استهداف
أ.د. حلمي محمد القاعود
مجموعة أخبار تشكل ظاهرة غريبة جري تداولها في الفترة الأخيرة, وإن كانت تبدو غير مستغربة في سياق استهداف الإسلام علي مدي تاريخه.
من هذه الأخبار قيام مجموعة بوقفة أمام مكتبة الإسكندرية من أجل حذف خانة الديانة في البطاقات الشخصية تحقيقا لما تسميه المجموعة بالمساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم, ومن الأخبار قيام حزب علماني في بلد عربي بتقديم مشروع قانون لإلغاء الإسلام من الدستور والنص علي الفصل التام بين الدين والسياسة وحصر الإيمان في المجال الخاص, ومن الأخبار قيام وزير داخلية في بلد عربي بالتوقيع علي أول زواج مدني بين عروسين بالمخالفة للشريعة, ومن الأخبار تغيير الإجازة الأسبوعية في بلد عربي لتكون الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة, ولحق بهذا الخبر في البلد العربي المذكور خبر آخر يحمل دعوة من شخصية وصفت بالإعلامية النافذة لتأخير موعد صلاة العشاء حتي لا يتعطل العمل!
يلفت النظر أن هذه قضايا لا تتعلق بأولويات هموم البلاد العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تفرض علي الشعوب والحكومات العربية أن تنهض لتحرير إرادتها وبناء اقتصادها ومجتمعاتها, بما يكفل لها الاكتفاء الذاتي ويرقي بأبنائها في مجالات العلم والمعرفة والتطور السلوكي والقيمي.
كما يلفت النظر أنها تأتي في وقت حرج يمر به معظم العرب علي المستويين الداخلي والخارجي, ويكاد يعيدهم إلي عصر الطوائف مرة أخري, ويخضعهم تماما لإرادة عدو لا يرحم.
ثم يلفت النظر أن صانعي هذه الأخبار يركزون علي دين الأغلبية الساحقة لإقصائه وتغييبه وتحويل البلاد العربية الإسلامية إلي نسخة رديئة ومتخلفة من دول الغرب, حيث لم يفكروا مثلا في تقليده في المجال التكنولوجي أو الصناعي أو الزراعي أو التعليمي أو الشرطي أو غيره.
من حق أي شخص كان أن يقترح أو يطالب بما يشاء, ولكن ليس من حقه أن يفرض إرادته علي الأغلبية, وخاصة في القضايا التي تتعلق بالاعتقاد والإيمان والشريعة. إن الغرب مع ما يقال عنه من تقدم وتحرر وليبرالية مازال يتحدث عن هوية غربية ويرفض الحجاب والنقاب والمآذن وعطلة الجمعة والعيدين وتعدد الزوجات والطلاق بالمفهوم الإسلامي وحق الأبوة علي البنات بعد سن معينة.