ترشيح الهاشمي ... غير المتوقع يحدث دائما !!

ترشيح الهاشمي ... غير المتوقع يحدث دائما !!

د. هدى حمودي

تناولت وسائل الإعلام على مدى الاسبوع الماضي الترحيب الإسلامي لترشيح منظمة المؤتمر الاسلامي التي تتخذ من مدينة (جدة) السعودية مقراً لها، الاستاذ طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي لمنصب الامين العام للمنظمة خلفاً للتركي البروفيسور اكمل الدين إحسان اوغلو الذي سيتقاعد في اذار من العام المقبل , كما تناولت تأكيد 54 دولة اسلامية عضو في المنظمة تأييدها لهذا الترشيح , ومنظمة المؤتمر الاسلامي تضم في عضويتها (57) دولة موزعة في اربع قارات، وتمثل بلدان العالم الاسلامي وهي المنظمة العالمية الثانية بعد هيئة الامم المتحدة ، والتي كانت قد تأسست في نهاية ايلول 1969 رداً على جريمة احراق المسجد الاقصى في القدس المحتلة , وهذا الترشيح مكسب كبير للعالم الإسلامي كافة والعراق خاصة، نظراً لجهود الهاشمي في دعم العمل الإسلامي المشترك وتحقيق السلم الأهلي، كما أنه يمثل إعترافا دوليا ببراءة الهاشمي من التهم الموجهة إليه , وهو بمثابة تحرك دولي لرد الإعتبار للهاشمي جراء ما لحق به من ظلم وإجحاف.

وكان الترحيب الكبير الذي حظي به الترشيح صدمة لكل من العراق وايران وسوريا ... تلك الصدمة التي تذكرنا بمبدأ (أن غير المتوقع يحدث دائما) , حيث ان إيران كانت ترى أن شباكها لقفت الهاشمي بلا رجعة , وأن عودته بهذا القوة ضربت مخططاتها بالصميم كما أن هذا الترشيح يعد ضربة للقضاء العراقي الذي اصدر أحكام تعسفية بحق الهاشمي على خلفية اعترافات مفبركة يشوبها نوايا الإقصاء والتهميش والاستهداف الطائفي , عكست طبيعة الحكم الطائفي للعراق , وانحدار القضاء العراقي في هوة التسييس , فقد تناقلت مصادر مطلعة في نقابة المحامين التعامل الانتقائي مع قضية الهاشمي وأن هناك مجموعة مايسمى بهيئة الرأي في محكمة الساعة تملي القرارات المعدة سلفاً على القضاة ... ومن المفارقات الغريبة أن أعضاء في ائتلاف دولة القانون نددوا بترشيح الهاشمي , مؤكدين أن بإمكان الهاشمي ان يقدم اعتراضه وتعاد محاكمته وفق ما ينص عليه القانون العراقي , وإن من حقه ان يقدم كافة الادلة التي تدعم براءته ويمارس حياته من جديد، متناسين أن القضاء العراقي حرم الهاشمي من حقه في نقل الدعوة , كما حرم فريق الدفاع من ممارسة حقوقه في الترافع وفي الاستماع لشهود النفي .

ولكن هذه الزوبعة الإعلامية المعادية للهاشمي ليست بجديدة فهي نهج دأب عليه الإعلام الطائفي , كما أنه لا يغير من الحقيقة شيء , لأن لهذا الترشيح مبررات كثيرة منها العمق التاريخي والإسلامي لشخصية الهاشمي الذي ينتمي لعائلة عراقية هاشمية أصيلة , بالإضافة إلى شبكة العلاقات الدولية التي تربطه مع عدد كبير من الشخصيات الإسلامية بما يعطي دفعا لعمل المنظمة , كما أن اهتمامات الهاشمي في ملف حقوق الانسان يعطي دعما لعمل المنظمة في مجال التصدي لقضايا اسلامية مهمة مثل قضية مسلمي الروهينجا الذين يعانون من التمييز الديني والعرقي في بورما ومواجهة التحديات التي تعترض عمل المنظمات الانسانية في الدول الإسلامية ، والتي تحول دون وصول المساعدات إلى اللاجئين المسلمين الفارين من ميانمار , كما أن وجود الهاشمي كأمين عام لمنظمة التعاون الإسلامي سوف يعمل على مواصلة تعاونها الوثيق مع المجتمع الدولي من أجل الوصول إلى صيغة حل لقضية مسلمي ميانمار ... من جانب آخر فإن قيادة الهاشمي للمنظمة في هذا الوقت سيعطي دفعاً قوياً لملفات اسلامية مهمة منها ملف العلاقات الإسلامية – الإسلامية وقضية فلسطين وعروبة القدس ومواجهة التطرف والطائفية التي كان الهاشمي احد ضحاياها , ويأتي هذا الترشيح تقديراً لجهود الهاشمي في هذه الملفات , كما أن تضحيات هذا الرجل يصعب تجاوزها أو القفز عليها مهما كانت الأسباب ، لأن التاريخ لم ينته بعد كما كتب بعض المتفائلين من الفلاسفة الجُدد!!