التطهير العرقي في الثقافة ؟!
التطهير العرقي في الثقافة ؟!
أ.د. حلمي محمد القاعود
قال شخص يتعاطى كتابة الرواية الإباحية والشذوذ ، وتشويه صورة المسلمين وشيطنتهم ، إن ما يقوم به وزير الثقافة الجديد هو تطهير عرقي !!
وزير الثقافة يقوم بعملية تطهير للفساد الثقافي المستوطن في الوزارة منذ ستين عاما ، والذي نما وتضخم وتجذر في فترة الوزير الأسبق فاروق حسني ، وهو من فاخر بأنه أدخل المثقفين إلى الحظيرة ولم يكن صادقا تماما فيما قال ، لأنه أدخل الشيوعيين والناصريين والليبراليين والانتهازيين وحدهم إلى حظيرته ، وبقي الشرفاء خارجها يترفعون عن عطاياه الملوثة ، ويرفضون هداياه المسمومة ، فتخلفت مصر ثقافيا ، وفقدت ما يسمى قوتها الناعمة ، وأضحت طريدة الفكر السطحي المبتذل الذي يدعم رموزه طاغية البلاد ويقدسونه ويمجدونه ، لدرجة أن أحدهم لم يصدق نفسه حينما وضع الطاغية يده على كتفه فراح يتيه فخرا وفرحا بأن الطاغية قال له : ازيك يا ...!
الوزير الجديد حين أعلن أنه سيطهر الثقافة من الفساد وسيجعلها لكل الوان الطيف الثقافي المصري ، لم يعجب ذلك شبيحة الحظيرة ، فأعلنوا الحرب على الوزير واتهموه بتجريف الثقافة وأخونتها ، وقالوا إنه يضحي بقامات مصر الثقافية لصالح التخلف ، وإن الإخوان لا يمكن أن يقدموا مبدعا ، وقال مشخصاتي عجوز فشل أن يقدم دورا إنسانيا واحدا يذكره الناس : إن الوزير يقوم بمخطط إرهابي لتدمير الثقافة المصرية وطمس هويتها والقضاء عليها نهائياً، وكان ذلك واضحاً من بداية توليه الوزارة.. ووصف المشخصاتي العجوزقيادات وزارة الثقافة أنها أعلي من الوزير قيمة وتاريخاً وثقافة وهم أصحاب فكر ورؤية واضحة وما يفعله إنما هو عبث بمقدرات مصر الثقافية وقوتها الناعمة ! وشتم آخرون الوزير وسبوه بما شاء لهم معجمهم الهجائي الرخيص !
إن تجريف الثقافة بدأ عندما انفرد الفصيل الشيوعي المخاصم للإسلام بالوزارة ، وعدها ملكية خاصة ، وأقصى أصحاب المواهب الحقيقية والمثقفين الحقيقييين ، وحولها إلى سبوبة تملأ الجيوب والبطون بالمال الحرام الذي يتم صرفه وفقا للقانون . لقد جرف الفصيل الشيوعي وأتباعه الثقافة المصرية من الاسلام والقيم العليا والمثل الرفيعة ، وفتح المجال وسعا امام السطحية والابتذال والاباحية والتجديف في حق الذات الإلهية باسم حرية الإبداع وجق التفكير . لقد أخفق الفصيل الفاشي المستبد الذي جرف الثقافة الحقيقية من إنشاء مجلة محترمة أو نشر كتاب ذي قيمة أو تقديم أديب له وزنه ، لدرجة أن أمارات الخليج صارت مركز الحركة الأدبية في العقود الأخيرة .
يتحدثون عن القامات الثقافية التي فرط فيها الوزير الجديد ، وتناسوا أن هذه القامات صنيعة النظام المستبد الفاشي لم تكن إلا أبواقا رخيصة الثمن والقيمة ، ومعظمهم شبه أمي أو شبه متعلم دخل المجال الثقافي بوصفه شبيحا يدافع عن النظام الهمجي ويسوغ جرائمه ضد الشعب ..ألم يصنعوا له الأوبريتات في كل عام لتفخربصاحب الضربة الجوية وتجاهلوا الأبطال الحقيقيين لحرب رمضان ؟ ألم يقولوا له بأغانيهم الركيكة السمجة : "احنا اخترناك ؟" ، ألم يسموه النسر الأعظم ؟ هذه هي القامات التي تصدرت المشهد الثقافي طوال ستين عاما وإنجازاتها الثقافية ، ونتيجة لذلك انتقلوا من السطوح الى القصور يتقدمهم نفاقهم وتقلبهم في الولاء من عهد الى عهد.
