كتاب مفتوح إلى إخواني في جماعة الإخوان المسلمين ...
كتاب مفتوح إلى إخواني في جماعة الإخوان المسلمين
طمنتم من غدا ومن شدا ألا تطمنون الثوار ...؟!
زهير سالم*
هذه رسالة أخوية ودية أتوجه بها بوصفي مواطنا سوريا إلى إخواني في جماعة الإخوان المسلمين ، أفرادهم وكوادرهم وقياداتهم . هي ليست رسالة ذهنية أو فكرية أغترفها من ذهن مكدود أو قلب مهموم ؛ بل هي حصيلة حوار مطول مع بعض من يحمل عبء الثورة ويتخوف على غدها ويترقب – كما خرج موسى من مدينته – مما يحاك لها ..
أعلم كواحد منكم - أيها الإخوان المسلمون - أنكم متألمون من هجمة قاطعة ظالمة شُنت وما تزال تشن عليكم ، من أفراد وشخصيات وقوى محسوبة على المعارضة ، أو ممن يتم تجنيده ممن أعلم وتعلمون ، ولكن هذا لا يعفيكم كما سمعت من الكثير من محبيكم ومنتقديكم وأحيانا من الذين يغلظون بالقول لكم ، أو يقسون عليكم ؛ من مسئولية تاريخية ذات أبعاد ميدانية وسياسية واقتصادية واجتماعية . يؤمل المؤمل فيكم لأنه عرف خيرا فأمل به ، وينتقد المنتقد لأنه رأى قصورا فلم يعرف سببه ، ويغلظ القول بعض من يغلظه مدفوعا برغبة في الاستفزاز لاقتضاء ما يظنكم قادرين عليه ومتقاعسين عنه . والكثير من أبناء سورية ، موافقين لكم أو مخالفين ، حين يضرب الإعصار ضربته ، ويدور بخيمة الوطن فيكاد يقتلعها من أطرافها ؛ يرفع هؤلاء أبصارهم يتلمسون دوركم ومكانتكم ، ويتساءلون أين انتم من كل ما يدور وما يثور وما يخف وما تتقاذفه أو تذروه الرياح ..؟!
أعلم أن التعاطي مع السياقات السياسية في دوائرها وأبعادها قد يشغل ، وقد يُنسي ، وقد يقتضي ممارسة وملاينة ومسايرة ولينا في القول من غير خضوع ، وذهابا مع المناور لكشف مناورته ، ومع المخاتل لكشف ختله ؛ و كل ذلك يقول المتلمسون لحقيقة موقفكم – أيها الإخوان المسلمون – له انعكاسات على الرأي العام ينبغي ألا تسيئوا تقديرها ، ، وأن تظلوا قريبين ممن وثق بكم ، أو عقد أملا عليكم ، أو وجد عندكم خيط رجاء وبارقة أمل . الذي يأمله هؤلاء منكم أن تخاطبوهم باللغة المشتركة بينكم ، وبالوضوح الذي عهدوه منكم في الأمر الذي عليه تجتمعون والطريق الذي له تختارون . يقول هؤلاء المتسائلون إنهم لم يعودوا يلمسون في مواقفكم تميزا في موقف ، ولا ريثا عند منعطف ، تدخلون من حيث يدخل الآخرون ، وتفيضون فيما فيه يفيضون ، تتكلمون بلهجتهم ، وتكررون مقولاتهم وتحلبون في إنائهم وتضربون على حديدهم !! والكثير من قواعد الثورة - متفقين معكم أو مختلفين عليكم - كانوا قد ظنوا أن لهم بكم قوة ، وعندهم في موقفكم عاصم . ويخشى هؤلاء المتخوفون أنكم تمدون أعينكم إلى أصحاب القوة والقدرة والسلطان ؛ فيسهل ذلك عليكم التأويل والتسويغ والتخريج فيكون ما يخشى كل هؤلاء أن يكون ..
السؤال الأمانة المطروح على قواعد جماعة الإخوان المسلمين وكوادرها وقياداتها على السواء: ماذا بعد الذي جرى في الائتلاف الوطني مما يثير المخاوف ويبعث على التوجس ، و أين هو خيار الإخوان المسلمين المستقبلي أهو مع الثورة مشروعها وأبطالها الأقوياء المستضعفين وكل ما يقتضيه ذلك أم مع مشروع الحل القريب تحت لافتة الممكن والمتاح والمعروض والمفروض...؟
يتساءل المتسائلون :
لقد أصدرتم – أيها الإخوان المسلمون - بيانات ومواثيق وأوراقا كثيرة تطمنون فيه من غدا ومن شدا أفلا يستحق حملة مشروع الثورة ورجالها وأبطالها بيانا يقول إن كل ما يرونه ويسمعونه لا يعني أنكم تفكرون أن تخوضوا مع الخائضين ، وأن تتخلوا مع الذين لم يكن لهم من هذه الثورة إلا مقاعدهم التي عليها يتصدرون ويتصورون ..
جيل من حاملي مشروع الثورة يريد أن يتلو عليكم – أيها الإخوان المسلمون - آية طالما سمعها منكم : (واصبر وما صبرك إلا بالله، ولا تحزن عليهم ، ولا تك في ضيق مما يمكرون ، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ..) ..
أمانة قد تعهدت بأدائها وها أنا أفعل ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية