الاعتقال ومنظمات الضمير العالمي
د.هاني العقاد
الاحتلال الصهيوني لفلسطين جريمة متعددة الأوجه و متعددة الجرائم منها الاستيطان والتهويد و سرقة الأرض وطرد المزارعين الفلسطينيين منها و حرق مزارعهم أمام أعينهم و هدم البيوت و إفراغ القدس من سكانها الفلسطينيين و اعتقال الفلسطينيين دون وجه حق فقط لأنهم فلسطينيين متمترسين وراء حقوقهم الوطنية و يعملون بلا كلل لاستعادة هذه الحقوق , و استهداف هذا الإنسان بالاعتقال والقتل والإعدام المقصود هي من الجرائم التي تعتبر في حد نظري جرائم ترتقي لجرائم الحرب إلا أن الاحتلال يتباهي بارتكابه لهذه الجرائم دون حساب للقوانين الدولية والشرائع الإنسانية و السماوية , وقضية الأسري هي الجريمة التي ترتكب على مدار الساعة و يتمادي الاحتلال في ارتكابها و يصر على ارتكابها دون حساب لأي مسؤولية قانونية أو أممية لان الضمير العالمي لا يتحرك إلا عندما يريده الاحتلال أن يتحرك ... !
الاحتلال مازال يمارس الاعتقال اليومي ويرفع من وتيرته يوما بعد يوم فهو ينصب الحواجز الثابتة و العشوائية على مداخل المدن الفلسطينيين بالضفة الغربية ومن خلالها يعتقل المئات شهريا فقد أفاد تقرير مركز أحرار لدراسات الأسري و حقوق الإنسان أن 259 حالة اعتقال تمت في الأراضي الفلسطينية خلال نيسان للعام الجاري 2013 و هذا يعني أن ما مجموعه ثلاثة الآلاف فلسطيني رجال و نساء وأطفال يعتقلوا سنويا و يتم إيداعهم المعتقلات وزنازين التعذيب , منهم من يحاكم و منهم من لا يتم تقديمه لا محكمة إسرائيلية وهذا خاضع لمزاج النيابة الصهيونية و حسب التهم التي وجهت للمعتقل , وأفاد التقرير أن الكثير من الاعتقالات تمت بعد مداهمة واقتحام منازل المواطنين الفلسطينيين , وكانت في المرتبة الأولى لعدد المعتقلين من بين المدن الفلسطينية هي الخليل ومن ثم القدس العاصمة ويأتي بعدها جنين وبيت لحم و نابلس و رام الله , والأخطر من بين حالات الاعتقال هو اعتقال كثير من الأسري بعد إطلاق الرصاص عليهم وكان أخرهم ضياء نصار من طولكرم, وهذا يبين مدي حقد المحتل الصهيوني الغاشم و شراسة ممارساته الاحتلالية التي بالفعل ترتقي لجرائم الحرب .
الاعتقال سببه الاحتلال ,والسجون باقية ما بقي الاحتلال والتعذيب فيها باق ببقاء الاحتلال والقتل والتدمير و سرقة الأراضي باق ما بقي الاحتلال ,و كل ممارسات الاحتلال باقية ما بقي الاحتلال , و الاحتلال باق مادام الضمير العالمي في غياب و غيبوبة تحت تأثير الهيمنة الدولة للدولة المركزية التي تعتبر نفسها فوق كل القوانين و فوق الجميع و دولة الاحتلال تعتبر الابن المدلل لهذه الدول ,فإذا زال الاحتلال زال كل شيء وتُرك الفلسطينيين يعيشوا في أرضهم و يتطورا و ينموا كباقي شعوب الأرض ,لكن هذا يبدوا مستحيلا لان النظام العالمي هو الذي اوجد هذه الدولة المحتلة وقوي شوكتها وكان السبب في شقاء و تعاسة الشعب الفلسطيني المحتل وهو الذي يتحكم في مستويات الضمير العالمي و يهو الذي يوقظ هذا الضمير متى أراد, و مازال هذا النظام يمعن في تقوية دولة الاحتلال و يمدها بكل عناصر وأدوات القوة من المال والسلاح والمعدات المدنية والعسكرية التي بها يفعل الاحتلال ما يفعله بأرضنا الفلسطينية , فلولا المعدات العسكرية الثقيلة من جرافات و بلدوزرات وكسارات ما استطاع المحتل تجريف الأرض والبيوت ,ولولا تلك البنادق والطائرات المتطورة التي تصل دولة الاحتلال لما استطاع الاحتلال قتل المدنين الفلسطينيين بكل هذه الدقة , وأننا نعتبر أن الاحتلال هو يد النظام الامبريالي العالمي الذي به تصادر حرية المدنين الآمنين وتصادر من خلاله بيوتهم وتنتهك حرياتهم بدأً من الحق في الحياة والعيش الكريم الأمن مرورا بالحرية في التحرك و السفر إلى الحرية في التعبد وإقامة الصلاة في مساجد يذكر فيها اسم الله تعالى .
انه الاحتلال المجرم الذي يمارس الاعتقال ولا يعنيه سوي اعتقال اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين تحت أي تهم واهية و أسباب افتراضية , و الاعتقال أصبح ممارسة يومية خطيرة اعتاد عليها الفلسطينيين فما بقي بيت أو مكان إلا وداهمه المحتل واعتقل المدنين الآمنين من داخلة وما بقي تجمع سكاني مدني إلا وانتهك الاحتلال حريته في العيش الأمن والمستقر لان الاحتلال عادة ما يقتحم تلك الأحياء بالليل أو النهار لبث حالات الذعر و الخوف بين الأطفال والنساء والشيوخ واعتقال من تقع عليه عين جنوده المدججين بالسلاح , و اقتياد هؤلاء الأبطال لاماكن التعذيب والتحقيق معهم في قواعد خاصة أقامها الجيش الإسرائيلي لذات الغرض , وما يثير في كل هذه المعركة أن الضمير العالمي في حالة غياب كامل بل انه في غيبوبة مصطنعة يصم إذنيه حتى لا يعرف ما يجري على الأرض و إن وصلت إليه التقارير فانه بالكاد يقول على الطرفين ضبط النفس بقدر المستطاع حتى لا تتدهور الأمور وتصل إلى حد خطير , هذا ما يهم الضمير العالمي حتى اللحظة وهذا سلوك الضمير العالمي تجاه ما يحدث لشعبنا الفلسطيني من اعتقال و قمع و انتهاك للحقوق والحريات وكل أشكال التهديد لبقاء الإنسان واستمراره بالحياة الكريمة الآمنة المستقرة .
الضمير العالمي يا سادة يمثل حالة الصمت على ممارسات الاحتلال بما فيها احتجاز و اعتقال أكثر من خمسة ألاف معتقل فلسطيني ليس كرهائن فقط وإنما معتقلين تجري عليهم كافة التجارب و الدراسات الطبية والنفسية منها و هذا له أدلة كبير و متعددة واكبر دليل كثرة الإصابات بمرض السرطان من بين صفوف الأسري و المعتقلين المحررين و الذين مازالوا رهن الاعتقال , و لعل صحوة الضمير العالمي تعنى الوقوف مع هؤلاء البشر والدفاع عن كينونتهم الآدمية وحمايتهم من ممارسات السجان الصهيوني الذي يتعامل معهم كأنهم حيوانات لا أكثر و لا اقل يمكنه فعل تجاههم دون اكتراث أو خوف مثل حقنهم بالفيروسات لقياس مدي سرعة انتشار هذه الفيروسات بالجسم البشري و من ثم مدي إصابتها لأعضاء الجسم الداخلية والنتيجة المحتمة بالطبع, و الخطير أن هذه الفيروسات ليست من نوع واحد بل أنواع متعددة وهذا يعتبر من اخطر ما يعانى منه الأسري جميعا لدرجة أن كثير من الأسري يفضل البقاء مريضا ولا يحقن أو يعطي دواء لا يعرف تركيبته وغير معرف من قبل وزارات الصحة , لهذا فان الضمير العالمي الممثل في منظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي ومنظمات الصحة العالمية وأطباء بلا حدود ومنظمة العفو الدولية ومحكمة العدل الدولية والهيئة الأممية لحقوق الإنسان و كافة الأطراف الموقعة على برتوكول وملحق اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة , بات عليهم أن يدركوا حجم الجريمة التي ترتكبها منظمات الضمير العالمي عندما تتجاهل معاناة الأسري وتتجاهل التدخل لدي سلطات الاحتلال لتوفير الدواء والعلاج المناسب المعرف دوليا تحت مسؤولية دولية و تنكر أن قضية الأسري والمعتقلين الفلسطينيين قضية إنسانية ذهب ضحيتها حتى الآن ما يقارب المليون فلسطيني.