يردد شبيحة الحظيرة مقولة أطلقها منافق كبير من عهد الطاغية المهزوم دائما جمال عبد الناصر بأن الاخوان لايمكن أن يقدموا مبدعا كبيرا أو صغير ا . هم في الحقيقة يريدون أن يقولوا إن الاسلام ضد الإبداع ولأنهم أتقنوا فن الكذب والتضليل فإن النهضة الأدبية الفنية الحديثة وما رافقها من نضال حقيقي كانت على أكتاف أدباء إسلاميين وموالين للإسلام وليس للشيوعية أو الناصرية أو الليبرالية : هل نذكرهم بالبارودي وشوقي وحافظ ومحرم وعلى محمود طه ومحمود حسن غسماعيل ، والمنفلوطي والرافعي والزيات والبشري وسيد قطب ومحمد عبد الحليم عبد الله وعبد الحميد جودة السحار وعلى أحمد باكثير ومحمود محمد شاكر ونجيب الكيلاني ...؟
إن تطهير وزارة الثقافة من اللصوص الذين يسرقونها بالقانون بعد تحويلها الى عزبة لا يقترب منها غيرهم ، ومن أحلاس المقاهي والحانات ؛ عمل شجاع يجب أن نؤيد الوزير الذي يقوم به ، ونشد على يديه ، فالتطهير ليس مخططا إرهابيا كما يزعم من فقدوا بريق النجومية الزائفة التى عبرت عن نفسها في أفلام الهلس واللقطات الإباحية في أوكار العهر بلبنان وأماكن أخرى .
المفارقة أن بوقا مأجورا جاهلا كان يبكي على مبارك ليلة تنحية يصف الثقافة المصرية تحت التطهير بأنها أصبحت مثل الجيتار المحطم ! استوقفني التشبيه وعلاقته بصاحبه ، فأنا أعرف أنه فلاح مثلي لا يعرف غير الناي والطبلة والدف ، ولكنه يريد أن يثبت أنه رجل متحضر ومثقف وليس فلاحا متخلفا حين استخدم لفظة الجيتار وشبه به الثقافة المصرية !
إن قيادات وزارة الثقافة التي تعفنت في مناصبها أوتكلست وذاقت حلاوة النهب بالقانون لاتمثل قيمة استثنائية . رحم الله الفتى الحسينى أبو ضيف الذي مرغه الناصريون في التراب كي يعين بخمسمائة جنيه في الشهر قبل أن يقتل أمام الاتحاد حين كشف في مدونته فضيحة واحد من هذه القيادات يحمل درجة الدكتوراه في اللغة العربية ويخطئ في الإملاء ويكتب "باصتحاب (بالتاء) فرقة ابوقير" بدلا من اصطحاب ، ويكتب "لأختار (بالتاء) الشاكي تليفونيا" بدلا من لإخطار. ويكتب كلمة "مكافئة" بدلا من مكافأة ولا يعرف أن الشرقية محافظة وليست مدينة ، وغير ذلك كثير !
هذه قامة من يحمل الدكتوراه ويتولى منصبا رفيعا في الوزارة ، أما من لا يحملون شهادات أو أشباه أميين أو أشباه متعلمين فحدث ولا حرج ، ولكنهم مع ذلك لا يتورعون عن الغطرسة والعنجيهة حين يتحدثون عن المثقفين الحقيقيين والعلماء العظام بأنهم نكرات ومجهولون ، وتناسوا أن الشهرة ليست مقياسا للجودة ، وعتاة المجرمين أشهر من كبار الصالحين والزاهدين .
يأتي بعد ذلك وقبله من يصف تطهير وزارة الثقافة من الفاسدين وأعداء الثقافة الحقيقية للأمة ، بأنه تطهير عرقي ، دون أن يدري مفهوم التطهير العرقي الذي يعني القضاء على عنصر بشري لا ينتمي إلى العنصر الذي يملك القوة .
واجب الإسلامييين أن يهتموا بالشأن الثقافي وألا يتركوه للأقلية الماركسية والناصرية والليبرالية التي لا تتوقف عن طمس الإسلام واستئصاله وتغييبه ومطاردته . يجب على الإسلاميين أن يتداركوا خطأ كبيرا وتقصيرا عظيما مكّن أعداء الإسلام من مخهم ودماغهم وعقولهم بالسيطرة على وزارات الثقافة والإعلام والتعليم.