قضاء مصر الفاسد
م. عبد الله مليجى الدمياطي
خاب أمل الشباب المصري في رؤية وضع العدالة يتغير خاصة وأن الثورة قامت أساساً على مطلب عدالة، للتخلص من القهر والاستبداد، فكان على الشباب أن يتحرك للهروب من الاستعباد والظلم ومن غياب العدالة بمعناها الضيق والواسع.
فلم يكن أبدا للقضاء استقلال في عهد نظام المخلوع وارتكبت كثير من الجرائم كان أبطالها قضاه فكانت الحياة خارج إطار القانون والمحاسبة لذلك كان مطلب المحاسبة من المطالب الأساسية لثورة 25يناير، وكنا ننتظر أنه بمجرد قيام الثورة سوف تتخذ الدولة إجراءات حاسمه لتطهير القضاء والاستجابة للنداءات التي ينادى بها الشباب وهى أقامة مؤسسة قضائية عادلة بدلا من قضاء مبارك المسيس .
لقد عانينا الكثير من الاضطهاد والظلم في زمن المخلوع حيث كان القضاء يمثل الغطاء في إصدار أحكام ظالمة وجائرة بحق الشعب بدون تحقيق أو محاكمات حقيقية حيث ذهب الكثير من الأبرياء وما أكثرهم زج بهم في غيابات السجون، وبعد زوال مبارك كانت الأنظار تتجه نحو هذه المؤسسة المهمة فالمؤسسة القضائية التي أصبح من مهماتها بعد الثورة هو القصاص من إتباع النظام البائد وإقامة الأحكام العادلة التي تضمن حقوق الناس وحقوق شهداء الثورة ولكن وللأسف يوما بعد يوم تنكشف حقيقة هذا القضاء الفاسد الذي يشهد الجميع انه يسير على خطى أل مبارك وينتقم من الثورة والثوار ليثبت للجميع بأنهم قد ثاروا على أُناس أبرياء أليست هذه مهزلة أن يجتهد القضاء في إثبات فقط براءة نظام المخلوع ورجاله بدعوى أن لا أدلة كافية، عن اى أدلة تبحثون لقد تم تبرئة كل من اتُهم بقتل الثوار رغم وجود الدلائل الواضحة ضد القتلة وعلى رأسها الفيديوهات المسجلة للأمن وهم يطلقون الرصاص الحي على المتظاهرين، هذه هي العدالة العمياء التي أصبحت تهدد أمن المجتمع واستقراره حتى أصبح المواطن العادي لا يثق في المنظومة التي من المفترض أن تحميه من الظلم الواقع عليه، وكيف يثق به وهو يرى القتلة يخرجون من السجون بشكل استفزازي لمشاعر الثوار وبأحكام تدمي قلوب أسر الشهداء الذين يريدون القصاص العادل لدماء فلزات أكبادهم.
إذا لماذا ثرنا عليهم وهم ليسوا بمجرمين، وليسوا بفاسدين، وليسوا بسارقي للمال العام وليسوا بقتلة للثوار لا بل أبرياء لا ذنب ارتكبوه، ولا عقاب يستحقوه وهذا هو حكم دولة القانون!!
إن القضاء في أي دولة هو حصن العدالة وهو الأمل الوحيد للشعب في حال وجود أو اى نوع من أنواع الفساد حيث يلجأ إليه الناس لتحقيق العدالة، فإذا كان القضاء فاسد وتراخي في اتخاذ القرارات السليمة أنهار المجتمع بكل ما فيه من مؤسسات وأشخاص وهذا ما وقع في مصر قبل الثورة وللأسف بعد الثورة أيضا فالقضاء ليس السلك الوحيد الذي حاد عن مهامه الأصلية فهو نفس الوضع مع الأمن وباقي مؤسسات الدولة وكأنهم لم يخلقوا إلا لخدمة عصابات مبارك التي استولت على كل شئ، لقد كان القضاء المصري مسيس وخاضع لأهواء سلطة مبارك ولم يتخلص من هذه الخضوع لنظام مبارك حتى بعد الثورة وهذا واضح تماما في التعامل مع الملفات التي يتعامل معها وتتعلق بنظام المخلوع ورجالة.
إن الثورة يجب أن تعمل على تغييرا حقيقيا إذ لا جدوى من ثورة لا تعيد ترتيب الأمور على النحو الذي يصبح الإنسان هو مدار اهتمامها ولابد من ثورة تجتث منظومة القضاء القديمة والفاسدة.
فكان الواجب على شباب ثورة25 يناير المضي قدما في هدم أُسس نظام حكم المخلوع وهى السلطة القضائية فوجود هذه المؤسسة المليئة بالفاسدين هو خطر على الثورة لان ولائهم فقط لمبارك ونظامه فقد ارتكبوا جرائم واضحة جلية في حقِ الشعب المصري وثورته
كفانا أوهام عن احترام القضاء ورجاله فلم نرى منهم إلا الذل والظلم والمماطلة ومن لم يعلم أن بعض هؤلاء القضاة كانت تملى عليهم الأحكام السياسية بعيداً عن القانون، ومن لم يعلم إنهم كانوا شركاء رئيسين في تزوير الانتخابات ، ومن لم يعلم أيضا أن معظم القضاة المعينون هم من أبناء القضاة وأبناء لواءات الشرطة والجيش ولا مكان لأبناء الفقراء حتى الأوائل منهم فهم فقراء مستبعدون
لقد آمنا زمناً طويلا بوهم بنزاهة القضاء حتى انعم الله علينا وارانا الجهاز القضائي بعيون يقظة لا تغشاها أوهام فنظام المخلوع لم يسقط بعد فمبارك ممتد يضرب جذوره عميقاً في جميع مؤسسات الدولة.
وأخيرا أقول بان الفساد القضائي هو المنبع الأساس للظلم والتخلف والقهر وهو المؤسس لجميع الويلات الإنسانية في العالم ، فمن دون عدالة تنفرط جميع الأمور ولا يبقى في الساحة غير حكم القوة ومنطقها المتعسف.
الفساد القضاء يعني أن صوت الأبرياء غير مسموع بينما المذنبون يتحركون دون خشية من العقاب
الفساد القضائي يعني أن صوت الأبرياء لا يسمع بينما يتصرف المذنبون بحصانة.