يتطلب التعرض للكثير من الأخطار "من قبل أعداء الحقيقة".
وبرأي الحكواتي فإن "حرية الإعلام هي من مقومات الحرية التي نشدها الشعب منذ بداية الثورة"، مؤكدا أن أي اعتداء على الإعلامي الذي يحاول نقل الواقع هو "تشويه وتخريب للديمقراطية التي طالب بها الشعب، ولا تخدم سوى مصالح النظام".
وطالب الحكواتي بحماية حقوق الإعلاميين وإخراج المظاهر المسلحة من المناطق السكنية ومن بين المدنيين وجعلها على الجبهات فقط، وإنشاء محكمة مدنية تتولى الشؤون المدنية.
تأثير سلبي على نقل وقائع الثورة
ويقول الصحفي في جريدة "جسر" محمود درويش إن خطف الإعلاميين واعتقالهم ظاهرة تجعل الإعلامي متخوفا من مستقبل ما يحصل له إذا نقل الحدث بشفافية، مضيفا أن هذا له تأثير سلبي كبير على نقل الأحداث في سورية للقنوات الفضائية، وأن خطفهم والاعتداء عليهم يقلص عملهم في المناطق الخطرة ومناطق النزاعات، وبالتالي يقلل من نسبة الأخبار الواردة من تلك المناطق.
ويحث درويش الجيش الحر وكتائب الثوار على تأمين حماية جيدة للإعلاميين، على الرغم من أن تلك الحماية بالتأكيد لن تكون مضمونة العواقب.
غياب القانون في المناطق الخاضعة للثوار يشجع على الخطف
من جهتها تعتبر الإعلامية في مؤسسة "الشارع للإعلام" هيا خالد أن ظاهرة الخطف والاعتقال بحق الإعلاميين ازدادت منذ بداية الثورة وكانت في البداية من قبل طرف واحد وهو نظام الأسد، أما حاليا فأصبح الخطف من جهتين وهما نظام الأسد وبعض من ينسبون أنفسهم للمعارضة، وازداد بشكل أكبر من السابق على حد وصفها.
وتشير هيا أن الصحفي دائما هو الضحية الأولى لأي جريمة، وذلك كونه هو "من ينقل الجرائم للعالم وهو بذلك يكون المحرض على الفتنة كما يدعي المجرمون الذين يستهدفونه خوفا من الوقوف في وجه مصالحهم ومكاسبهم"، متهمة كل من يقوم بالخطف بأنه "عميل للنظام يعمل على تشويه صورة الثورة".
وترجع هيا هذا الفلتان إلى عدم وجود قوانين ضابطة للدولة والفلتان الأمني الكبير، مؤكدة أن أي مبادرة تطالب بحماية الإعلاميين لم تكلل بالنجاح حتى الآن.