حتى لا نصنع الفرعون!!
علاء سعد حسن حميده
باحث مصري مقيم بالسعودية
كلما طالعت شاشات الفضائيات ووجوه النخبة – وكل هنا للتغليب لا التعميم- تذكرت حكاية الفتاة التي اضربت عن الزواج بسبب عقدتها من رؤيتها اباها يضرب امها، والذي اصابته فوبيا الظلام أو الأماكن المرتفعة أو.. أو.. نتيجة خبرات سلبية سابقة في ظروف غير طبيعية، أو كما نقول في مصر ( اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي ) ويقولون في المغرب ( اللي عضو الحنش كيخاف من الحبل )..
استدعي كل هذا التراث الفوباوي المرضي وانا اسمعهم يثيرون في وجوهنا فزاعة اعادة انتاج الفرعون، وأرى أن هذه الفزاعة فوبيا مرضية مثلها مثل غيرها من الفوبيات غير المبررة.. الواقع ان النفاق يصنع الفرعون.. والخنوع والذلة ورضا المهانة وقبول الاهانة، والخوف المرضي، والسكوت عن قول الحق، وعدم التعبير عن الرأي، وترك المشاركة في العمل العام، وعدم تقوية مؤسسات المجتمع المدني، والتلون الاعلامي، والتزلف المؤسسي من مؤسسات الدولة المختلفة.. كل هذا وأشباهه ونظائره، يصنع الفرعون ..
ان القضاء على هذه الممارسات النفاقية الفجة التي مارسها واعتاد عليها واجادها المتلونون والمتحولون وماسحو الجوخ، وأغلبهم لﻷسف الشديد ممن يثيرون فزاعة صناعة الفرعون اﻵن!
إن القضاء على هذه الممارسات وممتهنيها كفيل في حد ذاته بتقليل فرص صناعة الفرعون.. ان الفوضى وحرية ممارسة الكذب والتضليل وخداع الرأي العام، واطلاق الشائعات المغرضة ومحاولة تعطيل مؤسسات الدولة واثارة البلبلة والحض على الكراهية والتحريض على فئات من الشعب.. كل هذا لا يمنع صناعة الفرعون ولكنه يعمل بالتأكيد على زعزعة استقرار الدولة وتقويض هيبتها وامتهان مؤسساتها وسقوط رموزها..
إن ما أقوله ليس كلاما واسعا فضفاضا واتهامات جزافية يمكن الصاقها بأي أحد، وإنما هي معايير محددة تحدد الفرق بين الرأي والسباب، الرصد والتجني، الحرية والفوضى، المعارضة والتربص!!
انني من موقع المعارضة أحذر من صناعة الفرعون وسقوط حقوق مؤسسة الرئاسة على السواء، فكلاهما خطر على مصر..
وابشركم أن زمن الفرعون انتهى فنحن في زمن الشعب، إن سيادة الشعب وارادته يعكسها نتيجة الصندوق، وعلى الجميع احترام ارادة الشعب وحده ..