آخر خبر...
قصص من عالم السياسة
نبيل عودة
كاتب , ناقد وصحفي فلسطيني – الناصرة
في خضم الإعداد لزيارة الرئيس "اوباما" التاريخية لاسرائيل والسلطة الفلسطينية حدث ما سبب للإدارة الأمريكية وللرئيس الأمريكي نفسه قلقا وهلعا شديدين.. وذلك لأن أخبار الولايات المتحدة وخطوات رئيسها وحتى السرية منها، معروفة لدى اليهود الأمريكيين، وتنشر في اسرائيل قبل ان تصل للجمهور الأمريكي، بل قبل ان يقرر الرئيس الأمريكي رأيه بها نهائيا.
المقلق أكثر ان بعض المعلومات شديدة الحساسية والسرية ، التي تتعلق بأمن الدولة الأمريكية، هي أيضا مكشوفة أمام إسرائيل والمواطنين اليهود، كيف جرى ذلك سابقا ويجري حتى اليوم بصمت غير مبرر من أجهزة الدولة؟ ليس هنالك جوابا على هذا السؤال من المسؤولين الكبار. هي سر على الدول الحليفة في الحلف الأطلسي مثلا وليس عن الصديقة المشاكسة في الشرق الأوسط ، السجين اليهودي بولارد هو نموذج لقدرات اليهود الأمريكيين على اختراق "الصندوق الحديدي" لأكثر أسرار الدولة الأمريكية حساسية ويبدو ان سجن بولارد لم يوصل الرسالة للمعنيين، لذا لم يتغير الحال، مما يشكل اختراقاً أمنياً خطيراً قد يسبب إشكاليات كارثية في المستقبل، معرضا الإدارة الأمريكية للإبتزاز الإسرائيلي، الذي تجهد الإدارة الأمريكية على تقليص سلبياته امام حلفائها.. والتظاهر بأن الأمر مجرد حب من طرف واحد استوطن في القلب وما في اليد حيلة.
الحقيقة ان "اوباما" عندما وصل للرئاسة كان واهما بقدرته على التخلص من هذا الحب الطاغي الذي يظن البعض انه احد البنود الأساسية في الدستور الأمريكي، خاصة بكل ما يتعلق بصلاحيات الرئيس. هذا العشق كلف العاشق بطيب خاطر طبعا مئات المليارات من الدولارات ويقول البعض انها 900 مليار تقريبا والله أعلم...قدمت كهدايا للمحبوب. طبعا هي ليست باقات ورد لإغراء المعشوق جنسيا ، كما قد يتوهم قليلو العقل.
عند مجيء "اوباما" الى القاهرة ليعلن عن امريكا جديدة متحررة من البكاء على "أطلال خولة" ومنفتحة لإقتراحات عشق جديد، نال "اوباما" على جرأته تلك جائزة نوبل اذ توهم القيمون على الجائزة ان الأسود سيحقق السلام الذي لم يجروء على تحقيقه بيض البشرة السابقين. ثم تاب "اوباما" عن فعلته هذه التي وصفها قادة الحزب الجمهوري المنافس ب "الخيانية المشينة"، وعاد الى ربه تائبا خاشعا قبل ان يفقد منصبه في الدورة الإنتخابية الثانية للرئاسة الأمريكية.
لكي يفهم ما يدور في دولته العظمى وكيفية انكشاف الأسرار الهامة للطرف الإسرائيلي، استدعى "اوباما" بشكل عاجل مدراء مكاتب المخابرات كلها وكل العاملين الكبار في مجال حفظ الأسرار الأمنية والسياسية وعلى راسهم مدير ال"C.I.A"، وإغلقت الأبواب ووضع الحراس عليها منعاً لتسرب خبر الاجتماع.
أعلن الرئيس ان الاجتماع سريٌّ وولا يمكن نقل تفاصيله لوكالات الأنباء او للموظفين الأصغر في المؤسسات الأمنية المختلفة حتى نفحص بالتسلسل من أعلى الى أدنى من اين تتسرب أخبارنا وأسرارنا .
طرح "اوباما" الموضوع بلهجة غاضبة مبيناً الخطورة من تسرب الأنباء الحساسة لليهود الأمريكان وحيث يجري اعلام إسرائيل بها ، مما يجعل ادارة البيت الأبيض مهزلة في أعين شعوب الشرق المتخلفة ، هذا بحد ذاته غير ذات بال، غير ان الحلفاء الأوروبيين باتوا يتذمرون ويخفون اسرارهم عن صديقتهم العظيمة عبر الأطلسي.. ولحماقتهم يظنون ان اسرار البيت الأبيض مكشوفة فقط للمحبوب الذي يبلغ البيت البيض بكل التفاصيل التي لا تعجبه في الدول الأوروبية ، ليظلوا على وهمهم حتى لا يربكوا البيت الأبيض بهموم جديدة!!
اضاف "اوباما" بلهجة غاضبة : ان أسرارنا هي سرٌّ حتى على الشعب الأمريكي ، بينما اليهود عندنا يعرفون كل التفاصيل، اسرائيل تعرف اسرارنا وتنشر صحافتها أخبارنا قبل ان يعلم بها الشعب الأمريكي، أي قبل ان نعلنها، مما يسبب لنا إرباكاً سياسياً وخللاً في وظائف أجهزة الأمن والسياسة الخارجية. هذه مسؤوليتكم ان تكشفوا كيف تتسرب أخبارنا وما هي الوسائل المطلوبة لتأمين اسرار دولتنا.
مدير السي.آي.إيه استخف بالمعلومة وقال ان هذا الوضع هو القاعدة المعروفة ولا أعتقد انه يمكن تبديله ، التجربة سيدي الرئيس علمتنا ان وضع وسائل جديدة هو صرف مادي وجهود كبيرة لن تصمد الا لساعات يعود بعدها كل شيء مكشوفا لهم من جديد، ان صديقتنا وحليفتنا الإستراتيجية اسرائيل أثبتت انها اهل لحفظ اسرارنا الأمنية، واذا استفادت منها فهذا لا يضرنا بل يخدمنا، يبقى سيدي الرئيس والزملاء الأعزاء مشكلة الأخبار وهذه من يهتم بها؟ العرب سيدي لا يقرأون واذا قرأوا لا يفهمون، كما قال مؤسس دولة اسرائيل دافيد بن غوريون، أي لا يعرفون ما يدور حولهم وبالتأكيد لا تريد انظمتهم ان تعرف، العارفون يصمتون لأننا نوفر لهم الحماية واستمرار جلوسهم على رأس الأنظمة، يجب أن لا ننسى ان اسرائيل دولة قوية وهي ضمانة لهم ايضا، لذا لا خوف من استمرار حبهم وخضوعهم للولايات المتحدة, من هنا لا ارى ضرورة لنواصل بحث هذا الموضوع الذي استهلك أبحاثا عديدة مضنية من الإدارات السابقة ايضا وكل ما اتخذناه من خطوات لتقليص تسرب اسرارنا وأخبارنا باء بالفشل.
فوجئ "اوباما" وقال: "هذا تهاون واستخفاف بعظمة الدولة الأمريكية ويجب ان نعرف كيف تتسرب المعلومات".
فسر مدير الأمن الداخلي الأمر بان اليهود شعب "حشري" يستفسر أبنائه دائماً عما هو جديد في السياسة والعلوم والإختراعات، فوراً ينتشر الخبر بينهم وينقل الى اسرائيل، بينما الأمريكيون يهتمون بال"هامبورغر" وال"هات دوغ" وال"فاست فود" المختلف وألعاب الكرة المختلفة .
غضب "اوباما" لهذه الأجوبة العاجزة وانتقدهم بحدة قائلا: هل انتم جهاز مسؤول ؟ كيف تتحكمون باكثر الأجهزة حساسية وتعجزون عن تفسير مسألة تسرب أسرارنا؟
بعد فترة صمت سيطر على أعصابه واضاف: بأنه يبدو ان انتقال المعلومات السرية لا يمكن كشفها الا اذا كنت يهودياً، هذا ما أفهمه من كلامكم. لأن اليهود يتبادلون المعلومات بينهم فقط ولا ينقلونها لمن ليس يهوديا وبذلك يتعذر علينا معرفة مصدر وصول المعلومات لهم.. هذا هو تبريركم؟!
ساد الصمت في القاعة . قال "اوباما" بعد ان سيطر على غضبه حسنا سأفحص الموضوع بطريقتي.
في نفس اليوم قرر "اوباما" بشكل سري مخفيا ذلك عن زوجته وابنتيه، ان يتنكر بملابس يهودي، حيث وضع لحية اصطناعية وشبك قبعة دينية سوداء بشعر رأسة (الكيباه بالعبرية) لبس الملابس السوداء التي يرتديها اليهود المتدينيون الأورتوذكس، ركب أول طائرة متوجهة الى نيويورك، ثم الى بروكلين اليهودية ومنها الى الحي الأكثر تزمتا باليهودية في نيويورك – حي "كراون هيتس".
التقى هناك بيهودي كبير في السن، سأله: هل من أخبار جديدة يا أخي؟
رد عليه اليهودي بصوت خافت وحذر: ألم تسمع آخر خبر؟ السافل "اوباما" تنكر بزي يهودي ووصل الى حينا!!